خبر طريق جهنم معبدة بالنوايا الحسنة -هآرتس

الساعة 09:10 ص|19 مايو 2016

فلسطين اليوم

بقلم: آري شبيط

          (المضمون: هرتسوغ قد يدفع حياته السياسية ثمنا لمحاولته الفاشلة في دخوله للحكومة، إلا أن التاريخ ستكون له كلمة مختلفة - المصدر).

          كثير من الكلمات السيئة يمكن قولها عن بنيامين نتنياهو واسحق هرتسوغ. ولكن شيئا واحدا لا يمكن أخذه منهما وهو بهدوء، بهدوء ودون أن يرى أحد، حاولا احداث مفاجأة سياسية لم يسبق لها مثيل منذ سنوات. منذ الانتخابات اختار بنيامين نتنياهو أن يتحول الى اسود من السواد. العرب يتدفقون الى الصناديق، قانون التنحية، تحرك الجندي، ما فعله بحق نائب رئيس الاركان، خطاب اليأس في ذكرى يوم الكارثة، وها هو فجأة مؤتمر سلام اقليمي، حب مصري، رعاية سعودية، تنسيق اوروبي وتجميد فعلي لبناء المستوطنات خارج الكتل الاستيطانية الكبيرة.

          سلم هرتسوغ بحقيقة أنه سينزف شيئا فشيئا ويتلاشى. وفجأة هناك عملية سياسية ترتبط بعملية سياسية داخلية لانشاء مسار استراتيجي. السفير السابق في الامم المتحدة وإبن السفير السابق في الامم المتحدة عملا في نصف السنة الاخير باستمرار وتصميم وابداعية وسرية لانشاء مسار جديد من شأنه تغيير المشهد السياسي والاجواء القيمية لدولة اسرائيل.

          فشل نتنياهو وهرتسوغ، والخطوة المعاكسة لافيغدور ليبرمان، وفقدان البوصلة من قبل نتنياهو، حسما الامر. ولكن من المهم أن نعرف ما المنطق من وراء الوحدة التي انهارت، كما يبدو.

          نتنياهو: يخشى من الثمانين يوما التي تفصل بين الانتخابات الامريكية وبين اليوم الذي سيخرج فيه اوباما من البيت الابيض. وهو يعرف ايضا أن هناك فرصة اقليمية عربية لا يمكنه استغلالها، لكن هرتسوغ بالنسبة له كان هبة من الله: سياسية وديمقراطية وشرعية، وهرتسوغ لا يشكل أي تهديد. دمج متكامل بين ورقة التين السياسية مع السحر السياسي، الامر الذي سيمنع اوباما من ارسال صاروخ « توماهوك » قاتل في الشتاء نحو القصر الملكي الاسرائيلي.

          هرتسوغ: يعرف أن لا حياة له كرئيس للمعارضة. فشيلي يحيموفيتش ستأكل كبده واريئيل مرغليت سيقتلع أعينه وعمير بيرتس سيضعه في المهداف. ولكن على خلفية أن هرتسوغ هو شخصية رسمية، فهو لن يكون مستعدا لفعل أي شيء فيه فساد سياسي فظ. وبسبب ذلك قام باعداد مبادرة للسلام. وقبل أن يكون وزيرا للخارجية تصرف رئيس حزب العمل كوزير للخارجية فعلي وشكل تحالفا امريكي اوروبي عربي فلسطيني يؤيد دخوله الى الحكومة.

          لم يكن هناك تناظر بين نتنياهو وهرتسوغ. فقد كان من الواضح دائما أنه اذا تحول الامر الى شيء له رائحة نتنة فان نتنياهو يمكنه الانسحاب الى الحصن القومي المتطرف وتوسيعه ايضا. واذا قرر التضحية ببوجي يعلون وهرتسوغ، فستكون له حكومة يمينية متطرفة وقوية يمكنها بسهولة أن تنفذ الانتحار القومي اللافت. هرتسوغ في المقابل كان يعرف أنه يمكن أن يدفع الثمن بحياته السياسية. واذا كان الفشل نهائيا فهو سيضطر الى العودة الى البيت الدافيء الذي ينتظره في « تسهلاه ». اليسار لن ينسى والوسط لن ينسى وجمجمته السياسية قد تجد مكانها الى جانب جماجم الكثيرين الذين تحالفوا مع نتنياهو ووجدوا أنفسهم محطمين تحت حكمه.

          لكن عندما يتلاشى دخان المعركة، يجب فحص الجوهر الحقيقي للصيغة السياسية التي عمل بحسبها نتنياهو وهرتسوغ. هل تم اعطاء حق الفيتو لرئيس حزب العمل، الامر الذي يعني منع البناء في المستوطنات خارج الكتل الكبيرة؟ هل كان هناك استعداد للبدء بالتفاوض مع الفلسطينيين والجامعة العربية والتطرق لمبادرة السلام السعودية؟ هل كان سيتم عقد مؤتمر سلام في الصيف بمشاركة رؤساء مصر والسعودية والاردن والفلسطينيين والاسرائيليين؟ التاريخ سيحاكم خطوة نتنياهو وهرتسوغ بشكل مغاير عن اليسار الغاضب ووسائل الاعلام المنفعلة في هذا الصباح.

كلمات دلالية