خبر فضيحة النصَّاب الفرنسي.. هل تكشف أسرار حملات نتنياهو؟

الساعة 08:02 ص|08 يونيو 2016

فلسطين اليوم

حلمي موسى

يبدو أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي نجح مؤخراً في توسيع ائتلافه الحكومي، أخفق في تقدير قيمة الملاحقات القضائية بحقه وحق زوجته. وعدا عن التحقيقات التي ينفذها مراقب الدولة حول تبذير نتنياهو لأموال الجمهور، وتلك التي تديرها الشرطة بحق زوجته إثر قضايا مرفوعة عليها في محكمة العمل، ظهرت قضية الملياردير الفرنسي أرنو ميمران الذي يُعلن أن جانباً من الأموال التي نصب فيها على آخرين، قُدِّمت لتمويل حملات نتنياهو الانتخابية. وفيما ينكر نتنياهو ذلك، ويقول إنه لم يتلق منه سوى 40 ألف دولار قبل أن يغدو رئيساً للحكومة، يصر ميمران الذي تجري محاكمته في فرنسا في قضية نصب كبرى، على أنه على الأقل قدّم لنتنياهو 170 ألف يورو.

ولاحقت قضية ميمران نتنياهو حتى موسكو التي يزورها في ظل الاحتفالات بالذكرى الخامسة والعشرين لاستئناف العلاقات الديبلوماسية بين روسيا وإسرائيل. واعتبر نتنياهو خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه «تمخّض الجبل فولد فأراً صغيراً». لكن لا يبدو أن ثقة نتنياهو بنفسه كبيرة، على الأقل في ضوء تزايد التقارير حول اتساع علاقاته مع الملياردير اليهودي - الفرنسي النَّصَّاب.

وكتب المعلق السياسي في «معاريف» إلى أن المعنى الحقيقي لقضية ميمران أنها سوف تساعد في فضح آلة تمويل الحملات الانتخابية لنتنياهو، والتي لا يعرف الكثيرون عنها شيئاً. ومعروفٌ أن لنتنياهو صداقاتٌ مميزة في عالم كبار رجالات الأعمال اليهود في العالم، وخصوصاً في أميركا. ومثلاً، أنشأ الملياردير اليهودي - الأميركي شلدون أدلسون في إسرائيل صحيفةً مجانية تصدر بشكل يومي لتخدم سياسة نتنياهو وتؤيد خطواته.

وفي مشهد إثارة كبير، أجرت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي مقابلة مع الملياردير ميمران ناقض فيها ادعاءات نتنياهو بأنه لم يتلق منه أي أموال. وأشار ميمران إلى أنه في العام 2001 قام بتحويل مبالغ مالية مباشرة إلى الحساب الشخصي لنتنياهو وليس لأي صندوق. وأضاف أن «إشعار التحويل المصرفي لا يزال بحوزتي، من أرنو ميمران إلى بنيامين نتنياهو، إلى حسابه الشخصي». وأقرّ ميمران أنه بقي على علاقة صداقة حميمة مع نتنياهو لسنوات بعد تحويل الأموال لحسابه، مؤكداً أن «نتنياهو لم يفعل شيئاً مرفوضاً أبداً. وهو لم يحاول إخفاء أي شيء أبداً».

وكان ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية أعلن عند تفجر قضية ميمران وتمويله لنتنياهو في محكمة فرنسية في آذار الماضي أن «نتنياهو لم يطلب شيئاً، ولم يتلق أي تبرع، ولم يقدم شيئاً لعائلة ميمران». لكن بعد شهر من ذلك، تم تغيير الصيغة وجرى الحديث عن تحويل أموال لمصلحة عمل عام لنتنياهو عندما لم يكن يخدم في أي منصب سياسي. ولكن قبل يومين، أعلن ديوان نتنياهو أن «ميمران تبرع بـ40 ألف دولار لصندوق لنشاط عام للسيد نتنياهو تضمن إطلالات إعلامية ورحلات خطابية كثيرة في الخارج لمصلحة دولة إسرائيل وقد تمت وفقا للقانون».

