قصص مؤلمة ...

خبر فلسطينية.. ضاعت أسرتها والتقت أبناءها بعد 15 عاماً من التشرد

الساعة 07:46 ص|14 مايو 2016

فلسطين اليوم

« سمعَت أصوات الإنفجارات تهز المكان، ترجلت مسرعةً نحو منزلها لتجد زوجها وأبنائها يسبحون في بركة من الدماء، وصوت أطفالها الرضع يعلو وهو يصرخون مستنجدين، احتضنتهم بلهف وغادرت قبل أن تصاب بقنبلة أو رصاصة متجهة إلى منزل أهلها لتجد الصورة ذاتها، والديها وأشقائها مدرجون بدمائهم ».

لم تجد المرأة المكلومة أمامها سوى حمار عليه « خُرج » لتضع فيه طفليها الرضيعين، وتسير مشياً على الأقدام، اقتادها الظلام الحالك وعثرات الطريق المرعبة وأصوات الإنفجارات والنار إلى منطقة تسمى اليوم (الكوربة) شرق الشجاعية، وفي ثانية تسلل النعاس إلى عينيها من شدة التعب والإرهاق فاستفاقت بعد تعرضها لأشعة الشمس الحارقة لتصعق بضياع الحمار والأطفال.

وبعد 15 عاماً من السعي هنا وهناك توصلت المرأة إلى أطفالها لتجدهم في مدرسة يهودية للأيتام، ليتبين أن الطفلين وهما (فتاة وشاب) قد تزوجا أحدهما في غزة والأخر في أبو ظبي.

هذه ليست قصة من وحي الخيال أو لأحد أفلام الأكشن، بل هي قصة واقعية حقيقية حدثت أثناء الاحتلال الإسرائيلي عام 1948 لفلسطين، والذي استخدم خلالها جميع أنواع الأسلحة والأساليب المحرمة دولياً بهدف تهجير العائلات الفلسطينية من أراضيها، وأُطلق على تلك السنة بالنكبة الفلسطينية والتي يُصادف ذكراه الـ68 غداً الأحد 15-5-2016.

« مراسل وكالة فلسطين اليوم » التقى الحاجة « أم عبد الله الزق » التي روت القصة بعد أن سمعتها من المرأة التي احتمت بديارها أثناء النكبة، وتبلغ الحاجة الزق 85 عاماً.

الحاجة ام عبدالله الزق
 

13245223_1593715980957942_8918981377490746213_n

« بيتي عبارة عن 6 غرف طينية أعيش بها أنا وزوجي وعائلتي، أثناء النكبة قُمت بتفريغ 4 غرف لاستقبال المهجرين، كان قلبي يبكي دماً على أوضاعهم وقصصهم التي تقشعر لها الأبدان، حيث استقبلتُ عائلات من يافا و( قطرة ويبنا تقعان قرب الرملة ) والمجدل والكوفخة » القول للحاجة أم عبد الله.

وتضيف الحاجة أم عبدالله التي كانت تبلغ من العمر 19 عاماً أثناء النكبة: « مكثت العائلات المهجرة لمدة كبيرة في بيوتنا ولم ننزعج أبداً وكنا نحترمهم بشكل كبير ونقدم لهم العون والمساعدة بكل ما يطلبونه، هم تاج فوق رؤوسنا ضحوا بأبناءهم وكل ما يملكون من أجل الوطن ».

وأشارت الحاجة أم عبد الله إلى قصة المرأة التي أضاعت أطفالها والتقت بهم بعد 15 عاماً من المعاناة حيث قالت: « كان والدي »الحج مطر«  يذهب إلى البيارات والوديان لتفقد الناس المهجرة حيث التقى بالمرأة التي لا أذكر أسمها جيداً وأتى بها وجلستَ في بيتنا فترة من الزمن وكانت بحالة يرثى لها والدموع لا تتوقف، فقررت أن تصف أطفالها إلى الصليب الأحمر الذي استطاع بعد 15 عاماً من الالتقاء بالأطفال في معهد أيتام يهودي وتم التعرف عليهم وأخذهم ».

وفي إحدى القصص التي روتها الحاجة، شابً من عائلة « الغول » وصل لبيتها وقد أصيب بشظايا الصواريخ أمعائه تخرج من جسده لكنه بحمد الله تم إنقاذه من الموت، وبعد تتبع مسيرة حياته أكدت الزق أنه تزوج وأنجب الأطفال.

ومن القصص الشنيعة التي روتها الحاجة أن عصابات الاحتلال الإسرائيلي كانت تقتل راجل البيت وتضعه على سيارة وتسير به في الأزقة والحارات ما دفع الناس للفرار خشية على أرواحهم.

ولا زالت الحاجة الزق بعد 68 عاماً من النكبة تذكر « عشورا » السيدة التي هجرت من المجدل ومكثت في بيتها وهي تقول: « كان وضعها صعب جداً والبكاء الشديد يسيطر على حالتها لفقدانها بيتها الواسع الكبير »، وعندما تسمع صوت الطائرة كانت تصدح بقولها « طقطقت طقطقت » وتختبئ في غرفتها الطينية، وكان والدي الحاج مطر يقول لها: « ستعودي يا عشورا إلى بيتك وأهلك للتخفيف من معاناتها ».

واستطاعت الحاجة أم عبد الله أن تقيم علاقات مودة مع العائلات المهجرة حيث أصبحت تدعوهم في المناسبات كافة ليشاركوها في الأفراح والأتراح.

وأشارت إلى أن العائلات المهجرة انتظرت سنوات عدة لحين قيام وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين « الأونروا » ببناء منازل لهم في قطاع غزة وتقديم المعونة لهم.

كلمات دلالية