خبر السيسي ينتظر بيبي ... هآارتس

الساعة 09:43 ص|15 يوليو 2016

بقلم

يوم الاحد مساء، حين رافق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وزير الخارجية المصري سامح شكري الى سيارته في ختام لقائهما، توقف الرجلان لبضع لحظات أمام شاشة التلفزيون في مدخل منزل رئيس الوزراء في القدس، والذي كان يبث المباراة النهائية لبطولة اوروبا في كرة القدس بين فرنسا والبرتغال، واطلعا الى النتيجة.

 سارع المصور حاييم تساح من مكتب الصحافة الحكومة الى تخليد اللحظة وبعد وقت قصير من ذلك ظهرت تغريدة في حساب نتنياهو الرسمي على التويتر. « سارة وأنا استضفنا هذا المساء وزير الخارجية المصري سامح شكري في منزلنا في القدس. وتفرغنا لبعض من الوقت لمشاهدة نهائي اليورو، جاء في التغريدة الى جانب صورة »الادانة« .

 لقد كان شكري وزير الخارجية المصري الاول الذي يصل الى اسرائيل منذ تسع سنوات. ولم تعبر غير قليل من المحافل في مصر عن ارتياحها من الزيارة المغطاة اعلاميا، ولكن مشكوك ان يكون شكري قدر بان ما سيجلب عليه الهجمات هي صورة بريئة جدا، قد تكون سوقت بحماية زائدة من نتنياهو ومكتبه. ووجد وزير الخارجية نفسه ينشر بيانا اعتذاريا، يدعي فيه بانه مجرد مر في المكان حين كان التلفزيون مشعلا وانه لا يشاهد كرة القدم في لقاءات سياسية هامة.

 وعندما لم يكن نتنياهو وشكري يشاهدان كرة القدم فقد كانا يحدثان اساسا في الموضوع الفلسطيني. فبعد شهرين من خطاب الرئيس المصري عبدالفتاح السياسي، والذي دعا فيه اسرائيل، الفلسطينيين والدول العربية للعمل على مسيرة سلمية في الشرق الاوسط، يحاول المصريون الفحص اذا كان في القدس وفي رام الله مع من وعما يمكن الحديث. وحتى بعد زيارة شكري ليس لدى مصر جواب واضح على ذلك.

 أشار مصدران اسرائيليان اطلعا على تفاصيل اللقاء الى أن الخطوة المصرية توجد في مهدها. فالمصريون لا يتحدثون بعد عن قمة ثلاثية بين السيسي، نتنياهو وابو مازن، ولا حتى عن دعوة نتنياهو نفسه الى القاهرة. فالتقارير في هذا الشأن في بعض وسائل الاعلام في اسرائيل وفي العالم العربي سابقة لاوانها، ومضخمة بعض الشيء. فاللقاء بين نتنياهو وابو مازن هذه الايام مثله كمثل حدث يتعارض وقوانين الطبيعة.

 أما المصريون فيوجدون في مرحلة أولية جدا اكثر من ذلك. فقد جاء شكري ليستوضح اذا كان نتنياهو لا يزال ملتزما بما قاله للرئيس المصري بعد خطابه في منتصف ايار بانه معني بان تحاول مصر الدفع الى الامام بمحادثات بين اسرائيل والفلسطينيين بدعم الدول العربية. وقال شكري لنتنياهو ان مصر مستعدة لان تستثمر في هذه الخطوة، تعطي رعاية لمبادرة اقليمية وتجلب المزيد من الدول العربية الى طاولة المباحثات.

 الخطوة المصرية تجذب نتنياهو. واحد الاسباب المركزية لذلك هو مبادرة السلام الفرنسية التي تزعج رئيس الوزراء. فالمصريون يعلنون على الملأ بانهم يؤيدون المبادرة الفرنسية، ولكن في الغرف المغلقة تجدهم شكاكين جدا حول فرص نجاحها، أو حتى حول منطقها. فالمصريون غير معنيين بالصدام مع الفرنسيين أو في الدفع الى الامام بشكل فظ لمبادرة منافسة. ولكن اذا وافق نتنياهو على اتخاذ خطوات ذات مغز تسمح للخطوة المصرية بالاقلاع، فستصبح المبادرة الفرنسية باطلة. اما اذا تردد نتنياهو كعادته وراوحت خطوة السيسي في المكان، فان المصريين سينخرطون كلاعبين مركزيين في المبادرة الفرنسية.

 قبل أن ينطلق المصريون الى الدرب، يريدون ان يقتنعوا بان الطرفين – وقبل كل شيء اسرائيل – جديان، معنيان بالاستثمار في خطوة جديدة كهذه ومستعدان لدفع الثمن. كان السيسي يود ان يرى قبل شهرين حكومة اسرائيلية مع »المعسكر الصهيوني« ، يمكنها أن تناور على نحو افضل  من ناحية سياسية داخلية، ولكنه يعرف بان هذا لم يعد في الافق. وهو يريد أن يعرف ما الذي مستعد نتنياهو لعمله مع ذلك، حتى مع حكومته الحالية.

 وحسب المصادر الاسرائيلية، كانت رسالة شكري بان الكرة توجد في ملعب اسرائيل. مصر ستكون مستعدة لعمل ما ينبغي لدفع الخطوة السياسية، ولكن قبل ذلك على نتنياهو أن يقرر الى أين وجهته. وقال احد المصادر الاسرائيلي: »الى ان يعرف المصريون بان ثمة لحم في هذه المسيرة فانهم لن يفعلوا شيئا".

