خبر منذ حربكم -هآرتس

الساعة 09:58 ص|31 مايو 2016

فلسطين اليوم

بقلم: نوريت وورغيفت

          (المضمون: يوم القدس ليس مناسبة للاحتفال بالنسبة للشيوخ في شرقي القدس. فهم يعيشون حالة من الضغط بسبب ملاحقة مؤسسة التأمين الوطني لهم، أو امكانية سيطرة المستوطنين على المنازل التي يعيشون فيها - المصدر).

          التاريخ الذي يتم فيه احياء يوم القدس هام للقادمين الى مركز المسنين بقرب باب الساهرة، فقط من الناحية اللوجستية: « كل سنة يقومون باغلاق الشوارع، محظور المرور من هنا أو من هناك »، قال منير أبو دياب، وهو موظف بنك متقاعد من حي الثوري، « حتى لو نجحت في الوصول فقد تكون فوضى، ولا يمكنني العودة الى البيت ».

          المركز في البلدة القديمة يُدار من قبل جمعية جماهيرية مستقلة هي « أبناء القدس » التي تعتمد في الميزانيات على بلدية القدس. حوالي 120 رجل وامرأة يشاركون في النشاطات المختلفة، واغلبيتها تختص بالجيل الثالث: محاضرات حول التغذية السليمة ودورات في الحاسوب والفنون والرياضة. وهناك ايضا محاضرات المحامين التي تحظى باهتمام كبير، حيث يساعد المحامون في ترتيب الحقوق وشروط الحصول عليها.

          في الاسبوع الماضي جلس بعض من في المكان على الطاولات في الساحة ولعبوا الدومينو. النقاشات المتعلقة بالعمر – الامراض، نفقات الدواء ومخصصات التأمين الوطني – تداخلت مع الاحاديث عن اسعار المعيشة بنوع من عدم اليقين. « الجميع هنا يعيشون في حالة ضغط »، قال أمين الحرباوي، « ومن لديه الآن مكان للنوم والأكل لا يمكنه ضمان استمرار ذلك. ليس من الجيد العيش هكذا في هذه السن ». وحسب اقوال مدير المكان، سهيل العموري، فان الكثيرين من رواد المكان يعانون من الامراض المتعلقة بالضغط والخوف مثل السكري وضغط الدم المرتفع، لكن لا يمكن معرفة ما الذي تسبب بهذه الامراض.

          على سور القدس تواجد رجال حرس الحدود وهم ينظرون الى شارعي السلطان سليمان وصلاح الدين. المركز – عدد من المباني المنخفضة التي أسطحها من الصفيح وجدرانها مغطاة باللون الوردي – يوجد في منطقة خاصة، وهو تبرع من عائلة العلمي وكان فارغا حتى السبعينيات. يقول العموري أنه احيانا تأتي الشرطة وتتجول بين المباني وتقوم بفتح الابواب: « قلت لهم، رجاء لا تدخلوا، يوجد نساء هناك بالملابس الرياضية، ولكن الامر لم يهمهم ».

          أبو دياب (69 سنة) قال إنه منذ موجة العنف الاخيرة « كل يوم يوجد حاجز جديد، ولا يمكن معرفة أين سيكون ». إنه يستمر في المجيء، حسب اقواله « لأن اسوأ شيء هو البقاء في البيت كل يوم. نأتي الى هنا ونلتقي مع الاصدقاء ونتحدث قليلا. احيانا تكون محاضرة وأنا أتعلم اشياء جديدة ». في زمن المعارك في القدس، في حزيران 1967، هرب مع عائلته الى العيزرية القريبة: « بعد بضعة ايام عدنا، وعندها جاءوا وأخذونا، جميع الرجال، الى السجن في مكان لم أعرفه. حققوا معنا وبعدها قاموا باعادتنا.

          »لم تكن هذه حربنا. اعتقدنا أنه خلال بضعة ايام سيتم السلام وتعود اسرائيل الى الحدود. ولكن منذ ذلك الحين لا توجد إلا الاقوال فقط« .