وكما سلف، فإن ميمران يشدد على أن الحديث لا يدور فقط عن 40 ألف دولار. وقال: «أولاً، لم أقل أبداً مليون يورو، وإنما قلت مليون. وهذا كان في العام 2001، والحديث كان يدور عن مليون فرنك فرنسي تساوي 170 ألف يورو. ثانياً، فعلاً حولت مبالغ مالية للسيد نتنياهو، لكن وقع ارتباك. تحويل الأموال تم في العام 2001. وصلت للاحتفال بفوزه في العام 2009، ولا صلة لذلك بتحويل الأموال سابقاً. هذا حدث بعد ثماني سنوات من ذلك».

وقال ميمران إن التحويلات المالية لم تكن لغرض تمويل حملة سياسية: «المبلغ الذي حولته تم بشكل رسمي. والحديث لا يدور عن شيء يستطيع هو أو أنا إخفاءه. أنا أتذكر أن المبلغ كان 170 ألفاً، هو الآن يقول إنه 40 ألفاً، لكني واثق بما أقول لأن إشعار التحويل بحوزتي». وأكد أن التحويل تم لحساب شخصي لنتنياهو وفي مصرف إسرائيلي.

وكان المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، أمر بفحص شهادة ميمران في المحكمة الفرنسية، والتي قال فيها إنه قام بتحويل مليون يورو أثناء حملة نتنياهو الانتخابية العام 2009. وفي أعقاب نشر شهادة ميمران، توجهت جهات عدة في إسرائيل للمستشار القضائي طالبةً منه التحقيق في الأمر.

ومعروف أن قانون الأحزاب في إسرائيل يسمح لكل مرشح في الانتخابات بتلقي تبرعات من شخص واحد لا تزيد عن 11377 شيكلا، أي حوالي أربعة آلاف دولار. كما معلوم أن ميمران يحاكم في فرنسا بتهمة نصب كبيرة تتراوح قيمتها ما بين 282 مليون يورو إلى مليار يورو. أما العلاقة بين ميمران ونتنياهو، فظهرت في تحقيق استقصائي قامت به صحيفة «هآرتس» بالتعاون مع موقع «ميديابارت» الفرنسي.

وكتب أمس كبير المعلقين في «يديعوت» ناحوم بارنيع أن «آرنو متهمٌ في هذه اللحظة في فرنسا بأعمال نصب تصل الى 300 مليون يورو، المبلغ الذي يجعله شخصية اسطورية، وظاهراً أعظم الغشاشين الفرنسيين في كل الازمنة. نتنياهو لم يعرف هذا بالطبع عندما جعله صديقا مقرباً. نتنياهو ليس نبياً، ولكن في 2009، عندما دعا ميمران للاحتفال معه ومع اصدقاء مقربين بعودته لمكتب رئيس الوزراء كان ينبغي له أن يعرف».

وأضاف بارنيع: «من حق الاسرائيليين ان يسألوا الآن، دون صلة بنتائج الفحص، كيف يجد شخص مثل نتنياهو نفسه في سرير اخلاقي واحد مع شخص مثل ميمران؟ لماذا على مدى كل حياة نتنياهو الشخصية تمسك بأناس اغنياء، يمنحونه الامتيازات، ينزلونه في شقق فاخرة وفي فنادق فاخرة ويحرصون على تدفئته بالمال؟ فهو شخص ذكي. وهو ملزم بأن يفهم بأن الادعاء بانه لم يعطهم شيئاً مرفوض. فهو يعطي هؤلاء الاشخاص المشكوك فيهم، وهم موضع التحقيقات من لاس فيغاس وحتى باريس، الكثير جداً: يعطيهم شرف دولة اليهود، هذا طبق الفضة (المال) بصيغة اسرائيل 2016».

ويبدو أن هذه الفضيحة ستزيد الأعباء المعنوية والضغوط النفسية على نتنياهو الذي يرغب في أن يكون «ملك إسرائيل».

 

كلمات دلالية