خبر خطاب باراك بقلم: مارتين شيرمان - اسرائيل اليوم

الساعة 09:12 ص|23 يونيو 2016

فلسطين اليوم

خطاب باراك بقلم: مارتين شيرمان - اسرائيل اليوم

(المضمون: لا يحق لباراك توجيه الانتقاد لنتنياهو لأنه هو نفسه كان رئيس حكومة لفترة قصيرة ولم يستطع توفير الامن لمواطني اسرائيل - المصدر).

قمة التفاهة التي وصلت اليها النقاشات الجماهيرية في اسرائيل انعكست بشكل جيد اثناء مؤتمر هرتسليا قبل اسبوع، خصوصا في اقوال اهود باراك الذي هاجم بشكل فظ غير مسبوق الحكومة.  ولشدة السخرية فان ولاية باراك كرئيس للحكومة كانت الاقصر في تاريخ الدولة، مع أداء خاطيء في كل المجالات ولا سيما في المجال الامني الذي يفترض أن يكون من اختصاصه. من الواضح أن « الاحترام المشكوك فيه » لم يمنعه من توجيه اللوم الى من هو عكسه، حيث أنه موجود في هذا المنصب مدة تفوق أي رئيس حكومة آخر باستثناء بن غوريون.

أنا لست محاميا لنتنياهو وحكومته. بل العكس: في السابق عبرت عن قلقي العميق وتحفظي من سياسته وتعاطيه مع الكثير من المواضيع، لكن اقوال باراك مع محاولته الظهور بأنه من يحذر، خصوصا على ضوء السيرة السياسية القليلة له، يمكن اعتبارها ما بين الهذيان والاساءة.

باراك يعول على ذاكرة الجمهور القصيرة وعلى اخفاء ما حدث في حكومته عن مواطني اسرائيل، حيث كان الكثير من الاخطاء والاخفاقات. مثلا اتهامه لحكومة نتنياهو بـ « الفشل مرة تلو الاخرى من اجل ضمان الامن ». وأذكر هنا أن باراك هو الذي بادر الى الهروب المتسرع أحادي الجانب للجيش الاسرائيلي من الحزاب الامني في جنوب لبنان، ليترك المكان لسيطرة حزب الله الذي تسلح وانتشر في السنوات التالية على الحدود. بعد ذلك بست سنوات اندلعت حرب لبنان الثانية التي كان فيها كثير من المصابين، وفي اعقابها زادت كمية السلاح لدى العدو بعشرة اضعاف مع تحسن نوعيته. ايضا في ظل حكم باراك اندلعت الانتفاضة الثانية التي استمرت نحو خمس سنوات وجلبت القتل والرعب الى شوارع الدولة، وبعد عودته الى السياسة ايضا، حينما كان وزيرا للدفاع في حكومة اهود اولمرت (2007 – 2009) وفي حكومة نتنياهو (2009 – 2013) تدهور الوضع الامني في الجنوب الى درجة اضطر فيها الجيش الاسرائيلي الى العمل مرتين من اجل اعادة الهدوء في عمليتي الرصاص المصبوب وعمود السحاب. للأسف الشديد، حماس خرجت بعد ذلك غير مهزومة وزادت قوتها. يصعب الامتناع عن الاستنتاج أن انتقادات باراك للفشل المتواصل في ضمان الأمن، ما هي إلا وقاحة.

فشل بنفس الحجم ميز طريق باراك في ادارة الشؤون السياسية الداخلية مع هزائم كبيرة في الانتخابات لرئاسة الحكومة في 2001 وللكنيست في 2009 (الهزيمة الاصعب لحزب العمل مع 13 عضو كنيست فقط). ايضا في مجال القيم الجماهيرية يبدو أنه لا يوجد لباراك ما يتفاخر به: مراقب الدولة قال في التقرير الذي نشر في 2011 إن العملية التي نقل في سياقها باراك اعماله الخاصة لبناته الثلاث « كانت فيها اخطاء... اعمال باراك لم تلائم المعايير المتوقعة من وزير ». وبلهجة مشابهة قالت صحيفة « ذي ماركر »: « التقرير هو توبيخ جماهيري خطير للوزير باراك ».

إن هجومه على الحكومة يتسبب بضرر كبير لصورة دولتنا واستقامة الحكومة المنتخبة. اتهاماته الكاذبة يستغلها اعداؤنا الذين يعملون على تشويه صورتنا. ما الذي سيأملونه أكثر حينما يحذر رئيس الحكومة السابق من وجود « بوادر فاشية » في اوساط النظام في اسرائيل؟.

إن امكانية اسماع انتقادات شديدة الى هذه الدرجة وظهورها في وسائل الاعلام الاسرائيلية، تضع انتقاداته موضع السخرية حول الفاشية التي تقترب. وبنفس القدر ليس من الصعب وصف العاصفة الاعلامية التي كانت ستثور لو كان نتنياهو بدلا من باراك هو الذي ينتقد خصومه بشكل مشابه.

كان يمكن قول كل جملة وكل تحريض في خطاب باراك اليائس الذي كان من أبرز القادة الفاشلين في تاريخ الدولة. ولكن في سياق مقال آخر، توجد حدود لكمية السخافات التي يمكن دحضها. وفي نهاية المطاف، آمل أن الجمهور الاسرائيلي يكون مستعدا ومجربا بما يكفي كي لا يتم اغراءه وتضليله بالاكاذيب التي يبثها الشخص الذي اثبت مرة تلو الاخرى أنه لا يستطيع بالفعل.

كلمات دلالية