خبر صحافة مكبلة- هآرتس

الساعة 09:36 ص|09 مايو 2016

فلسطين اليوم

بقلم: تسفي برئيل

          (المضمون: بعد مرور خمس سنوات على الثورة في مصر فان وضع الصحفيين اسوأ مما كان في عهد حسني مبارك - المصدر).

          « عزاء لحرية الصحافة »، هذا ما كتب على اللافتة السوداء التي وضعت على هامش موقع « كانون الاول » المصري.

          « صحافة لا تخاف »، هذا هو الذي يميز الموقع. ولكن اذا كانت تخاف أم لا، فقد اعتقل المحرر عمرو بدر في الاسبوع الماضي وزميله محمود السقا للاشتباه بـ « نشر اكاذيب، الحاق الضرر بوحدة الدولة، والمؤامرة لالحاق الضرر بالدستور ». ولا يمكن معرفة أكثر من ذلك عن تفاصيل الاعتقال بسبب أمر منع النشر.

          الصحفيون المعتقلون ليسوا ظاهرة جديدة في مصر. اذا كان يبدو بعد ثورة 2011 أن الصحافة تحررت من قيودها، فقد تبين بعد خمس سنوات أن نظام عبد الفتاح السيسي اسوأ من نظام حسني مبارك ومحمد مرسي فيما يتعلق بموضوع حرية التعبير. وحسب المعطيات هناك 30 صحفيا معتقلون في مصر. ولكن لأن جميع الصحفيين ليسوا اعضاء في نقابة الصحفيين، حيث أن بعضهم يعمل على مواقع الانترنت، فان التقدير هو أن عدد المعتقلين هو الضعف.

          ليس فقط الضرر الشخصي هو الذي يشير الى وضع الصحافة. ففي نهاية الاسبوع داهمت قوات الشرطة (40 شرطيا) مبنى نقابة الصحفيين وقامت بالتفتيش هناك، ورئيس النقابة يحيى كلاش لم يكن موجودا حتى يراقب التفتيش. هذه المداهمة هي التي أثارت الموجة الجماهيرية ودفعت الصحفيين أمس الى وضع اشارة سوداء على الصفحة الاولى.

          « هذه هي المرة الاولى في تاريخ نقابة الصحفيين التي يتم فيها مداهمة المبنى »، قال كلاش الذي انتخب رئيسا للنقابة في آذار 2015. ومنذ ذلك الحين وهو يخوض الصراع على ظروف عمل الصحفيين.

          كلاش الذي يكتب في الصحيفة الرسمية « الجمهورية » لم يكن الوحيد الذي انتقد اقتحام المبنى. « الأهرام » ايضا في افتتاحيتها هاجمت وزير الداخلية، مجدي عبد الغفار، وعمل رجاله ضد الصحفيين. « ذلك يلحق الضرر بالدستور وبحرية الصحافة ». الشبكات الاجتماعية كانت صاخبة وطلبت إقالة الوزير. وفي البيان الذي اصدره كلاش طلب الصحفيون الكف عن نشر صورة الوزير أو أي بيان من وزارة الداخلية وطالبوا باطلاق سراح الصحفيين المعتقلين وسن قانون يمنع اعتقال الصحفيين بسبب ما يقومون بنشره. وكلاش ينوي عقد اجتماع للنقابة غدا من اجل اتخاذ قرار بالاضراب.

          فجأة، وكأن رياح الثورة قد هبت، لكن لا يجب التسرع. فبنية الصحافة المصرية وتعلق الصحافة والنقابة بالحكومة يثير الشك حول قدرة الصحفيين على تحقيق الانجازات الحقيقية. رواتبهم وتقاعدهم هي جزء من ميزانية الدولة. تعيين المحررين يتعلق بمصادقة المجلس الاعلى للصحافة الذي يرتبط بالحكومة وبالتحديد بوزير الداخلية.

          من بين آلاف الصحفيين الذين يعملون في مصر هناك من لا يمكنهم العيش من رواتبهم، مقارنة مع متوسط الأجر في دول الخليج. فهم يتقاضون عشرة اضعاف أقل من نظرائهم. قانون الصحافة في مصر يسمح باعتقال الصحفيين بسبب نش امور لها أكثر من تفسير، حيث أنه يمكن محاكمة صحفي بتهمة الاخلال بالنظام حتى لو نشر خبرا اقتصاديا. الاضرار بالجيش وبالدين أو بالرئيس وعائلته محظور حسب القانون. ولكن ليس هناك تفسير لما يشكل تجاوزا لهذه البنود.

          كلاش لا يمكنه الهجوم بشكل علني والقول « لا يجب على وزارة الداخلية قيادة الدولة، بل هناك دولة اسمها مصر ». ولكن في نفس الوقت اضطر الى الالتقاء مع رئيس الاستخبارات العامة، الجنرال خالد فوزي، اثناء عزاء والدة رئيس الحكومة السابق ابراهيم محلب في المسجد الذي هو باسم الجنرال طنطاوي الذي كان وزير الدفاع، من اجل نقاش الازمة. ما العلاقة بين رئيس الاستخبارات ورئيس نقابة الصحفيين؟ كل شيء. لأن رئيس الاستخبارات هو الذي يحدد ما يضر بأمن الدولة وهو المسؤول عن منع المؤامرات وهو الذي يؤثر على اعتقال أو اطلاق سراح الاشخاص.

          بعد ثورة 2011 طلب الصحفيون فصل الصحافة عن الحكومة واقامة جسم صحفي مستقل. وقد رفض هذا الطلب وغاب عن النقاش الجماهيري. ايضا سن قانون جديد للصحافة يعكس قيم الثورة تم تأجيله في البرلمان حيث أن الاغلبية هناك تؤيد الرئيس. ومن ينتقد الحكومة وسياسة الرئيس هي مواقع الانترنت التي قد تتعرض للاغلاق أو لاعتقال محرريها. ومن المهم معرفة رد السيسي على موجة الاحتجاج الحالية، هل سيقوم باقالة الوزير، أم أنه سيتصادم مع الصحفيين كي يوضح لهم وللجمهور المصري ما هي حدود المسموح.

كلمات دلالية