يعود للقرن التاسع عشر

بالصور الزمن الجميل: حكاية « مدفع رمضان » في غزة؟

الساعة 03:26 م|11 يونيو 2016

فلسطين اليوم

على وقع ابتهالات استاذ المداحين الشيخ الراحل سيد النقشبندي، وأغنية « رمضان جانا .. » للفنان الراحل محمد عبدالمطلب، التي كانت تُبثُ على إذاعة صوت العرب المصرية او مسجلة على اسطوانات (جرامافون) المسجل القديم المعروف بالبوق النحاسي، كان يتلهفُ الكبير والصغير في مدينة غزة لسماع صوت آخر، فيضعون أُصبع السبابة تحت شحمة آذانهم مع لفتة بسيطة للرأس ناحية اليسار لسماع صوت « مدفع رمضان ».

لم يكن قبل (48 عاماً) في قطاع غزة مساجد بالعدد الموجود حالياً، وغالباً كان يعتمد الناس في شهر رمضان بإمساكهم وإفطارهم على الرؤية، أو ساعة اليد، او سماع صوت المدفع، أو سماع صوت شيخ كبير يؤذن في الشارع، أو تنبيه الجيران لبعضهم.

العلم بمعرفة الإفطار والإمساك كان أسهل عند أهالي المناطق الشرقية لمدينة غزة من غيرهم في المناطق الأخرى، فكونوا يفطرون ويتسحرون على صوت « مدفع الافطار » المنصوب فوق جبل المنطار شرق حي الشجاعية.

يستخدم « مدفع رمضان » كأسلوب إعلان عن موعد الإفطار والإمساك عن الطعام وإخبار العامة عن هذا الموعد


مدفع رمضان ‫(29405065)‬ ‫‬

ويستخدم « مدفع رمضان » كأسلوب إعلان عن موعد الإفطار والإمساك عن الطعام وإخبار العامة عن هذا الموعد، وهو تقليد كان متبع في العديد من الدول الإسلامية، بحيث يقوم جيش البلد أو البلديات أو المختصين بإطلاق قذيفة مدفعية صوتية لإعلان الإفطار والإمساك.

غير ان ذلك المدفع ومنذ عام 1967 م أصبح قطعة من الماضي،  وتوقف نهائياً عن العمل لأسبابٍ عدة ابرزها، منع قوات الاحتلال استخدامه لدى احتلالها غزة، وانتشار المساجد في احياء قطاع غزة، واعتمد السكان منذ ذلك الحين على سماع صوت الآذان من المساجد المنتشرة للامساك والافطار في شهر رمضان.

واحتلت « إسرائيل » قطاع غزة في يونيو/حزيران 1967، وانسحبت من داخل مدنه منتصف العام 2005، لكنها أبقته محاصرا بقواتها العسكرية.

وفي هذه الأيام يتربع المدفع المصنوع من الحديد « السَكِبْ » على عمود من الخرسانة تجاوز ارتفاعه ثلاثة أمتار، وسط مدينة غزة، ولا يزال يقبع « المدفع العثماني »، الذي اعتاد الغزيون على صوته، لمعرفة موعدي الإفطار، والإمساك في شهر رمضان حتى عام 1967.

المدفع كان منصوب فوق جبل المنطار وتوقف العمل به منذ عام 1967 بسبب الإحتلال وإنتشار المساجد

وبعد مرور (48 عاماً) على عدم استخدامه، أصبح المدفع الذي وضعته بلدية مدينة غزة وسط باحتها، من الموروثات التاريخية الإسلامية فقط، كما يقول نهاد المغني، مدير عام الهندسة والتخطيط في بلدية غزة.

ويقول المغني، في حديثه لوكالة الأنباء تركية:« إن المدفع يعود للقرن التاسع عشر، واستخدم في عهد الخلافة العثمانية في فلسطين، حتى عام 1967، عندما احتلت إسرائيل قطاع غزة، ومنعت استخدامه ».

وأضاف أن « المدفع الموجود في مقر بلدية غزة معطل، ولا يمكن استخدامه لوجود نقص في بعض القطع والقذائف ».

يعود أصل المدفع المُعطل والموجود في مقر بلدية غزة للقرن التاسع عشر واستخدم في عهد الخلافة العثمانية في فلسطين

وأشار إلى أنه استخدم لأغراض مدنية فقط، حيث كان يحدد صوته موعدي « الإفطار » و« الإمساك » في شهر رمضان، إضافة إلى الكثير من المناسبات كالأعياد.

