خبر ماهية تأثيرات خروج بريطانيا من العباءة الأوروبية على الولايات المتحدة

الساعة 12:08 م|26 يونيو 2016

فلسطين اليوم

لن يكون تحالف الولايات المتحدة وبريطانيا التاريخي الوثيق، كافيا لتواجه واشنطن عواقب خروج الأخيرة من عباءة « الاتحاد الأوروبي »، التي ستطالها على المدى القصير.

ويرى خبراء دوليون، أن قرار البريطانيين بانفصال بلادهم عن الاتحاد الأوروبي (أظهرته نتائج استفتاء جرى أمس الأول الجمعة)، سيكون له تأثيرات اقتصادية وسياسية سلبية ستطال الولايات المتحدة، مؤكدين أن العلاقات الخاصة، التي تجمع بين لندن وواشطن لن تمنع هذا التأثير.

وتحت عنوان « الرحيل عن الاتحاد الأوروبي سيؤذي بريطانيا، والاتحاد، والولايات المتحدة لسنوات قادمة »، كتب وليام جالستون، المستشار السياسي السابق للرئيس الأمريكي بيل كلينتون، في معهد « بروكنجز » الدولي، ومقره واشنطن، صباح السبت، تقريرًا رصد فيه أهم 3 تأثيرات للقرار البريطاني على الولايات المتحدة على المدى القصير.

وقال « جالستون »، إن أول تأثيرات ما حدث ستصيب الاقتصاد، لأن حالة عدم الاستقرار التي تسبب فيها التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد، ستكون سيئة بالنسبة للاستثمار والنمو العالمي، الذي يتباطىء بالفعل إلى حد كبير.

وأوضح « جالستون »، أن تباطؤ النمو العالمي يعني طلب أقل على السلع وخصوصًا المتعلقة بالطاقة، حيث يمنع انتعاش صناعة الطاقة في الولايات المتحدة، من انهيار أسعار النفط.

وتوقع أن الارتفاع الحتمي في قيمة الدولار الأمريكي، سيتسبب في كساد الصادرات الأمريكية ويوجه ضربة أخرى لقطاع التصنيع في الولايات المتحدة.

أما التأثير الثاني، بحسب الخبير « جالستون »، فهو سياسي، ويتعلق بالدبلوماسية البريطانية التي كانت بمثابة داعم لصوت الولايات المتحدة في الحوار الاقتصادي والأمني داخل الأسرة الأوروبية، وهو ما يعني أن الانسحاب سيقلل من تأثير واشنطن، خاصة بعد فقدانها لهذا الدعم.

وذهب « جالستون »، في التأثير الثالث إلى ما هو أبعد من الشق الاقتصادي والسياسي، معتبرًا أن ما حدث سيلقي بظلاله على الانتخابات الأمريكية المقبلة.

وعقد مقارنة بين الأسس الديموغرافية للاستفتاء والانتخابات الأمريكية، قائلا « في انجلترا مثلًا كان المشهد الأبرز تحريض الشباب ضد الكبار، والمهنيين المتعلمين ضد العمال الأقل مهارة، والمدن ضد المدن الصغيرة والمناطق الريفية ».

وأضاف موضحًا الشبه « الحال هناك (بريطانيا) كما هو هنا (أمريكا)، فالتدهور الاقتصادي والتغير الديموغرافي السريع سيتحدان معا لتوليد مزيد من المشاعر العرقية والقومية »، في إشارة إلى الآثار السلبية التي قد تنتج عن ذلك.

وبالأمس، أشاد دونالد ترامب، المرشح الأمريكي المحتمل للانتخابات الرئاسية، بقرار البريطانيين، وحث بلاده على أن تحذو حذوها، قائلا « الناس غاضبون في كل أنحاء العالم .. غاضبون بسبب الحدود وبسبب الناس الذين يأتون لبلدهم ويستولون عليها ».

وحمل حديث « ترامب » ما يصفه مراقبون سياسيون، بـ« سياسة التقسيم » وهو المطلح الذي آثر الخبير الدولي جالستون، التشديد على أنه لن يفيد أي من بريطانيا أو الاتحاد الأوروبي، وأنه من الصعب أن يعود بالفائدة على الولايات المتحدة أيضًا.

واليوم، بدأت أصداء حديث « دونالد ترامب » تلقى استجابة في أمريكا، إذ دعا دانيال ميللر، رئيس حركة تكساس القومية، وهي حركة تطالب باستقلال ولاية تكساس الإمريكية، حاكم الولاية لدعم ٌإجراء تصويت مشابه لمواطني تكساس.

