خبر خان يـونـس في فم التاريخ

الساعة 03:24 م|16 يونيو 2016

فلسطين اليوم

عرفت خان يونس بهذا الاسم نسبة إلي مؤسسها الأمير يونس النوروزي الدويدار المملوكي الذي أقام هذا الأمير خاناً عام 789هـ 1387م على شطل قلعة حصينة لتكون بمثابة حصن وليتخذها التجار نلاً لهم أثناء تجارتهم بين مصر والشام، وما لبث أن أجتمع قرب الخان الناس الذين كانوا يقومون بخدمة التجار والتعامل معهم ، ثم ظهرت حول هذا الخان محلة عامرة ثم صارت قرية زاهرة وأمتد بها العمران لتصبح مدينة في الجنوب الفلسطيني وتشاء الأقدار أن تصبح محافظة من محافظات الوطن الفلسطيني المحرر في 5 مايو 1994 بقرار من فخامة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات أبو عمار رحمه الله ...

ويحدثنا التاريخ الفلسطيني أنه في عام 922هـ ، كانون أول 1517م كان السلطان سليم الأول العثماني يُعد حملةً لغزو مصر من خان يونس وكان يرافقه وزيره الأكبر يونس باشا الذي اقترح تأجيل الحملة بسبب سوء الأحوال الجوية آنذاك ، غير أن السلطان سليم أصر علي تنفيذ الحملة في وقتها ...

وفي أثناء عودة السلطان سليم لعاصمة مُلكه بعد فتح مصر و أثناء استراحة في خــــان يونس التفت إلي وزيره الأكبر يونس باشا وقال له : أرأيت كيف أصبحت مصر الآن لنا ... ؟؟

فأجاب يونس باشا أن فتح مصر لم يُعد علينا بشئ إلا هلاك نصف الجيش في الحروب وفي الرمال ... فغضب السلطان سليم باشا من رده و أمر بضرب عنقه في ذلك اليوم ... وتم ذلك فعلاً ودفن يونس باشا في 6 رمضان 923هـ وفق 1518م كما هو مواضح علي ضريحه « قبره » داخل أسوار الخان الذي أنشأه الأمير يونس النوروزي الدويدار المملوكي في حينه ...

كما يحدثنا التاريخ الوطني الفلسطيني أنه في عام 1213 هـ 1799م وصل نابليون بونابرت رفح في طريقه لغزو الشام وسوريا ، وكان القائد مسيو كليبر في مقدمة الجيش الفرنسي و القائد مسيو لان في المؤخرة ، وتبعهم نابليون إلا أنه لم يعثر علي أثر لجيشه ، لأن الحملة كانت قد ضلت طريقها وفي خان يونس وجد نابليون نفسه مع نفر قليل من جنده ، ولو تمكن أهل الخان من قتل نابليون قبل إعادته علي تنظيم جيشه التائه ومواصلة حملته بلاد الشام لتغير وجه التاريخ في خان يونس ... ولكن إرادة الله شاءت أن يتغير وجه التاريخ في مدينة عكا الفلسطينية التي استعصت وقاومت الحملة الفرنسية علي بلاد الشام و أجبرته عكا علي العودة إلي مصر يجر أذيال هزيمته.

كما يجثنا التاريخ الفلسطيني أن البريطانيين عندما قاموا بالاستيلاء علي رفح في 9 يناير 1917م بقيادة الجنرال اللنبي واحتلالهم لخان يونس، أخذ بالاستعداد للزحف علي مدينة غــــزة حيث دارت معركة حامية بين القوات الانجليزية والقوات العثمانية مما إلي تراجع الجيش البريطاني إلي خان يونس ... ومنها انطلقوا مرة أخري لاحتلال غزة وكان ذلك في فبراير 1917 ، ومن الجدير ذكره أن الجنرال اللنبي الذي كان يقود الجيش، تمكن من مد سكة حيدي ربطت مصر بفلسطين حتي وصلت إلي مدينة غزة في مارس 1917 ، هذا ونشير علامات الكيلومترات المسجلة بمحاذاة خط السكة الحديد أن المسافة بين رفح وخان يونس 9 كم وبين خان يونس ودير البلح 9 كم وما بين خان يونس وغـــــزة هي 25 كم ...

