خبر ضغط بدل مصافحة... معاريف

الساعة 10:10 ص|27 يونيو 2016

بقلم

(مصافحة بين ريفلين وابو مازن ما كانت ستؤدي الى ردم الثغرات بين الطرفين. في اسرائيل كانت ستستقبل بهزء وغضب وفي الشارع الفلسطيني كانت ستضعف اكثر فأكثر مكانة الرئيس ابو مازن).

شاركت في الاسبوع الماضي كمحللة في برنامج « الجمعة في الخامسة » في القناة الاولى. وضمن امور اخرى طلب مني أن اتناول خيبة الامل التي سجلت في اسرائيل في ضوء عدم موافقة ابو مازن على مصافحة الرئيس ريفلين. وما أبديته من تفهم لرفض الرئيس الفلسطيني جعل رجل « اسرائيل اليوم »، د. حاييم شاين، يصنفني كمبعوثة الرئيس. غير أنه لا حاجة لان يكون المرء من مؤيدي عباس كي يفهم سلوكه. فتحليل واقعي سياسي للوضعية السياسية يكفي للايضاح بان احاسيس الغضب من اليمين لم تكن اكثر من أحابيل اعلامية تستهدف تعزيز ميل الجمود السياسي.

أبو مازن ليس زعيما محبوبا. وهو معروف بتردده. تصريحاته تقترب غير مرة من التحريض منفلت العقال الذي يثبت ضمن امور اخرى مكانته المتآكلة في الشارع الفلسطيني. ليس لكل هذا أي صلة بعدم موافقته على لقاء ريفلين. في كل حركة وطنية، وبالتأكيد تلك التي تكافح في سبيل وجودها، تحتل الرموز مكانا مركزيا. ومهمتها ان تساعد على بلورة الشعب وتعزيزه في عدالة طريقه على طريق تحقيق طموحاته. صورة ابو مازن والرئيس ريفلين يتصافحان كانت ستعتبر في الشارع الفلسطيني كفعل رمزي، ولكن كفعل يتناقض والاحداث السياسية إذ انه لا يوجد انجاز وطني الى جانبه. ومثله كمثل الشيك بلا غطاء لشركة تشعر بانها تعيش في السحب الزائد.

ابو مازن على علم جيد بالصلاحيات الرسمية للرئيس ريفلين وعدم قدرته كرئيس على قيادة خطوات سلمية، وبالتأكيد مغطاة اعلاميا. وأكثر من ذلك فهو على علم بالدم الفاسد والاحساس بالنقمة السائدين ربين ريفلين ورئيس الوزراء. واضح للجميع بان صورة متصالحة لرئيس اسرائيل مع ذاك الفلسطيني مثلها كصب الزيت على حلقة النار بين الزعيمين الاسرائيليين ليس الا. هذا اضافة الى ان ريفلين اصبح لدى بعض لا بأس به من اليمين الاسرائيلي « يسروي » اجتاز خطوط الولاء للمعسكر الوطني. لقد فقد بعضا من اجماعيته.

ترى قواعد الدبلوماسية في صورة مصافحة صورة انتصار يفترض أن تظهر في المعركة النهائية وليس في بدايتها. يمكن الوصول اليها بعد توفر خطوات لبناء الثقة وحين يشعر الخصمان بانهما قويين ولديهما انجازات بذات القدر. وابتعاد حل الدولتين للشعبين سواء على الارض أم في اوساط الرياح التي تهرب في الحكومة، الرغبة الخفية لاسرائيل في اضعاف او مازن في ظل التعاون الوثيق مع اجهزة الامن، العلاقة (المنفية) لاسرائيل مع دحلان، وكذا التحريض في الشبكات الاجتاعية الفلسطينية وعمليات ارهاب الافراد تثبت بان الطريق لخلق الثقة لا يزال بعيدا. وما كان للمصافحة ان تؤدي الى انتهاء كل هذه الثغرات. وكانت ستستقبل في اسرائيل في موقع يتراوح بين السخرية والغضب والتصفيق الخفيف. اما في الشارع الفلسطيني فمن المعقول الافتراض بانها كانت ستضعف اكثر فأكثر مكانة ابو مازن.

سيكون ممكنا قريبا ان نجد أثر الخروج البريطاني في السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي الذي سيشدد انتقاده على اسرائيل. فالمبادرة الفرنسية، التي يتبناها الان حليف اسرائيل، الرئيس المصري السيسي، في ظل لقاءاتته المتواترة في ابو مازن، هي الاخرى تحد غير بسيط بالنسبة للحكومة. والطريق الى استبدال ابو مازن، المدخن الكثيف الذي تجاوز منذ الان سن 81، مفتوح. وفوق كل شيء يحوز تهديد التسونامي السياسي من جهة الولايات المتحدة. يجدر بزعمائنا بدلا من ذرف دموع التماسيح على المصافحة الضائعة ان يركزوا على اعداد خطط عمل واقعية لمواجهة ما سيأتي.

كلمات دلالية