من بلدة بيت نبالا القريبة من الرملة

خبر القيادي سعيد النخلة: المقاومة سبيل عودتنا لبلادنا التي هجرنا منها

الساعة 11:08 ص|15 مايو 2016

فلسطين اليوم

من بلدة بيت نبالا القريبة من الرملة، خرجت عائلة نخلة إلى قرية قبيا القريبة ومنها إلى قرية دير عمار شمال مدينة رام الله، ومنها إلى حيث مخيم الجلزون اليوم. وفي المخيم رزقت العائلة، بالشيخ سعيد نخله القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الذي عاش طوال حياته في المخيم مع حلمه بالعودة إلى قريته.

وفي ذكرى النكبة ال68 التقت وكاله « فلسطين اليوم » مع الشيخ نخله وأجرت معه هذه المقابلة حول ذكرى النكبة ودلالتها ومستقبل حق العودة في ظل التكالب عليه في الداخل والخارج.

- تنحدر من عائلة لاجئة قضت سنوات نكبتها في المخيم، ما هي أبرز ملامح هجرة العائلة ؟

خرج والدي من بلدتنا بيت نبالا كما كل أبناء القرية في حينه، ومعه والدتي وأشقائي الاثنين، « محمد » عام ونصف و« علي » وكان عمره أشهر، وبحسب ما أخبرني به والدي خرجت قريتنا بدون قتال، ولكن أخبار القتل والمعارك التي وصلت للقرية هي من أجبرتهم على الرحيل.

ومن هناك انتقلوا إلى قرية قبيا ومنها إلى دير عمار وقضى هناك وقتا في مخيم دير عمار، ومن ثم انتقلنا للعيش في مخيم الجلزون حيث اجتمعت كل العائلة فيه.

وفي الجلزون حصلنا على خيمة وعاشت عائلتي هناك حتى بدأ بناء المخيم، كان والدي ممن عملوا على بناء المخيم وحصلنا على وحدة سكنية. وفي المخيم ولدتُ وباقي أشقائي.

- ولدتَّ في المخيم وعشت فيه ولا زلت، وعانيت من الاعتقال والمطاردة من قبل الاحتلال، فما هي خصوصية العيش بالمخيم؟

الحياه في المخيم لم تكن يوما حياه طبيعية، وأبناء المخيم قدموا الكثير ولا زالوا، وأنا تعرضت للاعتقال 15 عاما متفرقة، وكباقي أبناء المخيم عشنا حياه صعبه وتعرضنا لبطش الاحتلال وملاحقته، فكان الشهداء والمعتقلين والمطاردين وكان المخيم وقود كل الانتفاضات.

ورغم استمرار المعاناة التي عاشها الآباء في المخيم حتى الآن، إلا أن المخيم تغير من حيث شكل البناء والازدحام الكبير، ففي نفس مساحة الوحدة السكنية التي بنيت في العام 1952 توسع المخيم « طوليا » وتضاعف عدد اللاجئين فيه، فالأوضاع في المخيم لا يمكن أن يتصورها أي إنسان من خارج فلسطين ولا يقبلها.

- ورغم هذه المعاناة هناك رمزية للمخيم تحاولون الحفاظ عليها ؟

فالمخيم رغم الوضع المأساوي وكل الظروف التي زادت سوءا بوقتنا الحالي، إلا أن المخيم يحقق للاجئين رمزية العودة لفلسطين، وأننا سنعود يوما بالكفاح والمقاومة إلى بلادنا بالرغم من الحرب التي تشنها الوكالة والدول القائمة عليها، وإسرائيل على المخيمات لأنهاء المخيمات وترحيل اللاجئين منها.

نحن هنا نتذكر كل يوم أن سبب وجودنا في هذه المخيمات والمعاناة التي نعيشها سببها أننا هجرنا من بلادنا.

