خبر إعادة السحر- هآرتس

الساعة 08:51 ص|26 مايو 2016

فلسطين اليوم

بقلم: ميراف الوش لفرون

 تواجه اسرائيل العلمانية احدى ازماتها الكبيرة: تجد صعوبة في فهم كيف أن مشروع العلمنة الاوروبي المتنور الذي أوجدها ينهار. الاغلبية الساحقة من الاسرائيليين يرفضون تصنيفهم بناءً على معايير العلماني – الديني وينشئون لأنفسهم هوية خاصة بهم. للهوية اليهودية مغزى حاسم في تطوير الوعي السياسي، ومن المهم فهم مركباتها ومنطقها العقلاني.

الدين يترسخ في التقاليد الثقافية للشرقيين والاثيوبيين والعرب، ونقيضه العلماني الليبرالي مقرب من نخبة الوسط – يسار الاشكنازية، ميرتس وحزب العمل. باسم العلمانية عززت السيطرة العليا نظرية التفوق على الشرق اليهودي والعربي، وبنية التمييز والاستبعاد. وأدارت الصهيونية العلمانية ظهرها للدين واعتبرت عوالم يهودية الشرق بدائية وحاولت قمع الربط بين الهوية الدينية الثقافية الشرقية وبين القومية الشرقية.

 

          اليسار التاريخي اعتبر العلمانية قيمة عليا وعمل بنجاح على ادخالها الى كل حقول الحياة والابداع. النظرة العلمانية الليبرالية توجد في القضاء والثقافة والاكاديميا ووسائل الاعلام وفي اوساط الجمهور. هذه النظرة تعكس رفض التدين والايمان والروحانيات والحاخامية – هذه امور هامة للجمهور الشرقي وللجمهور الذي لا يعتبر نفسه متدينا، ولها صلة ايضا بجماهير اخرى تكون شريكة احيانا مع ما بعد العلمانية المتزايدة في اسرائيل.

 

          لا يجب الفصل بين التضامن التقليدي والديني وبين الموقف من الصراع مع الفلسطينيين. الربط المعقد بين الحاجة الروحانية وبين الحاجة الجغرافية عند اليهود والفلسطينيين يحلق فوق الارض ويهدد باشعال النار. لذلك فان المبادرة السياسية ملزمة بتحييد التوتر بين الأديان، ويجب أن تأخذ في الحسبان قيمها والاحتياجات الدينية التاريخية الجماعية اليهودية لارض اسرائيل.

 

          رئيس الدولة رؤوبين ريفلين ذكر أكثر من مرة تأييده للكونفيدرالية التي تشمل حدود مفتوحة، القدس موحدة وادارة مشتركة للاماكن المقدسة وسلطتين سياديتين ديمقراطيتين. مبادرة « دولتان – وطن واحد » (أنا ممن يؤيدون هذه الفكرة) والتي تعرض الصيغة الكونفيدرالية بشكل يعكس الجرأة فيما يتعلق بمصادر الصراع وامكانية اختراق الطريق المسدود الذي وصلت اليه النقاشات السياسية.

 

          من خلال تأييد ابقاء المستوطنات في مكانها، تعطي المبادرة اجابة على الصعوبة العملية والاخلاقية في اخلاء المستوطنين، وتعطي الحل لمشكلة حق العودة من خلال اقتراح الحدود المفتوحة ومنح حق تدريجي للفلسطينيين بالعيش والعمل في اسرائيل كمواطنين. « دولتان – وطن واحد » تجذب اليها حاخامات وقادة من اوساط المستوطنين ونشطاء سلام قدامى، شرقيين واشكناز وعلمانيين.

 

          المبادرة تسمح باعادة السحر الى العالم اليهودي كونها تربط بين المشاعر اليهودية القومية والذاكرة التاريخية اليهودية وبين الاخلاق والمساواة والمشاعر القومية والدينية للفلسطينيين. بهذا الشكل فهي ستقلل من العداء المتزايد بين قبائل اسرائيل، وهي بمثابة نداء للنهوض، كما جاء في خطاب القبائل لريفلين.

 

          مساحة مشتركة الى جانب دولتين سياديتين ستعزز الثقافة الشرقية وتضمن نموها، وتحييد العنصرية وتقليص المواقف المستبقة. كونفيدرالية اسرائيل – فلسطين ستعنى بالثقافة اليهودية والعربية وتعزز اللغة العربية المستبعدة الآن من المساحة اللغوية والثقافية وتؤدي الى تجدد الاسرائيلية التي تستند الى الاخصاب المتبادل بين الغرب والشرق.

كلمات دلالية