خبر المقامرة غير المسؤولة لكاميرون.. اسرائيل اليوم

الساعة 10:11 ص|27 يونيو 2016

بقلم

 (المضمون: بدل مواجهة الظرف التاريخي المعقد والعمل على إقناع الشعب، اختار رئيس الحكومة البريطانية الحل الأسهل وهو إجراء الإستفتاء الشعبي الذي يضر ببريطانيا واوروبا على حد سواء).

من اجل تحرير نفسه من الصعوبة السياسية، وعد رئيس حكومة بريطانيا، دافيد كامرون، باجراء استفتاء شعبي حول موضوع البقاء في الاتحاد الاوروبي. لم يكن هذا ضروريا. بريطانيا الكبيرة أجرت في سنة 1975 استفتاء شعبيا، وبأغلبية كبيرة قررت البقاء. لم تكن هناك حاجة موضوعية أو قانونية لاعادة اجراء الاستفتاء الشعبي. قرار كامرون كان متهكما وأنانيا وهو سيحمل ذلك على ظهره طول حياته دون أي صلة باستقالته المفهومة.

إن قرار بريطانيا ترك الاتحاد وابقاء 27 عضوة فقط، هو قرار غريب ليس فقط بسبب قدرتها على التأثير من الناحية السياسية على مستقبل العالم في السنوات القريبة، وليس فقط لأن قيمة الجنيه ستنخفض، وليس فقط لأنها لن تستطيع العيش في المستوى الذي حظيت به في السوق الضخمة التي بنتها اوروبا الموحدة. وهي ايضا لا تشعر بالمسؤولية من ناحية الجهات المترددة حول بقائها في اطار المملكة (اسكتلندة، ويلز وايرلندة الشمالية) والتي تطالب بالبقاء ضمن الاتحاد الاوروبي، حتى لو كان هذا الامر يعني الانفصال عن بريطانيا. فقط من كان على قناعة بأن الاستفتاء الشعبي سيبقي بريطانيا في الاتحاد الاوروبي كان سيأخذ على نفسه هذه المقامرة بعيدة المدى.

بريطانيا، مثل كل الدول الديمقراطية في عالمنا (باستثناء سويسرا) هي ديمقراطية تمثيلية. هذه ليست نظرية جان جاك روسو الذي آمن بأن الديمقراطية المباشرة فقط هي الديمقراطية الحقيقية. الفرضية هي أنه لا يمكن الطلب من الجمهور بالتعمق في كل موضوع معقد، لذلك – يميل الاستفتاء الشعبي الى تجاهل التفاصيل الحيوية في الموضوع والاكتفاء بالشعارات. ليس صدفة أنه في 1971 فقط تقرر في سويسرا اعطاء حق التصويت للنساء، وفقط في 2002 قرروا هناك الانضمام الى الامم المتحدة.

إن الميل الطبيعي لاغلبية المجتمعات الانسانية هو الحفاظ على تميزها والحذر من الاغيار وعدم التنازل عن مركبات سيادة الدولة، حتى لو كان في ذلك افضليات كبيرة. الطريقة المقبولة التي فيها يتم الاختيار السياسي مرة كل بضع سنوات حسب التوجه العام الذي يميز الاحزاب ويبقي في أيدي الممثلين حق اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية التي تحدد مصير الجمهور الواسع، هي الطريقة الاكثر منطقية الى أن يتم ايجاد طريقة أفضل منها. الدمج بين الديمقراطية التمثيلية وبين الاستفتاء الشعبي ليس معاديا للديمقراطية، لكنه يعتبر مشكلة بسبب غياب امكانية طرح المعلومات أمام كل شخص.

كامرون يعرف كل ذلك، وقد اختار لنفسه الحياة السهلة وهرب من مواجهة اسئلة البقاء في الاتحاد عن طريق فكرة الاستفتاء الشعبي. الآن يدفع البريطانيون والاوروبيون ومن يرتبط معهم (اسرائيل ايضا) الثمن. النتائج المفاجئة في بريطانيا يجب أن تهم كل قائد ديمقراطي، الذي قد يسعى، تحت الضغط، الى التحرر من العبء واستبدال اتخاذ القرارات الشجاعة بفكرة اعادة المسألة الى من قام بانتخابه.

كلمات دلالية