الكاتب: ممتاز مرتجى
الشيخ المجاهد أبو حفص الخضري كان من الدعاة القلائل الذين جسدوا لي في شخصيتهم صورة الداعية والمجاهد في آن واحد. كان ينتمي إلى الجيل الإسلامي منذ نعومة أظافره حتى قبل ان تتشكل ملامح الحركة الإسلامية المجاهدة فهو ينتمي لعائلة مسلمة متدينة بالفطرة،أما هو فعلى صعيده الشخصي كان يجد شغفا بتعلم الإسلام والفقه، وكان يتجه نحو الخطابة منذ سني عمره الأولى ونجح في أن يكون خطيبا ناجحا وداعية مؤثرا في مجتمعه.
الحديث عن الشيخ أبو حفص الخضري يطول لما يملك من معالم الشخصية الجهادية المؤثرة، وخير دليل على ذلك الجماهير الغفيرة التي شاركت في تشييعه في المسجد والصلاة عليه وصولا إلى مقبرة الشيخ رضوان.
كل من عرف أبا حفص واستمع إليه وخالطه أحبه دون تردد فهو الداعية الزاهد والمجاهد الصلب المتمسك بعقيدته ومبادئه وأفكاره حتى آخر لحظة من حياته.
احتضن الشيخ أبو حفص الحلقات والجلسات الأولى لأبناء الجهاد الإسلامي في بيته في حي الشجاعية قرب مسجد السيد علي ولم تكن حركة الجهاد الإسلامي تعلن عن نفسها واسمها حينئذ حيث عملت تحت اسم مؤسسة الشباب الإسلامي الحر الفلسطيني وكتلة الإسلاميين المستقلين، وكان هو من الأفراد الأوائل الذين شكلوا اللبنة الأولى لحركة الجهاد الإسلامي، وكان بيته عنوانا مهما تؤمه طلائع الجهاد الإسلامي بقيادة الدكتور المؤسس فتحي الشقاقي رحمه الله.
اعتقل الشيخ أبو حفص في ديسمبر ١٩٨٩ ضمن ثلة كبيرة من أبناء حركة الجهاد الإسلامي في الضربة الكبرى التي تلقاها التنظيم الذي كان يقف على رأسه الدكتور المجاهد جميل يوسف. وتعرض الشيخ أبو حفص لتعذيب شديد كباقي رفاقه في التحقيق ثم صدر ضده حكم بالاعتقال لمدة تزيد على ثلاث سنوات فعلية وأربع مع وقف التنفيذ بتهمة دعم الانتفاضة وتشكيل لجان سياسية لحركة الجهاد الإسلامي والتحريض في الخطب المنبرية ضد دولة الاحتلال.امضي الشيخ أبو حفص الحكم كاملا ليخرج أكثر ثباتا وصمودا وإصرارا على مواصلة طريق الجهاد والثورة.
استمر الشيخ أبو حفص على درب ذات الشوكة وواصل دعوته إلى الله حتى أجهده المرض وأقعده عدة سنوات في البيت حتى فاضت روحه طاهرة زكية مباركة في شهر رمضان المبارك شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار.رحم الله أبا حفص وعوض عنه شعبه وأهله ووطنه ومحبيه خيرا. مهما كتبنا وتحدثنا عن الشيخ أبو حفص فلن نوفيه حقه فالكلمات تقف عاجزة أمام تضحياته وعطائه وتاريخه الناصع والمشرف.