          مفيد (71 سنة) من وادي الجوز يتذكر جيدا اطلاق الرصاص والخوف: »الجنود دخلوا الى المنازل وأخرجوا الرجال وهم مرفوعي الايدي. لم يخرجوني، لكني شاهدت ذلك. في بيت قريب مني قاموا باطلاق النار على شخصين، سمعت صوت الرصاص ووالدتهما خرجت من البيت وهي تصرخ وتبكي. سمعت منذ كان عمري ثلاث سنوات عما حدث في دير ياسين، وحينما سمعت تلك الصرخة اعتقدت أنه جاء دورنا مثل دير ياسين، وأصبت بالذعر الشديد« . الآن هو يخاف على اولاده: »اذا كنت أريد شيئا ما، فلا أسمح لهم بالخروج لأنني اشاهد ما يفعله حرس الحدود. نحن كبار السن نخرج اليوم من اجل عدم خروج الشباب« .

          أبو محمود (71 سنة) من جبل المكبر لا يخرج كثيرا من بيته: »اذا كنا نريد شيء من حي آخر، فنحن نفكر ثماني مرات ونحاول قدر الامكان عدم الذهاب سيرا على الاقدام« . في قريته لم يشعروا تقريبا بالحرب. »يمكن أن هذا بسبب وجود الامم المتحدة بالقرب منا. في أحد الايام قمنا بالاختباء في البيوت أو المغر، وانتهى الامر. المشاكل بدأت بعد ذلك. فبعد الحرب فرضوا حظر التجول على المدينة ودخلوا بيت بيت. وكانت موجة اعتقالات للمثقفين والنشطاء السياسيين« . وبنظرة الى الوراء يقول »صحيح أنه قبل 67 سنة كانت الامكانيات قليلة لكننا كنا نشعر بالاستقرار والأمن. بعد ذلك تحسن الوضع الاقتصادي، لكننا نعيش في حالة من الاهانة منذ ذلك الحين وحتى اليوم« .

          مفيد هو خياط، عمل سنوات طويلة في جميع انحاء المدينة وايضا في مئه شعاريم. ووفر المال وقام بشراء قطعة ارض في الرام القريبة من القدس من اجل بناء بيت لشيخوخته. ولكن منذ اقامة جدار الفصل تم فصل الرام عن المنطقة البلدية للقدس. واذا انتقل الى هناك فسيفقد حقوقه هنا: »لا يوجد ما أفعله في تلك المنطقة« .

          كثير من الذين يترددون على المركز يعيشون في بيوت مستأجرة وهم يخشون من بيع منازلهم للمستوطنين حيث يجدون أنفسهم في الشارع. »نحن بحاجة دائما الى اثبات أننا نعيش هنا« ، قال خليل الكرد (70 سنة)، »ما نشروه في الصحيفة بأنهم يأتون في الليل لطلب بطاقات الهوية والتفاصيل، صحيح. يأتون في الليل كي يكتشفوا أننا غير موجودين وعندها لا يدفعون لنا مخصصات التأمين الوطني وصندوق المرضى« .

          الكرد هو متقاعد من بلدية القدس، ومن اصدقائه هناك متقاعدون آخرون من مؤسسات اسرائيلية اخرى مثل عناية الزعتري، يتطوعون في التأمين الوطني ويزورون كبار السن الذين لا يمكنهم الخروج من بيوتهم. زعتري (76 سنة) قالت: »الكثيرين من كبار السن ظلوا وحدهم لأن أبناءهم يعيشون وراء الجدار، وكل مرة يأتون للزيارة يضطرون الى اجتياز الحواجز. واذا كنت استطيع المساعدة فلم لا؟« .

          هناك مراكز اخرى مشابهة في شرقي المدينة. وتقوم البلدية بتخصيص وظيفة جزئية لمُركز أو مُركزة – 8 ساعات في الاسبوع. المركزون يقومون بالتخطيط وتنسيق المحاضرات ويتصلون باولئك الذين لا يأتون من اجل الاطمئنان عليهم. »هذه وظيفة كاملة وأنا أعمل بشكل تطوعي« ، قال مُركز الرجال في »أبناء القدس« احمد سمارة. والجمعية تدفع أجرة مُركزة النساء، لكن لثلاثة ايام فقط.

          رد البلدية كان أنه في اطار خطة تقليص الفجوات التي تنتهجها في السنة ونصف الاخيرة تمت زيادة الميزانيات للاندية الاجتماعية. وتمت تهيئة مُركز لهذه الاندية. وقيل ايضا إنه تتم في الوقت الحالي »دراسة امكانية زيادة ساعات العمل للمُركزين من 8 ساعات الى نصف وظيفة، كما هي الحال في غربي المدينة".

كلمات دلالية