خبر الانقلاب العسكري ليس الخطر الوحيد -هآرتس

الساعة 10:26 ص|17 يوليو 2016

فلسطين اليوم

بقلم: جدعون ليفي

 (المضمون: الانقلاب العسكري يناقض الديمقراطية وهو أمر خطير، لكن سلوك الحكومات ايضا يكون احيانا مناقضا للديمقراطية وخطيرا  - المصدر).

الشعب التركي من بين الشعوب وجيشه من بين الجيوش، وضعوا في نهاية الاسبوع تحديا كبيرا أمام العالم الديمقراطي: هل مشروع اسقاط انظمة نصف ديمقراطية أو التي تهدد الديمقراطية بوسائل غير ديمقراطية. هل يجب تقديس كل سلطة، مثل تلك التي انتخبت بشكل ديمقراطي لكنها تضر بالديمقراطية وحقوق الانسان بشكل خطير ومتواصل. هل مسموح اسقاط نظام خطير كهذا فقط في صناديق الاقتراع، حتى لو كان ذلك في ظل معرفة أن الطريق اليها معبدة بغسل الأدمغة، واحيانا بالفساد. الجواب على كل هذه الامور كان قاطعا: من ينتقد حكم اردوغان بشدة تحفظ من محاولة الانقلاب العسكري ضده.

لقد تم انتخاب رجب طيب اردوغان قبل 13 سنة ليكون رئيس الحكومة الـ 26 لتركيا. وقد ساهم في تطور بلاده بشكل بارز. ومع حدوث النمو الاقتصادي زاد التشريع الديني والقومي المتطرف اللاديمقراطي: تم منع الاجهاض وتم كبح الجيش واعتقل قادته وتم الاضرار بحقوق الانسان وحرية التعبير، بما في ذلك اعتقال صحافيين والسيطرة على وسائل الاعلام. الكثير من الجمهور التركي خشي من ذلك. وحقيقة أن اغلبية الشعب التركي أيدت هذه الاجراءات لم تجعلهم أكثر ديمقراطية.

          قسم من الجيش حاول في نهاية الاسبوع اقالة المسؤول عن ذلك. ومثل أي انقلاب عسكري، فان محاولة عزله عن الحكم هي إضرار بالديمقراطية، لكن تركيا مليئة بالتناقضيات. فالجيش هو الذي يحافظ على العلمانية، وبشكل غير مباشر هو الذي يحافظ على الديمقراطية ايضا. هل مسموح للجيش الذي يقلق على العلمانية والديمقراطية في الدولة اقالة الرئيس؟ الجواب بالطبع لا. ومع ذلك، الانقلاب الفاشل الذي سيعزز اردوغان أكثر ويحوله الى أقل ديمقراطي، أوجد أكثر من بُعد.

لم يتبين بعد اذا كانت محاولة الانقلاب قد حركتها صراعات القوى، وفي جميع الحالات الحديث عن تدخل غير شرعي. ولو كان الحديث عن مقاومة شعبية لما كان يمكن عدم اظهار التقدير على جرأة وتصميم كل من عرض حياته للخطر من اجل التغيير، حتى لو كان هذا الاجراء غير ديمقراطي. في دول كثيرة، ولا سيما في اسرائيل، يتم التعاطي مع السلطة كأمر مصيري وككارثة طبيعية لا يمكن فعل أي شيء ضدها حتى لو كانت السياسة سيئة وشيطانية. ليس هناك فرصة لأن تحدث في اسرائيل مقاومة من خارج البرلمان تخاطر في سبيل احداث التغيير. وباسم الديمقراطية المفبركة يوافق الاسرائيليون اللامبالون على كل شيء بخضوع وانضباط، بدء من سيطرة الدين على حياتهم وحتى التضحية بأبنائهم من اجل الاحتلال. ليس هناك أي صلة بين هذا الامر وبين الديمقراطية، لذلك فان أي تصرف مدني آخر مثل مقاومة نظام الحكم بطرق غير ديمقراطية أو غير اخلاقية، يستحق التقدير.

 

في السنوات الاولى للدولة تم ذكر أكثر من مرة امكانية الانقلاب العسكري وذهاب الدبابات الى الكنيست. وقد تم النظر الى هذا الامر برفض وتحفظ حتى عندما كان الجيش بقرة مقدسة. وتبين على مدى السنين أن الجيش لا يحتاج الى الانقلاب. فبدون الانقلاب هو الجهاز الأقوى في الدولة. وبعد ذلك تأسست مجموعة قوية أكثر من الجيش هي مجموعة المستوطنين ومؤيديهم الذين بدأوا بارسال أذرعهم الى قيادة الجيش للسيطرة عليه من الداخل. وكل شيء بالطبع بشكل ديمقراطي. واستمرت كل حكومات اسرائيل في جرائم الاحتلال، بشكل ديمقراطي بالطبع، وتراجعت امكانية انتهاء الاحتلال بشكل ديمقراطي. وفي مقابل حكومات متطرفة، الجيش بالتحديد ظهر احيانا كعامل معتدل. إن الاحداث المشتعلة في تركيا تثير سؤال هل مسموح باسم الديمقراطية فعل أي شيء، بما في ذلك فرض الدين والقومية المتطرفة واللاديمقراطية أو استمرار القمع وتعذيب شعب آخر. الانقلاب العسكري هو خطوة خطيرة مرفوضة وغير ديمقراطية، لكن يجب علينا تذكر أنه ليس الخطوة الغير ديمقراطية الوحيدة.

كلمات دلالية