خبر نتنياهو في أفريقيا... تطويق مصر من النيل

الساعة 08:28 ص|07 يوليو 2016

فلسطين اليوم

يرى مراقبون أن جولة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحالية في 4 دول أفريقية من شركاء مصر في حوض النيل، هي تتويج لعمل دبلوماسي، واستخباراتي، واقتصادي كبير قامت به إسرائيل في العقود الثلاثة الماضية لتطويق مصر استراتيجياً، والتوغّل في عمقها الطبيعي الذي كانت تسعى للسيطرة عليه عهوداً بالحرب، وعهوداً أخرى بقوتها الناعمة.

وتتزامن زيارة نتنياهو لكل من أوغندا، وكينيا، ورواندا، وإثيوبيا، ولقاؤه مع زعماء جنوب السودان وزامبيا، ووزير خارجية تنزانيا، مع تردّ ملحوظ في علاقة مصر بمحيطها الإقليمي وامتدادها الأفريقي، سواء من خلال المشاكل المتزايدة بين القاهرة وأديس أبابا على خلفية اقتراب أعمال الإنشاء في سد النهضة المتوقع أن يؤثر على حصة مصر من مياه الشرب. ويضاف إلى ذلك، المشكلة الدبلوماسية الأخيرة بين مصر وكينيا بسبب تصريحات مزعومة لمسؤول مصري والتي كشفت ضعف العلاقات بين الجانبين، أو بسبب عدم قيام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بأي زيارة لأي من الدول التي استهدفها نتنياهو باستثناء إثيوبيا.

يُلقي نتنياهو خطاباً، اليوم الخميس، من البرلمان الإثيوبي، للإعلان عن مشاريع لتطوير العلاقات الثنائية

« وكما فعل السيسي في إثيوبيا في شهر مارس/ آذار العام الماضي، خلال زيارته الرسمية لها، يُلقي نتنياهو خطاباً، اليوم الخميس، من البرلمان الإثيوبي، للإعلان عن مشاريع لتطوير العلاقات الثنائية الاقتصادية، والزراعية، والعسكرية، ويوقع عدداً من الاتفاقيات الثنائية. وتعتبر الاستثمارات الإسرائيلية في إثيوبيا نموذجاً للنمو السريع، مثل الاستثمارات الصينية مع الفارق الكمّي لمصلحة الأخيرة، إذ تتولى إسرائيل إدارة وإنشاء شبكة الكهرباء الجديدة بالعاصمة أديس أبابا، كما تتولى إنشاء محطات جديدة للطاقة بمختلف مدن إثيوبيا، وفق اتفاق تم توقيعه عام 2012.

وتملك إسرائيل في إثيوبيا 70 ألف فدان مزروعة بقصب السكر بتكلفة إجمالية 200 مليون دولار. وتشارك عدد من الشركات الإسرائيلية في إدارة محطات إنتاج حيواني وتنظيم للري بمياه النيل، كما تثور شائعات بين الحين والآخر عن انخراط بعض شركات المقاولة الإسرائيلية في العمل بسد النهضة، وهو المشروع الذي تديره شركة إيطالية وتعمل به شركات إيطالية وصينية وفرنسية وأيضاً مملوكة لمستثمرين سعوديين.

وبمناسبة تصاعد الحديث عالمياً عن »التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب« ، فمن المنتظر أن توقّع إثيوبيا مع إسرائيل اتفاق تعاون أمني في مجال مكافحة التهديدات الأمنية، والتي تسوّق إسرائيل أنها على رأس دول العالم في الخبرة في هذا المجال، باعتبار أنها تواجه إرهاباً من الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.

وفتحت إثيوبيا بعد الإطاحة بالحكم الشيوعي بقيادة منغستو هايلاميريام عام 1987، ومع صعود رئيس الوزراء الراحل ملس زيناوي على رأس الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي الحاكمة حالياً، أبوابها للاستثمارات الإسرائيلية بغزارة، إذ شاركت إسرائيل في إنشاء وإدارة 33 مشروعاً للري وتوليد الكهرباء على الرغم من أن إسرائيل كانت داعماً استراتيجياً لمنغستو الذي كان يجاهر بالعداء لمصر ويتهم رئيسها الراحل أنور السادات بإشعال الفتن السياسية في إثيوبيا.

كينيا هي وجهة مفضّلة للاستثمارات الإسرائيلية بسبب قوة العائلات اليهودية العاملة في العاصمة نيروبي

» وتدل هذه المفارقة على نجاح إسرائيل في خلق مساحات مشتركة من المصالح مع إثيوبيا ظلّت صامدة على الرغم من التغيرات السياسية، على عكس ما حدث مع مصر. اتسمت العلاقات الإثيوبية ـ المصرية بالبرودة الأقرب للقطيعة منذ حادث محاولة اغتيال الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك في أديس أبابا في يونيو/ حزيران 1995، خصوصاً مع تصاعد الحديث عن مشروع إنشاء سد النهضة والرفض المصري القاطع له، واتخاذ مبارك موقفاً عبارة عن مزيج بين تجاهل ما يتم على الأرض، ورفض مبدئي للمساس بحصة مصر في مياه النيل. وعقب خلع مبارك، وُجدت مساحة لتبادل الوفود الشعبية بين مصر وإثيوبيا للتباحث حول أزمة السد، انتهاءً بزيارة السيسي التاريخية لأديس أبابا وإعلان وثيقة التفاهم الثلاثية حول إنشاء السد.

إلا أن الأشهر التالية كشفت أنّ ما وقّع عليه السيسي وما تعهد به في البرلمان الإثيوبي، رسّخ فقط حق إثيوبيا في إقامة السد، وأسقط من يد مصر كل أوراق الضغط لا سيما مع وجود مصالح اقتصادية واستثمارية ضخمة وواعدة في إثيوبيا، تداعب خيال العواصم الغربية الكبرى.

وتعتبر الأكاديمية المصرية زبيدة عطا في كتابها « إسرائيل في النيل » الذي نشرته مكتبة الشروق الدولية عام 2010، أن الاهتمام الإسرائيلي بإثيوبيا جزء من مشروع أسمى لتوصيل مياه النيل إليها عبر سيناء. وتستند في هذا الطرح إلى ما كتبه الرئيس الإسرائيلي السابق شيمون بيريز في كتابه « الشرق الأوسط الجديد » عن اهتمام الدولة الإسرائيلية بهذا المشروع.

كلمات دلالية