واعتبر « ميللر »، أن التصويت الذي قاده المواطنون في بريطانيا يمكن أن يكون نموذجا لتكساس، التي كانت مقاطعة مستقلة في الفترة بين عامي 1836 و1845.

من جانبها، اتفقت الباحثة الأمريكية في مركز « ودرو ويلسون » الدولي، ومقره واشنطن، مارينا أوتاوي، مع « جالستون ». وقالت للأناضول عبر الهاتف، إن « مشهد ما بعد قرار البريطانيين يحمل سياسية القومية والعداء، وهي السياسة التي ركن إليها اليمين المتطرف في أوروبا، ويركن لها في كل مكان، بما في ذلك الولايات المتحدة ».

وحول التأثيرات السياسية للقرار، على بريطانيا مستقبلا، قالت « أوتاوي »، إن « أول ما سيحدث في القريب تصويت الإسكتلنديين على الانفصال عن انجلترا، وهذا قد يعني نهاية بريطانيا، ونهاية من يحذو مثلها ».

وأضافت، أن « عنصرين قد يحددان مدى التأثير الذي سيقع على كل من لندن وواشنطن، وكذلك ما إذا كانت دول أخرى ستحذو حذو بريطانيا، وهما: هل ستصفي الشركات المالية شراكاتها في بريطانيا، وعليه تفقد لندن مكانتها كمركز مالي عالمي، مع خسائر كبيرة في الإيرادات، وهو ما سينعكس بالتبعية على صادرات الولايات المتحدة؟، وما شكل العلاقة التفاوضية الجديدة مع الاتحاد الأوروبي لاسيما أن إجراءات الرحيل تستغرق سنوات ».

« ديفيد ويسيل »، مدير مركز « هاتشينز » للسياسة المالية والنقدية في معهد « بروكنجز »، اعتبر، أن القرار، لن يكون جيدًا على الولايات المتحدة، فعلى المدى القصير يعني الانفصال الإنجليزي، اقتصاديات أضعف لكل من بريطانيا وأوروبا، وهو ما سيؤثر سلبًا على الصادرات الأمريكية.

و« يسيل »، الذي بدى غير متفائلا، بتبعات قرار البريطانيين، قال للأناضول لا « أحد سيمكنه فعل شيء لتعزيز الثقة في الأعمال التجارية في جميع أنحاء العالم، في وقت نحن في أمس حاجة للشركات لتكون على استعداد لاستثمار أكثر، وهو ما لن يحدث الآن ».

« فترة طويلة من عدم اليقين »، هكذا وصف الخبير المالي الأمريكي، الوضع بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا خلال ترتيب أمور خروج الأخيرة من الاتحاد، مشددًا على أن هذا من شأنه أن يغير خريطة للعالم رسمت إبان الحرب العالمية الثانية، كان أبرز ملامحها الحفاظ على السلام.

وتناولت غالبية الصحف والمراكز البحثية الأمريكية، التأثيرات الاقصادية لخروج بريطانيا من العباءة الأوروبية، في الأسبوع الذي سبق الاستفتاء، فحذرت صحيفة « واشنطن بوست »، السبت الماضي، من أن رحيل بريطانيا قد يرسل موجات صدمة للولايات المتحدة، والاقتصاد العالمي، حيث أن القرار يهدد أكثر من تريليون دولار من الاستثمارات التجارية مع واشنطن.

وأوضحت الصحيفة، أن القرار « يحمل تداعيات ضخمة للمشروعات الأمريكية التي يعمل بها أكثر من مليون شخص فى بريطانيا، خاصة أن واشنطن أكبر مستثمر في بريطانيا، وتعتبرها الكثير من الشركات بوابة التجارة الحرة مع 28 دولة الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ».

وشددت الصحيفة الأمريكية، على أن « القرار من شأنه أن يهدد وصول الشركات لهذه الأسواق الأوروبية، ومن الممكن أن يؤدى ذلك إلى تراجع العائدات، وإجبار بعض الشركات على بحث تحويل العمليات الأوروبية إلى أماكن أخرى ».

وفي عام 2015، بلغت قيمة الصادرات الأمريكية لبريطانيا 56 مليار دولار، في مقابل قيمة الاستثمارات الأمريكية في المملكة المتحدة، التي بلغت 588 مليار دولار.

وفي آخر توقع لصندوق النقد الدولى، الجمعة قبل الماضي، قال إن تأثير رحيل بريطانيا « سلبي وكبير، ويمكن أن يؤدى إلى تراجع النمو الاقتصادى بنسبة 5.6%، على مدى السنوات الثلاثة المقبلة في أسوأ السيناريوهات المتوقعة ».

كلمات دلالية