تقرير في عمقا..سهام دفنت والدتها وطفولتها ورحلت

الساعة 10:53 ص|14 مايو 2016

فلسطين اليوم

عندما أعتدت العصابات الصهيونية على بلدتها خرجت وعائلتها إلى السهل القريب، كان صوت الرصاص في كل مكان، وبعد ساعات على خروجهم من القرية استشهدت والدتها ودفنت هناك.

سهام عثمان يحيى السمري، 80 عاما، من قرية عمقا الواقعة إلى الشمال من مدينة عكا، لم تكن رحلة لجوئها سهله، ففي الطريق فقدت والدتها وتعرضت لخطر الموت أكثر من مرة كما تقول:« كانت العصابات اليهودية تحيط القرية من كل مكان، والمعارك تدور ليل نهار بين الثوار وبينهم في المنطقة الغربية للقرية بالقرب من بلدة الكويكات، ولما أقترب صوت الرصاص خرجنا من القرية إلى السهل القريب ».

كانت عائلة سهام، وكان عمرها في حينها 12 عاما فقط، تحاول الحفاظ على حياتها في ظل استمرار القتال في المنطقة، خرجت إلى السهل وبقيت فيه ليلة كاملة، هناك اقترحت الوالدة العودة إلى القرية لجلب ما يمكن أكله، وبالفعل عادت الوالدة برفقة أبن عمها، بقيت سهام وشقيقها ووالدها مع أهالي البلدة في السهل، وحينما وصلت والدتها إلى القرية تعرضت لأطلاق النار وقُتلت على الفور فيما تمكن أبن عمها من الفرار.

عاد أبن عم والدة  سهام إلى السهل وأخبرهم بإستشهادها، وبعقلها الطفولي لم تستوعب سهام مقتل والدتها فتسللت مع أحد أطفال القرية والذي خرج مع عائلته أيضا ويدعى محمد الخباص، وتمكنت من الوصول إلى القرية وهناك أخبرها الكبار من السن والذين لجئوا لمسجد القرية بسبب عدم تمكنهم من الخروج من القرية أنهم قاموا بدفنها في ساحة المسجد:« جلست بالقرب من قبرها وحفرت حتى أستخرجتها ولكن كان اليهود قد اقتربوا من القرية فهربنا وتركت أمي هناك » قالت.

عادت سهام إلى والدها وشقيقها ومن هناك وانتقلت إلى قرية كفر ياسيف القريبة، وأجتمع أهالي قريتها مع القرى القريبة منهم في السوق « الحسبة »، ومن هناك أنتقلوا بشاحنات إلى سهل بلدة سالم القريبة من جنين:« في سهل سالم كدنا أن نموت، كانت المعارك مشتعلة ما بين العصابات الصهيونية والجيش العربي، ونحن بالوسط والرصاص في كل مكان، وبالكاد أستطعنا الهرب ».

والد سهام أستطاع أن يدبر وسيلة نقل إلى مدينة نابلس، حيث أستقرت العائلة في مكان المخيم حاليا غربي المدينة، وبقيت فيه حتى اليوم:« عندما وصلنا إلى نابلس كان مكان المخيم شجر في كل مكان، كانت كل عائلة تعيش تحت شجره حتى أستطعنا تدبير خيمة و العيش فيها قبل بناء المخيم على حاله الآن ».

سمي المخيم بمخيم بيت عين الماء بسبب وجود عين ماء قريبة، لا تزال تستذكر سهام كيف كانت تنقل المياه منها لاستخدامه في الشرب والطبيخ والتنظيف:« عشنا حياه صعبة بلا أم وكان أبي قد مرض في المخيم، وحينما وصلنا هنا لم يكن متوفر أي عمل ولا منازل ولا مياه ولا خدمات ».

كبرت سهام وتزوجت في المخيم من شاب من بلدة البروة، وهي قرية قريبة على قريتها الأصلية وكانت عائلته خرجت معهم حتى وصلت إلى نابلس، وفي المخيم عاشت كل حياتها ورُزقت بعشرة أبناء.

وفي عمقا بقيت كل أحلام سهام معلقة دون أن تكتمل، فحينما خرجت من القرية كانت قد التحقت بالمدرسة ولكنها لم تُكمل تعليمها بسبب الهجرة، كما بقيت طفولتها خلفها وهي التي بعد خروجهم واستشهاد والدتها تحملت مسؤولية شقيقها ووالدها:« تربينا وحيدين أنا وأخي كان هو يعمل وأنا أعتني بأبي المريض حتى تزوجت ».

وعن قريتها عمقا والتي هدمتها العصابات الصهيونية بالكامل بعد خروج الأهالي منها، تقول سهام:« كانت قريتنا قريبة من البحر، وأهالي البلدة يعتمدون على الزراعة في كسب رزقهم، كان أبي يزرع القمح والخضار الصيفية ومنزلنا بسيط في شرقي القرية، عبارة عن غرفة ومطبخ وحمام.

وأكثر ما يحزنها في القرية هي أرض والدها التي كان قد أشتراها قبل الخروج بسنوات وقام بتشجيرها وفي الموسم الذي بدأت فيه الأشجار بطرح الثمر خرجت سهام من البلاد ولم تأكل منها: » بقي ثمر التين على الشجر، وعندما عدت إلى القرية بحثا عن أمي فكرت في الذهاب إلى هناك لقطف بعضا منه، ولكني لم أتمكن من الوصول إلى أرضنا« .

وتستذكر سهام كيف كانت ترافق والدتها إلى مدينة عكا مشيا على الأقدام، يشترون كل حاجاتهم من المدينة ويعودوا إلى القرية محملين بكل حاجات البيت.

تزور سهام قريتها المهدمة بإستمرار، حيث تزوجت إثنتين من بناتها في قرية كفر ياسيف القريبة، وفي كل مرة تقوم بزيارتهن تزور قريتها هي وأحفادها: » لم يبق من القرية أي مبنى هدمت بالكامل وبقي الركام على حاله".

كلمات دلالية