خبر الديمقراطية لم تنتصر- يديعوت

الساعة 10:19 ص|17 يوليو 2016

فلسطين اليوم

بقلم: بن – درور يميني

(المضمون: يحتمل أن يكون ينبغي رفض الانقلاب العسكري في كل الاحوال. يحتمل أن يكون اردوغان هو أهون الشرور. ولكن الانقلاب الذي فشل افشل ايضا ما تبقى من الديمقراطية التركية. كانت لها سنوات سيئة. من هنا فصاعدا، ستكون لها سنوات اسوأ بكثير- المصدر).

ليس واضحا بان النوايا كانت طيبة. واضح ان النتيجة ستكون سيئة. لتركيا بالاساس. فمنذ نحو عقد ونصف يوجد لتركيا زعيم شعبي وقوي، رجب طيب اردوغان، الذي كلما قوى نفسه، أضعف الديمقراطية. والان، في اعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة، سيكون الزعيم أقوى أكثر فأكثر، والديمقراطية أضعف أكثر فأكثر. الاغلبية تؤيد اردوغان، وقد انتخب في اجراء ديمقراطي, الموضوع هو ان لا حاجة للعودة الى الاجراء الديمقراطي في المانيا في  الثلاثينيات كي نفهم بان الاجراء الديمقراطي لا يضمن الديمقراطية. بعيد عن ذلك.

منذ عشرات السنين وتركيا تعيش في توتر بين الجيش، الذي يعتبر علمانيا، وبين الحكم الذي يوجد في ايدي احزاب اسلامية. في  التسعينيات سيطر على تركيا حزب الرفاه، الذي ترأسه نجم الدين اربكان، والذي شغل منصب رئيس الوزراء. اربكان، مثل حزبه، كان اسلاميا واضحا. اما الجيش التركي، الذي تبوأ الدور التقليدي لحارس تقاليد مؤسس تركيا العلمانية، مصطفى كمال أتاتورك، فقد اسقط حزب الرفاه من  الحكم. وصادقت المحكمة الدستورية التركية على رفض الحزب. رفع الحزب واربكان التماسا الى المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان، والتي هي المحكمة الدولية التي ضمن صلاحياتها تقع كل دول اوروبا. وقررت المحكمة في قرار دراماتيكي وتأسيسي بان قرار رفض الحزب قانوني، لانه من يهدد مبادىء الديمقراطية ويخطط لنظام ثيوقراطي لا يستحق حماية المحكمة.

احد شباب الحزب كان رجب  طيب اردوغان. وقد اسس حزب العدالة والتنمية، الذي هو في واقع الامر حزبا ابنا للحزب الذي رفض. وفي غضون وقت قصير استولى حزب العدالة على الحكم، في اجراء ديمقراطي تماما. في اثناء العقد السابق نجح اردوغان في اضعاف مراكز القوى العلمانية، وعلى رأسها الجهاز القضائي، الجيش، الشرطة ووسائل الاعلام. وفرض اردوغان ديمقراطية عرجاء في ظل المس الكبير بحرية التعبير والمس المتكرر بالشبكات الاجتماعية التي في تركيا ايضا هي مركز للانتقاد الشديد  على الحكم.

ضحكة المصير هي أن اردوغان ذاته ركض بنفسه ليلة أول أمس نحو الشبكات الاجتماعية، التي كانت معطلة جزئيا كي يدعو الشعب الى انقاذ حكمه. ونجح في الوصول الى قناة تلفزيونية قطرية بالذات من خلال « فيس تايم » ونشر تغريدة ايضا: أدعو الامة للخروج الى المطارات والميادين لاعادة الديمقراطية وارادة الشعب". لقد فشلت محاولة الانقلاب ايضا بسبب الاستخدام الناجع للشبكات الاجتماعية واخراج الجماهير الى الشوارع.

تتضمن ديمقراطية اردوغان مئات مواقع انترنت مغلقة باوامر من الحكم وعشرات الصحافيين الذي رفعت الدعاوى ضدهم و/او زجوا الى السجن بسبب اهانة الحاكم الاعلى. والنتيجة هي ان تركيا تسير نحو احتلال مكان أدنى فأدنى في جدول الديمقراطية. فقرابة عقدين مرا منذ اخرج الجيش حزبا اسلاميا عن القانون ونال تأييد المحكمة الدولية الاهم. في تلك العهود كانت تركيا اكثر ديمقراطية بكثير. الزمن مر، تركيا أصبحت أقل ديمقراطية، واحتمال هزيمة اردوغان من خلال مركز القوة العلمانية الاهم، الجيش، يقترب من الصفر.

للانقلاب العسكري يوجد دوما رائحة كريهة.  ولكن عندما يمثل الجيش بالذات قيم الدولة العلمانية، فيما يمثل الحكم المنتخب التدهور نحو المزيد من الاسلامية، فليس واضحا بان قرار الاغلبية هو كل شيء. الديمقراطية هي ايضا حكم  الاغلبية ولكنها ليس فقط حكم الاغلبية. لقد اصبحت حماس الحزب الاكبر في انتخابات ديمقراطية. فهل ثمة هذا ذرة من الديمقراطية. الاخوان المسلمون سيطروا على مصر في انتخابات ديمقراطية. وفي غضون وقت قصير تمكنوا من أن يضربوا كل قسم طيب تقريبا. الجيش لم يقم بانقلاب. انضم اليه. في هذه الاوضاع لا يكون الخيار بين الخير والشر بل بين الشر وشر اسوأ منه. يحتمل أن يكون ينبغي رفض الانقلاب العسكري في كل الاحوال. يحتمل أن يكون اردوغان هو أهون الشرور. ولكن الانقلاب الذي فشل افشل ايضا ما تبقى من الديمقراطية التركية. كانت لها سنوات سيئة. من هنا فصاعدا، ستكون لها سنوات اسوأ بكثير. 

كلمات دلالية