خبر عملية « تل أبيب ».. الانتفاضة مستمرة بقلم: هيثم أبو الغزلان

الساعة 08:35 م|09 يونيو 2016

فلسطين اليوم

إن عملية تل أبيب البطولية، التي نفذها المقاومان: محمد مخامرة، وخالد مخامرة، من بلدة يطا جنوب مدينة الخليل، تأتي في سياق « الرد الفلسطيني » على العدوان « الإسرائيلي » المتواصل على الشعب الفلسطيني؛ في المسجد الأقصى، وعلى تنامي الاستيطان، وتغوّل المستوطنين وتنامي عدوانهم في الضفة والقدس. وقبل هذا وذاك هو رد على من راهنوا أن الشعب الفلسطيني سيتم تدجينه ومسخه، بكل وسائل الترهيب والترغيب؛ لطمس هويته وثقافته الوطنية، وقتل روحه النضالية. وقد أثبتت عملية « تل أبيب » كما غيرها من العمليات، وبجدارة أن هذا رهان فاشل ولا أساس له.

وسعى قادة الإحتلال إلى إنهاء « إنتقاضة القدس » ووقف العمليات بإستخدام العقوبات الجماعية؛ وفرض منع التجول، وهدم منازل منفذي العمليات، وترحيل أسرهم إلى غزة، وسحب تصاريح العمل، وتوسيع الإستيطان، والقيام بعمليات الإعدام الميداني والإعتقالات في محاولة لوقف هذه الإنتفاضة المستمرة، إلا أن ذلك لم يحصل.. بل على العكس بل أوجدت هذه الانتفاضة قلقًا وإرباكًا كبيرين في الداخل الإسرائيلي، وسيقود استمرارها إلى آثار سياسية وإقتصادية ونفسية وإعلامية سلبية على الكيان « الإسرائيلي ». وسيكون لها تبعات مختلفة الجوانب على المستويين الإقليمي والدولي مع استمرارها.

وقد أثبتت عملية « تل أبيب »، أن كل المبادرات السابقة والحالية والتي يُعمل على « تظهيرها » لا يمكن أن تكون حلاً مُرضياً لشعبنا الفلسطيني. وأن انتفاضة القدس مستمرة وماضية في طريقها، وهي حلقة من حلقات النضال والمقاومة والجهاد الفلسطيني المستمر منذ أكثر من قرن.

وبناء عليه قرأ الإسرائيليون وبشكل جيد هذه العملية وتداعياتها. فقد كتب المحلل الإسرائيلي « ناحوم برنياع »، في صحيفة « يديعوت » أن: « عملية إطلاق النار في قلب منطقة الترفيه الصاخب في تل أبيب هي ضربة؛ فهي لا يُفترض أن تقع. ولكنها وقعت، وذكّرتنا بأن الشائعات عن خبو الانتفاضة الحالية كانت سابقة لأوانها. فالبندقية المصنوعة محليًا حلّت محل سكين المطبخ؛ لابسو البدلات حلّوا محل فتيان المدارس، ولكن الإرهاب لا يزال هنا فتاكًا كما كان دومًا ».

وقبل فترة، كتب المحلل « الإسرائيلي » للشؤون العربية « يوني بن - مناحيم » أنه لا يمكن الإدعاء أن « إنتفاضة القدس » ستنتهي في القريب، وأن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أنها ستتواصل وستبحث عن زخم جديد.

وفي تحليل للباحثة « الإسرائيلية »، في معهد السياسات الأمنية في العاصمة الأمريكية « واشنطن »، « كارولين غليك »، ورد في صحيفة « معاريف »، قالت فيه: « إن جميع استطلاعات الرأي بين الفلسطينيين في الأعوام الـ25 الأخيرة تشير إلى أن جيلًا كاملًا منهم يدعم العمليات المسلحة ضد »إسرائيل« ، كما أن غالبية الفلسطينيين يكرهون إسرائيل والإسرائيليين، ويعتقدون بأن ليس لديهم حقوق لإقامة دولة يهودية ».

وأضافت « غليك » أن « العمليات التي ينفذها شبان فلسطينيون من طعن ودهس وإطلاق نار ليست هجمات فردية منعزلة ناجمة عن التحريض، لأن كل من يحمل سكينًا ويقتل مستوطنًا لا يكون مرسلًا من تنظيم فلسطيني، بل من قبل مجتمع فلسطيني كامل، وبالتالي فإن إطلاق وصف »عمليات فردية« تسطيح لطبيعة الهجمات. فنحن نعرف أنه لن يكون بيننا وبينهم سلام، وإن كان قد حصل فقد كان سلامًا زائفًا وغير مستمر، لكننا أيضًا نعرف أننا غير قادرين على ردعهم عن تنفيذ المزيد من الهجمات ضدنا، في ضوء أن 65%- 85% من الفلسطينيين يعتقدون أن العمليات المسلحة ضد »إسرائيل« أمر مثمر، سيدفع »إسرائيل« لتقديم المزيد من التنازلات لهم، وربما يكونون محقين في ذلك ».

إن عملية تل أبيب البطولية تكتسب أهمية مزدوجة؛ فهي تأتي في وقت تُطرح فيه المزيد من المبادرات السياسية لتصفية القضية الفلسطينية، وهي ضربة للإجراءات الأمنية الإسرائيلية « في قلب منطقة الترفيه الصاخب في تل أبيب »، وهي تأتي في ظل المزيد من العطاءات الاستيطانية، وبعد تولي الإرهابي أفيغيدور ليبرمان لوزارة الجيش.. وبعد تبجُّح جهاز الأمن العام « الإسرائيلي » بانخفاض العمليات الفلسطينية مؤخرا... فجاءت هذه العملية رداً طبيعياً اخترق فيه المقاومان البطلان كل الاجراءات الأمنية الإسرائيلية المشددة ووصلوا إلى قلب « تل أبيب » وضربوا عمقها، في إصرار فلسطيني على مواصلة المقاومة والانتفاضة بكل الطرق المؤلمة للاحتلال..

فهل يعي البعض ذلك؟!!

كلمات دلالية