خبر جندي بسيط- هآرتس

الساعة 09:49 ص|08 يوليو 2016

فلسطين اليوم

بقلم: رفيت هيخت

الرصاصة التي اطلقها الجندي اليئور أزريا على المخرب الجريح في الخليل هي خط الفصل في المجتمع الاسرائيلي. فهي تقسم المجتمع من جديد (هكذا يجد نفسه موشيه يعلون في ذات القارب مع زهافا غلئون وبالعكس) بصفتها مثابة صورة ام.آر.آي، ترسم المسائل الاكثر اشتعالا وقابلية للانفجار في المجتمع الاسرائيلي: العنصرية ونزع الانسانية عن الفلسطينيين، تسلل الكهانية الى قلب الرسمية الاسرائيلية، الصراع على شكل الحكم (حكم القانون والديمقراطية، مقابل حكم العرق والقومية)، والمواجهة بين من تسمى « النخب القديمة » وبين القوى المعادية لها.

 

          المدافعون عن أزريا يعرفون بان حججهم في المحكمة آخذة في التفكك. فكل سلسلة القيادة – من رفاقه في السلاح ممن يريدون بالاجمال مساعدته (العريف أول م، شهد بانه لم يشعر باي خطر يستدعي اطلاق النار)، عبر قائد السرية، قائد الكتيبة، قائد اللواء وحتى وزير الدفاع السابق – وقفت الى يمين جهاز القانون، وبشكل غير مباشر الى يمين الديمقراطية. ورغم الصعوبة في ذكر كلمة « ديمقراطية » بالنسبة لما يجري كل يوم في الخليل، فحتى منتقدي الجيش الاكثر حدة ينبغي أن يعترفوا: في الحالة الموضعية هذه، حاليا، الجهاز يعمل. فالواحد تلو الآخر، يرفض مندوبو الجيش الاسرائيلي خط الدفاع لاطلاق النار انطلقا من الدفاع عن النفس او الحاجة العملياتية، ويعززون الحجة بان هذا هو عمل عنيف وثأري يتمثل بأخذ القانون في اليدين. و « التخفيف » الوحيد، الذي لا ينبغي الاستخفاف به، كان تخفيض درجة الاتهام من القتل العمد (في الطلب لتمديد الاعتقال) الى القتل غير العمد (في لائحة الاتهام).

 

          في ضوء السور المنيع النسبي هذا، يمكن أن نفهم انفجارات الانفعال لعائلة أزريا. « لم أرَ ابدا سلوكا كهذا. هذا أمر فاسد – أكاذيب. يحاولون بكل القوة حياكة ملف له »، صرخ ابو اليئور أزريا في المحكمة، « يريدون ادخاله السجن على عمل عملياتي... أحد ما يمسك بالخيوط ». اما محاميه فقد صرخ: « ما يجري هنا هو تحقير ».

 

          أزريا الاب يتحدث عن أكاذيب. ولكن الحقيقة أجاد في قولها بانه في ساحة الحدث. « المخربون يجب قتلهم »، صرح في الميدان حسب شهادات قائد السرية وجنود آخرين. هذه الاقوال لم يقلها في المحكمة وكذا ابناء عائلته ومحاموه لا يقولونها. فهم يتمسكون بخط الدفاع الذاتي. باستثناء رجال اليمين الهامشي، الذين يكررون ما قاله في الميدان او ما قاله سائق سيارة الاسعاف عوفر اوحنا (« من جاء ليقتل اليهود، فليحرقوه بنار جهنم اليوم »). كما أن مدعي الاستقامة الآخرين في أزريا يفضلون الحديث عن تعقيدات الوضع والمكان، وعن السترة الطويلة التي يحتمل أن تكون أخفت عبوة. وسواء كان الحديث يدور عن اختيار واع ام لا، فانهم يريدون ان يحموا أزريا، غير المستعد لان يكون ثوريا، فيقف خلف فعلته فيقول: « نعم، اريد ان اغير الطريقة. في الجيش الذي اخدم فيه لا يجب للمخرب العربي أن يخرج حيا ».

 

          على هذه الخلفية مثيرة للاهتمام دعوة الاب تشارلي المنفعلة لرئيس الوزراء، الذي اتصل به في الماضي بل وفكر بلقائه. « اين رئيس الوزراء؟ أين كل هذه المنظومة؟ »، قال في المحكمة. الاب يتوجه الى رئيس الوزراء كي يعمل عمليا ضد الجيش – الذراع التنفيذي الاهم للدولة. والحقيقة الاكثر اذهالا، والتي تفيد بان الحديث يدور عن قائد الدولة نفسه، تميز في واقع الامر حكم نتنياهو بكل مخاطره. الاب يتوجه اى رئيس الوزراء كي يخرب على آليات المنظمة المؤتمن عليها.

 

          نتنياهو هو نفسه الثوري الذي يفكك الرسمية الاسرائيلية إذ أن هذا هو المحرك الذي يساعده في الحفاظ على حكمه. أما أزريا فبالاجمال اطلق النار على القسم الخطير لمن يتحركون بكميات نحو صناديق الاقتراع، من أدخلوا الى عقول النازيين فكرة إبادة اليهود، وهم اليوم يواصلون دربهم على الارض. بهذا المفهوم فان أزريا هو بالفعل جندي بسيط.

كلمات دلالية