وحكم العثمانيون فلسطين عام 1516م، بعد معركة مرج دابق في 23 آب/ أغسطس من ذلك العام، وحتّى نهايات الحرب العالمية الأولى عام 1917م.

وكثيراً ما يذكر الغزيون « مدفع رمضان » خاصة كبار السن الذين عاصروه، فتجدهم يقولون بطريقةٍ عفوية « ضرب المدفع؟ » للسؤال عن آذان المغرب للإفطار، بل وعندما يمرون بالقرب من مقر بلدية غزة وسط المدينة لا تكاد أعينهم ترمشُ عن مدفع رمضان العثماني.

يقول الكاتب الغزي وفيق زنداح مستذكراً الزمن الجميل في مقالة له بعنوان (غزة .. ورمضان زمان) « بعد اطلاق مدفع الافطار يبدأ افطارنا .. هذا المدفع الذي كان على تلة جبل المنطار .. في حي الشجاعية .. وكانت غزة بكافة أحيائها تسمع صدي قذيفته في ظل فرحة الاطفال والكبار .. وأصوات المآذن والمساجد عبر صوت المؤذنين.. الذين يدعون للصلاة ..وليس عبر الميكروفونات التي لم تكن موجودة أو مستخدمة الا بالمناسبات باحتفالات 7 مارس .. و14 مارس التي لها علاقة بالانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة بعد العدوان الثلاثي ».

من اين جاءت فكرة المدفع؟

وكانت القاهرة أول مدينة ينطلق فيها مدفع رمضان، فعند غروب أول يوم من رمضان عام 865 هـ أراد السلطان المملوكي خشقدم أن يجرب مدفعًا جديدًا وصل إليه، وقد صادف إطلاق المدفع وقت المغرب بالضبط، ظنَّ الناس أن السلطان تعمد إطلاق المدفع لتنبيه الصائمين إلى أن موعد الإفطار قد حان، فخرجت جموع الأهالي إلى مقر الحكم تشكر السلطان على هذه البدعة الحسنة التي استحدثها، وعندما رأى السلطان سرورهم قرر المضي في إطلاق المدفع كل يوم إيذانًا بالإفطار ثم أضاف بعد ذلك مدفعي السحور والإمساك.

القاهرة أول مدينة انطلق فيها مدفع رمضان وجاءت فكرة استخدامه عن طريق الصدفة



تنزيل

وهناك رواية أخرى تفيد بأن ظهور المدفع جاء عن طريق الصدفة، فلم تكن هناك نية مبيتة لاستخدامه لهذا الغرض على الإطلاق، حيث كان بعض الجنود في عهد الخديوي إسماعيل يقومون بتنظيف أحد المدافع، فانطلقت منه قذيفة دوت في سماء القاهرة، وتصادف أن كان ذلك وقت أذان المغرب في أحد أيام رمضان، فظن الناس أن الحكومة اتبعت تقليدًا جديدًا للإعلان عن موعد الإفطار، وصاروا يتحدثون بذلك، وقد علمت الحاجة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل بما حدث، فأعجبتها الفكرة، وأصدرت فرمانًا يفيد باستخدام هذا المدفع عند الإفطار والإمساك وفى الأعياد الرسمية.

يشار أن المسلمين كانوا أيام الرسول يأكلون ويشربون في شهر رمضان من الغروب حتى وقت النوم، وبعدها أصبحوا يلتزمون بالموعد الدقيق عند سماع صوت المؤذن، واشتهر من المؤذين في الإسلام سيدنا بلال وابن أم مكتوم بأدائه.

وقد حاول المسلمون على مدى التاريخ – ومع زيادة الرقعة المكانية وانتشار الإسلام – أن يبتكروا الوسائل المختلفة إلى جانب الآذان للإشارة إلى موعد الإفطار، إلى أن ظهر مدفع الإفطار إلى الوجود.

 



مدفع رمضان ‫(29405074)‬ ‫‬

مدفع رمضان ‫(29405072)‬ ‫‬

مدفع رمضان ‫(29405071)‬ ‫‬

مدفع رمضان ‫(29405067)‬ ‫‬

مدفع رمضان ‫(1)‬ ‫‬

مدفع رمضان ‫(29405066)‬ ‫‬

مدفع رمضان ‫(29405069)‬ ‫‬



مدفع رمضان ‫(29405065)‬ ‫‬

كلمات دلالية