خبر تصدّعات داخل اليمين الإسرائيلي لا تحمل تغييرات

الساعة 08:52 ص|30 مايو 2016

فلسطين اليوم

قبل يوم واحد من التصويت في الكنيست على ضم أفيغدور ليبرمان للحكومة كوزير الحرب ضمن خطة توسيع حكومة نتنياهو وائتلافه، تتضارب التقديرات حول مدى نجاح هذه الخطوة أو فشلها.

فقد ألهب ضم ليبرمان خواطر حليف نتنياهو الثاني ومصالحه، زعيم البيت اليهودي نفتالي بينت الذي يملك مقاعد أكثر بمرة ونصف مما يملك ليبرمان لكن أقصى ما ناله هو وزارة التعليم. وقادت هذه الضغينة بينت إلى إظهار البطولة في المطالبة بإدارة ناجعة للمجلس الوزاري المصغر (الكابينت) عن طريق تحديد إجراءات بينها تعيين سكرتير عسكري خاص للمجلس لإطلاع الوزراء على المعطيات وتحضيرهم للمداولات الأمنية.

ومن الوجهة النظرية يبدو أن بينت أمسك باليد التي توجع نتنياهو. فمطلبه، رغم أحقيته الظاهرية، يقلص فعلياً من احتكار وزير الدفاع ورئيس الحكومة للمعلومات. ونظراً لأن تقرير مراقب الدولة تحدّث عن مظاهر إخفاء للمعلومات من جانب نتنياهو ووزير الحرب السابق موشي يعلون عن أعضاء الكابينت أثناء الحرب على غزة، فإن مطلب بينت ينال التأييد.

 لكن الفرق بين المطالبة بذلك والتهديد بالتصويت ضد تعيين ليبرمان، ما يعني إسقاط الحكومة فعلياً، كبير جداً.

وحتى مساء أمس، كان بينت لا يزال يصر على موقفه والذي ينال فيه تأييد كتلته في الكنيست. وطور بينت خطابه بحيث بدا كنقيض حاد لنتنياهو الذي تخلى عن أمن الإسرائيليين بتعيينه ليبرمان وزيراً للحرب.

وأعلن بينت أنه سواء كان داخل الحكومة أو خارجه فسيظل يدافع عن الجنود والضباط. وقد اتخذ بينت هذا المنهج منذ حرب غزة حينما عمد إلى إقامة علاقات مع جهات عسكرية وكان يعرض على الكابينت آراء لا تروق لنتنياهو ولا لوزير الحرب.

والواقع أن معركة بينت ضد نتنياهو على الصعيد الأمني هي جزء واضح من المعركة على الشرعية والزعامة.

 وليس صدفة أن نتنياهو طوال الوقت يحاول أن يسفّه شريكه في الحكم وإظهاره كرجل غير مسؤول ومتهور. ولكن كل شيء جائز في نظر نتنياهو وبينت إذا كان المقصود هو الوصول إلى كرسي الزعامة والبقاء فيه أطول فترة ممكنة.

ومن المؤكد أن ليبرمان أيضاً لاعب ماهر في هذه اللعبة. والمثير للاهتمام أن نتنياهو صار محاطاً بمجموعة من الأصدقاء القدامى الذين تحوّلوا مع الوقت إلى أعداء واضطرتهم جميعاً الظروف للاتحاد من جديد في ائتلاف حاكم باسم اليمين.

هذا يصحّ على ليبرمان الذي واكب نتنياهو منذ اللحظة الأولى لسعيه للوصول إلى الزعامة قبل أكثر من عشرين عاماً. وحدث هذا أيضاً مع نفتالي بينت الذي كان بين أقرب المقربين لنتنياهو وسكرتيراً شخصياً له. وبشكل ما كان هذا أيضاً حال موشي كحلون زعيم حزب «كلنا» الذي خرج من الليكود غاضباً من نتنياهو وخاض الانتخابات ضده.

وواضح اليوم أن اتحاد كل هؤلاء في حكومة واحدة لا يعني زوال الخلافات فيما بينهم. وكثير من المعلقين في إسرائيل يعتبرون إعادة نتنياهو لليبرمان عملاً انتحارياً ليس بسبب خلاف هنا أو هناك وإنما جراء استماتة ليبرمان على إزاحة نتنياهو وكسب زعامة اليمين. ومن شبه المؤكد أن حكومة تضمّ هذا القدر الكبير من الخلافات، وإن نجحت حتى اليوم في تحقيق استقرار سلطوي، إلا أنه ليس مضموناً أن تحافظ على هذا النجاح.

وهذه ليست المرة الأولى التي يعمد فيها بينت، حيناً، أو موشي كحلون حيناً آخر، لتوجيه إنذار لنتنياهو أو التصويت ضد الحكومة أو التغيب عن التصويت. ولكن ربما أن تهديد بينت هذه المرة يقود إلى اسقاط الحكومة واضطرار الدولة العبرية إلى الذهاب مجدداً إلى انتخابات مبكرة.

ثمة بين المعلقين « الإسرائيليين » من يتحدّث عن نظرية مؤامرة أساسها أن نتنياهو برفضه التجاوب مع مطلب بينت بشأن الكابينت يريد فعلياً خلق أزمة لإبعاده عن الحكومة.

وحسب هذه النظرية فإن ابتعاد بينت عن الحكومة سيقود إلى تشجيع حزب العمل على الانضمام إليها ما يعني العودة إلى ما كان عليه الوضع قبل ضمّ ليبرمان، ولكن بعد إبعاد أبرز عنصر متطرف في الحكومة. وهناك مثل نظرية المؤامرة هذه سيناريوهات أخرى كثيرة بعضها ذو بُعد عالمي وبعضها الآخر إقليمي وثالث حزبي داخلي. ولكن، كما هو معلوم، لا يمكن بناء التحليل على نظريات مؤامرة، خصوصاً أن هناك احتمالاً بأن من تسلق شجرة عالية يمكنه أن ينزل عنها.

مشكلة نتنياهو وبينت في هذه اللحظة تبدو مشابهة لما سبق وحدث مع الليكود نفسه، حينما قاد التطرف اليميني إلى سقوط حكومة اليمين وحينما دفع متطرفو الليكود أرييل شارون إلى تشكيل حزب كديما. المهم أن كل المعطيات تشير إلى أن الاحتمالات مفتوحة في كل الاتجاهات. لكن ما هو أهم من كل ذلك أن الجمهور الإسرائيلي بعيد، حتى الآن، عن التخلي عن متطرفيه وهو يشجع على مزيد من التطرف. ولذلك فإن الحديث عن تغيير قريب في السياسة الإسرائيلية سواء باتجاه تسوية مع الفلسطينيين أو انفتاح على العرب أو حفاظ على ما يسمونه «القيم الديمقراطية» لا يستند إلى أساس.

فالحلبة السياسية الإسرائيلية تتجه وبشكل واضح نحو مزيد من التطرف واليمينية والفاشية. وهذا ما قاد مَن هم أقل تطرفاً إلى التحذير من الفاشية والعنصرية خشية أن تفقد الدولة العبرية تعاطف الغرب معها.

كلمات دلالية