دعوات لاخذ الحيطة والحذر

تقرير اعتداء وسرقة وتحرش.. استغلال لسيارات الأجرة بغزة

الساعة 02:40 م|09 مايو 2016

فلسطين اليوم

عندما انتهى من سرد قصته، ظنَّ الجميع أنه يحاكي قصة أحد الأفلام التي تابعها، أو أنّه ينسج قصة من وحي خياله كي يجذب انتباه من حوله، لكن الصدمة الكبرى كانت حينما أكد في نهاية قصته أنه من كان الضحية، وأن هذا الحدث وقع في غزة حقاً!!!

بدأت القصة عندما كان الشاب عبد الرؤوف زقوت عائداً من عمله في أحد مكاتب الصحافة وسط مدينة غزة، حيث أخذ يمشي قليلاً من أجل أن يجد سيارةً تقله إلى النصيرات التي تقع في المنطقة الوسطى من قطاع غزة، فقادته أقدامه إلى منطقة (الصناعة) القريبة من الجامعات وانتظر قليلاً حتى توقفت له مركبة.

لم يرَّ زقوت للوهلة الأولى تفاصيل من بداخل السيارة لأن الظلام كان حالك وقتها، وكرر سؤاله على السائق « إلى النصيرات؟ »، فهزَّ السائق رأسه بالإجابة بعد أن تفحص بعينيه صيده الثمين، وانطلقت السيارة التي كانت تُقل 3 أشخاص مع السائق، أحدهم في المقدمة وآخر في كان يجلس بجانب الراكب الجديد (زقوت).

ما أن انطلقت السيارة حتى تفاجئ زقوت بطلب الراكب الذي يجلس بالكرسي الأمامي لهاتفه كي يقوم بمكالمة مستعجلة، وما كان منه إلا أن طلب منه الرقم الذي يريد أن يكلمه، فأعطاه رقماً بدا عليه العشوائية، وحمل الراكب في المقدمة الهاتف وبدأ يتفحصه جيداً ولم يضعه حتى على أذنه، ثم قال « يبدو أن الهاتف كبير وغالي الثمن ».

بدأت الشكوك تساور زقوت حينما بدأ السائق والراكبين يتحدثون مع بعضهم ويضحكون فيما يدلل أنهم (عصابة) واحدة، فأخذ الشاب قراره سريعاً وقرر عمل اتصال وهمي بأحد أقربائه وكان حواره كالتالي « اه عبدالله استناني عند حاجز الشرطة حتى لو مش مداوم وهيني جاي وفي قصة ضرورية »، وما أن أنهى المكالمة حتى توقفت السيارة بحركة متعمدة من السائق، الذي التفت إلى زقوت وقال له أن سيارته تعطلت وبدأ الارتباك يعمّ حديث الثلاثة، وما أن نزل زقوت من السيارة حتى طارت السيارة (المتعطلة)، قبل أن يستطيع أخذ رقمها.

في البداية كان أغلب الظنّ أن الحالة فردية، وأن مجتمع كغزة صعب أن تتم فيه هذه الحوادث بكثرة، لكن اكتشفنا أن زقوت كان أكثر الضحايا حظاً، والخبر الذي جاء كالصاعقة بعدها هو كمّ القصص المختبئة في أذهان الناس والتي لم ترَّ النور، لعدة ظروف منها عدم التجاوب معها، أو للضرر النفسي الذي لحق بأبطالها أو (ضحاياها)، ومن هذه القصص (فتاة شارع النصر).

يقع شارع النصر بالقرب على امتداد مجمع الشفاء الطبي وسط مدينة غزة، وهو ذات المكان الذي وجد فيه المصور الصحفي محمد ظاهر الفتاة (أ.م) ملقاة على الأرض وبجانبها أمها تصرخ وتنادي وتناجي المساعدة الساعة العاشرة مساءً، وكان محمد يسير وعائلته في الشارع الخالي سوى من الصراخ، حيث هبَّ لنجدة المرأة ومعرفة ما حلَّ بها.