 بعد لقاءاته في القدس أجرى شكري جولة محادثات هاتفية. او من اتصل اليه كان وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرو. فقد كان الاخير يرغب في أن يرى المصريين جهة مركزية في دفع المبادرة الفرنسية الى الامام. فوزير الخارجية الفرنسي يريد أن تقود مصر مجموعة عمل تبلور رزمة خطوات لبناء الثقة بين الطرفين، والمصريون يريدون ان يستضيفوا في القاهرة محادثات بين اسرائيل والفلسطينيين على خطوات لبناء الثقة. ويحتمل أن يتوفر في نهاية المطاف طريق للدمج بين الخطوتين.

 المكالمة التالية لشكري كانت مع وزير الخارجية الاردني ناصر جودة، الذي يبقي معه على تنسيق وثيق. اذا ما نضجت الخطوة المصرية، فسيكون للاردنيين دور مركزي فيها، ولا سيما في ممارسة ضغط مواز على اسرائيل وعلى الفلسطينيين. وكانت المكالمة الاخيرة للرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) الذي التقاه شكري في رام الله قبل اسبوعين من زيارته الى القدس.

 يشك الفلسطينيون في الخطوة المصرية. فهم على علم بالعلاقات القريبة اكثر من أي وقت مضى بين القاهرة والقدس ويخشون من أن يبيعهم السيسي بثمن بخس. وهم يفضلون ان يروا المبادرة المصرية تتبدد، بينما تنال المبادرة الفرنسية، التي لا تلزمهم بأي تنازل، الزخم. وليس صدفة أن اوضح عباس لشكري بان شرطه الاول للقاء مع نتنياهو هو تجميد البناء في المستوطنات، تحرير السجناء وتحديد جدول زمني لإنهاء المفاوضات. وهو يعرف ان نتنياهو سيرفض كل هذه الطلبات معا، وكل واحد منها لوحده.

 يوم الاربعاء تلقى شكري مكالمة هاتفية من وزير الخارجية الامريكي جون كيري. فكيري يهتم دوما بالموضوع الاسرائيلي – الفلسطيني ويفحص دوما اذا كان ثمة مع ذلك سبيل للتقدم في القضية. ولو كان هذا منوطا به، فانه كان سيفعل ذلك حتى 19 كانون الثاني. وهذا ايضا هو السبب الذي جعله يسافر قبل اسبوعين حتى روما للقاء رئيس الوزراء نتنياهو ويجلس معه ست ساعات في مطعم بيير لونجي.

 خرج كيري راضيا من حديثه مع نتنياهو. فقد وجد رئيس الوزراء اكثر انفتاحا من الماضي على اتخاذ خطوة سياسية كهذه أو تلك. وكان كيري راضيا جدا لدرجة أنه سارع في الغداة للاتصال برئيس المعارضة النائب اسحق هرتسوغ وبعد ذلك لشريكته في المعسكر الصهيوني، النائبة تسيبي لفني، لاطلاعهما. ويؤكد موظفون امريكيون كبار بان المكالمات تمت وكذا ايضا هرتسوغ ولفني.

 شدد مصدر في محيط هرتسوغ على ان الحديث مع كيري لم يكن في السياسة او في مسألة انضمام المعسكر الصهيوني الى الحكومة. وعلى  حد قولهم شدد وزير الخارجية الامريكي ذلك منذ بداية الحديث. وقالوا ان كيري روى بانه كان له حديث طيب مع نتنياهو عني بامكانية العمل على مبادرة اقليمية. وروى مقربو هرتسوغ بان كيري ادعى بان نتنياهو على وعي بانه كلما مر الوقت فان نافذة الفرص لتحقيق خطوة سياسية اقليمية آخذة في الضيق.

يسمع الامريكيون في الشهرين الاخيرين عن احاديث في اسرائيل عن مبادرة اقليمية ويراقبون الاتصالات بين نتنياهو والمصريين. لقد احبوا خطاب السياسي وزيارة شكري الى اسرائيل ولكنهم شكاكون. فكيري ورجاله يعتقدون بانه يقال الكثير من الكلام الايجابي ولكنهم يشددون بان هذا مجرد كلام فقط. فكيري ومستشاروه يشعرون ببساطة بانهم كانوا في هذا الموقع مرات عديدة في السنوات السبعة والنصف الاخيرة، ولا يرون كيف ترتبط النقاط في خط واحد وفي مبادرة سياسية حقيقية.

 الانطباع الامريكي هو أن الرئيس المصري السيسي يريد عن حق وحقيق ان يجرب العمل على مبادرة سياسية تعيد لمصر دورها التاريخي في مسيرة السلام. وهم يعتقدون بان نتنياهو ايضا كان يرغب في مبادرة سياسية مصرية. ولكن هناك فرق كبير بين قول الامر وتحريك خطوة. ثمة أثمان ينبغي دفعها وخطوات هامة ينبغي اتخاذها.

 يجد الامريكيون صعوبة في ان يروا كيف يمكن للحكومة الاسرائيلية الحالية أن تتخذ خطوات يمتنع عنها نتنياهو على مدى السنين لاسباب سياسية داخلية، واذا لم يكن نتنياهو مستعدا لعمل شيء، فلن يخرج من المبادرة المصرية شيء. 

كلمات دلالية