- تحدثتم عن حرب الوكالة على المخيمات من خلال التقليصات المستمرة منذ أكثر من 20 عاما ولا تزال، برأيكم ما سبب هذه الحرب؟

التقليصات ليست بالجديدة، بدأت بتقليص مراكز التغذية في المخيمات، ثم بدأت تتعدى على التعليم وفرضت تقليصات كبيرة على هذا القطاع، واستمرت حتى شملت قطاع الصحة والتوظيف والخدمات. هذه الهجمة التي تأتي تحت عنوان الوضع المالي والأزمة المالية في الوكالة، هدفها بالنسبة لنا هي أنهاء قضية اللاجئين وإيصال المخيمات لحال أسوء وبالتالي خروج اللاجئين منه بحثا عن حياه أفضل.

ولكن هذه الهجمة لن تمر، فحق اللاجئ معروف ومنصوص عليه في كل قوانين العالم، وهو يؤمن حق الأيمان بعودته حتى لو كانت بعيدة جدا.

- في هذه الأيام يحي الفلسطينيين ذكرى النكبة، فما هي السبل لأحياء هذه الذكرى بما يحقق هدف اللاجئين بالعودة؟

هذه المهرجانات هي للتذكير وغرس الوعي بنفوس كل الفلسطينيين خارج المخيمات أن هناك قضية يجب الدفاع عنها وأن تبقى في قلبه، ولكن بالنسبة للاجئ لا تعني الكثير فهو يعيش كل يوم ما يذكره بلجوئه. وهذا الواقع يجعله متمسك بقضيته رغم كل المفاوضات والمحاولات أسقاط حقه بالعودة.

هذه المهرجات بذكرى النكبة ضرورية ولكن يجب أن تتزامن مع خطة شاملة ودائمة على مدار السنه،  تشمل المناهج والتربية، التي تتحدث عن النكبة وخروجنا من أرضنا والأمل بعودتنا لو بعد حين.

- ولكن هل ذلك سيكون كافيا في ظل موت شخوص النكبة الذين خرجوا من البلاد ويحملون روايتها بعد كل هذه السنوات؟

من هنا تأتي أهمية المخيم كرمزية للاجئ فالجيل الجديد ينشأ في المخيم ويبقى يتساءل عن سبب وجوده في كل هذه المعاناة، بالإضافة إلى أن هذه الرواية تتوارث من الجد للأب للأبناء، فأنا ورثت إيماني بالعودة من خلال رواية والدي الذي توفي قبل عامين في المخيم، وأبنائي سيورثون هذه الرواية مني وهكذا، نحن نؤمن تماما أن قضية اللاجئين متواصلة بتواصل أجيال اللاجئين في المخيم واللجوء، وأن الجيل الجديد على وجه التحديد يدرك تماما طريقه نحو العودة.

- بعد 68 عاما على الهجرة ما هو السبيل لتحقيق هذا الحق ومدى واقعية العودة؟

في البداية نحن نؤمن كاللاجئين بحق العودة إيمانا قطعيا في الداخل والخارج، وبدون هذا الإيمان لن نستطيع أن نحقق أي شيء في سبيل العودة مهما طالت السنين، ورغم أنه موضوع شائك ومعقد ويحتاج لسنوات طويلة ، إلا أنه سيتحقق يوما ما ليس بالمفاوضات ولا بالمقاومة الشعبية ولا بالمهرجانات، ولكن العنوان الرئيسي بالمقاومة الواضحة والمعروفة بالنسبة لكل الشعب الفلسطيني.

ونحن نقول أنه إذا بُلينا هذه الأيام بمن ينظر بعدمية العودة فالأيام القادمة ستحمل لنا جيلا يؤمن أن حبه تراب في أرض جده التي هجر منها أغلى من كل العالم وتستحق أن يضحى من أجلها، فالألم الممتد من الأجداد إلى الأحفاد قادر على تحقيق هذه العودة.

كلمات دلالية