فتاةٌ ملقاةٌ على الأرض وعلامة للكمة بادية في وجهها، ونحيب أمٍ لا تدرِ ما تفعل، تساءل ضاهر سريعاً عمّا حل فيها، فجاءت كلمات الأم المجبولة بالنحيب: سيارة مسرعة توقفت أمانا وخرج منها شاب وكان هناك غيره يركب السيارة، ضرب ابنتي على رأسها وسرق حقيبتها وفرّت السيارة مسرعة« ، صُعق ضاهر من القصة واهتم بإسعاف الفتاة وظلَّ الأمر في ذهنه، حتى جاء هذا التقرير ليعطيه مساحة للرواية.

والمتتبع أكثر سيسمع ويرى أكثر، والباحث عن هذه الحوادث يكتشف أن هناك خلل كبير، وقد يتبادر في ذهنه سريعاً، وجود عصابات منظمة لمثل هذه الأعمال من الاعتداء والنهب والسرقة، وهذا ما أكدته لنا القصة القادمة، التي تشبه إلى حد كبير القصة الأولى لزقوت.

يروى الشاب محمد قصة زوجة خاله، التي كانت متجهة إلى السوق منطلقةً من شارع (الصناعة)، حيث توقفت لها مركبة فيها شابٌ في الأمام وآخر في الخلف بخلاف السائق، ركبت السيدة وانطلقت السيارة في مسارها، حتى باغتها السائق بتحويل مسار السيارة بحجة اختصار الطريق، الأمر الذي لم يرق للسيدة لكن الوقت كان قد فات على الاعتراض.

مع دخول السيارة في الشارع الفرعي، جذب الشاب الذي يجلس بجانب السيدة حقيبتها بقوة، حاولت قدر المستطاع الصراخ أو الهروب من السيارة، لكنها تعرضت للضرب مما أدى إلى تمزق جزء من ملابسها، وبعد أن استطاعت العصابة الاستيلاء على الحقيبة دفعوا السيارة من السيارة المتحركة ولاذوا بالفرار.

الكثير من القصص وصلت مراسل »وكالة فلسطين اليوم الاخبارية« في مناطق متعددة كجنوب ووسط القطاع، فيها من التحرشٍ والسرقة والضرب داخل هذه المركبات العشوائية (أربعة راكب) التي يوهم أصحابها الركاب أنهم سائقين، والأسئلة التي تطرح نفسها هنا، من المسؤول عن مراقبة هذه المركبات، وهل هناك متابعة حقيقة لهذه القضايا؟ وكيف وصل قطاع غزة إلى هذه الدرجة من التدهور؟.

الناطق باسم الشرطة الفلسطينية بقطاع غزة المقدم أيمن البطنيجي، قال إن  »الشرطة لم تتلقى شكاوى رسمية من قبل المواطنين في هذا الإطار« ، لافتاً إلى أن الشرطة لن تستطيع أن تبدأ بالتحقيق والمتابعة دون وجود شكوى رسمية.

وأكد البطنيجي في اتصال مع وكالة  »فلسطين اليوم الاخبارية« ، أن »سيارات الأربعة راكب أصبحت كثيرة جداً في قطاع غزة، ولا يوجد عليها ضبط ولا متابعة أخلاقية للعاملين عليها« ، مشيراً إلى أن »شرطة المرور تفعل قدر المستطاع للسيطرة على هذا العدد من المركبات، من خلال منع التحميل خارج المدن لها« .

وأضاف، »الأمر كبير جداً، ويحتاج إلى وجود ثقافة المبادرة والتقدم إلى الشرطة من أجل فتح تحقيق في أي موضوع كان، لذا ندعو المواطنين إلى عدم السكوت عن أي حادث يتعرضون له، لأن هذه الحوادث يمكن أن تتكرر مع أشخاص آخرين".

كلمات دلالية