خبر ألم العائلات والمصلحة الوطنية.. يجب الحديث عن ثمن اعادة الجثامين -يديعوت

الساعة 10:14 ص|30 يونيو 2016

فلسطين اليوم

ألم العائلات والمصلحة الوطنية.. يجب الحديث عن ثمن اعادة الجثامين -يديعوت 

بقلم: رونين بيرغمان

 (المضمون: بين حاجة دولة اسرائيل لعمل كل شيء، وهذا ايضا في توازن وامام مصالح اخرى، احيانا لا تكون هذه اقل اهمية، كي تعيد الى الديار جنودا أسرى، وبين طلب دفع ثمن مبالغ فيه مقابل جثامين – لا يوجد أي ربط. لا  الرحمة، لا الحكمة ولا المبادىء اليهودية - المصدر).

كان نصرالله أول من فهم الحساسية الاسرائيلية الهائلة في الموضوع، وبوحشية لا حد لها أمر رجاله ان يبثوا في « المنار » صور جثة ايتمار ايلياهو واشلاء لجثث اخرى بقيت في الميدان من مصيبة الوحدة البحرية في ايلول 1997. في تلك الفترة قتل ابنه، هادي نصرالله، في معركة مع قوات اسرائيلية – وجيء بجثمانه الى البلاد. في اسرائيل كانوا واثقين بان هذا سيدفع المفاوضات الى الامام، ولكن نصرالله كان غير مكترث. وقال لي المسؤول عن اسرة الاستخبارات الالمانية، د. اوغست هاننغ، الذي عني بالوساطة بين الطرفين: « لا تخطيء، فنصرالله حزن جدا على ابنه ولكن موضوع الجثمان هو شيء آخر. انتم الاسرائيليين، لكم موقف استثنائي في هذا الموضوع ».

استغل نصرالله الموقف الاستثنائي هذا حتى النهاية. ففي صفقة التبادل اياها نشأت سابقة: جثامين مقابل سجناء احياء، وعلى رأسهم حسين مقداد، رجل حزب الله الذي اعتزم تفجير طائرة العال في الجو.

هذا الموقف الاستثنائي طرح مرة اخرى على البحث هذا الاسبوع، عقب قرار نتنياهو التوقيع على اتفاق مع تركيا لم يتضمن اعادة جثماني هدار غولدن واورون شاؤول من ايدي حماس. وقالت عائلة غولدن ان « هذه خطوة غير ديمقراطية، تتعارض والقيم الاساس للجيش الاسرائيلي ودولة اسرائيل ». اما زهافا، ام اورون شاؤول، فتظاهرت أمس امام ديوان رئيس الوزراء وقالت ان « مصير ابنائنا معلق بتصويت اعضاء الكابنت ».

يمكن بالطبع ان نفهم الم العائلات، التي تسعى الى اغلاق الدائرة والدفن والحداد عليه. كما يمكن ان نفحص بجدية حجة غيورا آيلند التي تقضي بان كل أطراف الاتفاق دفعوا ثمنا باستثناء حماس وانه بسبب الرمزية التي في الامر كان ينبغي أن تفرض عليها اعادة الجثامين. ولكن ماذا بين هذا وبين ادعاءات العائلات؟ عن أي قيم اساسية للجيش الاسرائيلي يجري الحديث؟ ولماذا مصير ابنائها متعلق بالتصويت، فهدار واورون قتلا في 2014؟

لقد قال الرمبام: « ليس لك فريضة اكبر من فداء الاسرى »، ولكن كتب في المشناه « لا فداء للاسرى يفوق في دمائهم اصلاح العالم » – بمعنى انه محظور دفع ثمن مبالغ فيه لانه يشجع فقط على مزيد من الاختطاف. والامر صحيح باضعاف بالنسبة للجثامين. ان هذا الموقف الغريب والمبالغ فيه من دولة اسرائيل ومن الجمهور هنا من الجثامين جعلنا جميعا قابلين للابتزاز حتى في موضوع ليس فيه خطر على الحياة.

في اعقاب صفقة جثة الياهو اعلنوا في حزب الله بانهم غير مستعدين للفصل بين الاحياء والاموات، وتلقوا سجناء احياء، بعضهم « اوراق مساومة » اختطفوا من اجل انقاذ رون اراد مقابل جثامين ثلاثة الجنود الذين اختطفوا وقتلوا في هار دوف في تشرين الاول 2000.

في الصفقة التالية كان الثمن حتى أعلى. فالدولة كلها خرجت عن طورها في ضوء حملة « اعادة الابناء الى الديار » لعائلتي ريغف وغولدفاسر اللتين اختطف وقتل ابناهما في تموز 2006. وفي اعقاب الاختطاف لم يخرج الجيش الاسرائيلي فقط الى الحرب الفاشلة في لبنان، رغم أنه كان واضحا بان الاثنين ماتا في اثناء الاختطاف، او فوره، بل اعادت اسرائيل مقابل جثمانيهما – بسبب الضغط الجماهيري الهائل – سجناء احياء وعلى رأسهم سمير قنطار، قاتل عائلة هيرن، الذي عاد بعد تحرره الى اعمال الارهاب ووقف على رأس شبكة حزب الله على حدود سوريا – اسرائيل الى ان صفي.

انه بين حاجة دولة اسرائيل لعمل كل شيء، وهذا ايضا في توازن وامام مصالح اخرى، احيانا لا تكون هذه اقل اهمية، كي تعيد الى الديار جنودا أسرى، وبين طلب دفع ثمن مبالغ فيه مقابل جثامين – لا يوجد أي ربط. لا  الرحمة، لا الحكمة ولا المبادىء اليهودية. عشرات الاف الجنود الامريكيين مدفونون في اوروبا منذ الحرب العالمية، واحد لم يتصور جلبهم الى الدفن في الولايات المتحدة. فليس الجنود هم من اعادتهم اسرائيل الى الديار في كل مرة، بل حفنة من العظام.

ان البحث في موضوع الجنود المفقودين يجب أن يعاد الى المسار العقلاني. خط رقيق جدا يفصل بين التضامن النابع من فريضة فداء الاسرى وبين الفزع الذي يمنع السياسيين من عمل ما يلزم ويقولوا ما ينبغي أن يقال، مهما كان قاسيا. الكثيرون سيقولون بالتأكيد، لنرى كيف يتصرف رئيس الوزراء لو كان ابنه واحدا من المخطوفين. ولكنه لا، وليس هكذا يفترض به أن يفكر بخطواته. رئيس وزراء اسرائيل، وهكذا عمل نتنياهو في موضوع الاتفاق، يجب ان يرى المصلحة العامة الواسعة وليس فقط كيف ستنعكس قراراته في العناوين الرئيسة ليوم غد.

كلمات دلالية