كما يحدثنا التاريخ الفلسطيني أن مدينة خان يونس قد فتحت صدرها وذراعيها بعد الحرب الفلسطينية الإسرائيلية سنة 1948، ليحتضن أهلها أبناء شعبنا الفلسطيني الجريح من أكثر من تسعين قرية ومدينة لتضمهم بين حناياها ليطرزوا الوان الطيف الفلسطيني ...

وعندما وقع العدوان الثلاثي « قوات بريطانية و فرنسية وإسرائيلية » علي مصر الشقيقة وقطاع غـزة في 29 أكتوبر 1956، قامت خان يونس بمقاومة العدوان حتي النهاية وقاتل المدافعون عنها بشرف و شجاعة أذهلت الأعداء ، فقام اليهود الصهاينة بارتكاب مجزرتهم الوحشية علي أسوار قلعة خان يونس وشوارعها وحاراتها... وتم الجلاء عنها 7 مارس 1957 و في 14 مارس 1957 عادت الإدارة المصرية إلي قطاع غزة التي كانت تديره قبل العدوان الثلاثي و بعدما حلت النكبة علينا في 1948 .

وفي حرب الخامس من حزيران 1967 كان لخان يونس دوراً مميزاً حيث قاومت الاحتلال الإسرائيلي وجيشه الغادر مقاومة بطولية شهد لها الأعداء قبل الأصدقاء ، أنها المدينة الوحيدة ( من القنطرة المرية إلي القنيطرة السورية )، التي صمدت في وجه الاحتلال النازي لستة أيام ، مما دعا الإسرائيليون لتسميتها بحرب الأيام الستة.

وكلكم عشتم كما عاشت خان يونس لمدة 27 عاما تحت الاحتلال الإسرائيلي النازي الغاشم وكلكم شاركتم شرف رفض الاحتلال ومقاومته عندما شاركتم في انتفاضتنا التي سطرناها بدماء شهدائنا وفدائيينا الأشاوس الذين أجبروا قادة العدو الصهيوني علي الأعتراف بشعبنا الفلسطيني أنه صاحب حق في أرضه وتمكنا من دحر الإختلال الغاشم عن بعض أراضينا في الخامس من مايو 1994 وهروبه من كل قطاع غـــزة في 25 سبتمبر أيلول 2005.

وبعد عودة سلطتنا الوطنية الفلسطينية في 1994 أصبحت خان يونس محافظة من محافظات الوطن الفلسطيني المحرر مما جعلها همزة وصل بين مدن وقري قطاع غزة.

ومما يذكره التاريخ الوطني الفلسطيني أن أهل خان يونس معروفون بتمسكهم بعاداتهم وتقاليدهم العربية والإسلامية، فهم كرماء لضيوفهم محافظين علي تقاليدهم وشعائر ديننا الحنيف، ولعائلاتها مجالس ودواوين يجتمعون في مناسباتهم الوطنية والاجتماعية وحل مشاكلهم وتدارس أوضاعهم المعيشية، فعاداتهم كما ترون أقرب إلى عادات القبائل العربية منهم إلى أهل المدن، ومن الدواوين التي لا زالت تستقبل ضيوفها صباحاً ومساء وفي كل المناسبات، ديوان عائلة الأغا بالقلعة.

وخان يونس كما ترون مدينة شقيقة لكل المدن والقري الفلسطينية وعاشت كما عاشوا الظروف التاريخية التي مرت بفلسطين وبالتالي فإنها وتاريخها جزء لا يتجزأ من وطننا وتاريخنا الوطني الفلسطيني.

 

كلمات دلالية