خبر العمال في يومهم.. إهمال بعيدا عن عين الرقيب

الساعة 12:46 م|30 ابريل 2016

فلسطين اليوم

مائة دينار الحد الأقصى لغرامة اهمال او مخالفة اسفرت عن موت عامل، 5% فقط من المنشآت خضعت للرقابة، قانون عمل صيغ قبل 35 عاما تشوبه الثغرات، 53 عاملا لقوا مصرعهم وأصيب 6666 آخرون العام المنصرم، وارتفاع نسبة الموت بنسبة 57% عن العام السابق، ارقام مجردة خلف كل رقم منها قصة ألم ومعاناة وأيتام، وأسر فقد معيلها القدرة على اعالتها، تستعرض في كل عام عن اوضاع العمال في عيدهم « الأول من أيار ».

« ما زالت الحالة العامة في فلسطين تتسم بصعوبة الاوضاع (...)، ما انعكس سلبا على الاقتصاد وضعف التنمية والبطالة، والقدرة على انفاذ قانون العمل »، هكذا قيمت وزارة العمل في تقريرها السنوي أوضاع العمال في العام المنصرم، فيما كان التقييم النقابي اشد قتامة وميلا للتشاؤم.

57% ارتفاع في حالات الوفاة و6666 اصابة

وبحسب الارقام المسجلة لدى شركات التأمين فقط، فإن عدد اصابات العمل بلغ العام الماضي 6666 اصابة، فيما تشير سجلات وزارة العمل الى أن عدد الاصابات القاتلة بلغت العام المنصرم 53 اصابة، 23 منها في الارض الفلسطينية المحتلة، فيما بلغ عدد الاصابات القاتلة داخل أراضي الـ48 (28) اصابة قاتلة، واصابتين قاتلتين في المستوطنات.

وقال وكيل وزارة العمل ناصر قطامي، إن تحسنا ملحوظا في اطار السلامة والصحة المهنية، كجهة اختصاص وضمن عمل اللجنة الوطنية العليا للسلامة والصحة المهنية في فلسطين والتي تضم الوزارة، والدفاع المدني، ومؤسسة المواصفات والمقاييس الفلسطينية، ووزارة الصحة، والقطاع الخاص، بالشراكة مع منظمة العمل الدولية، بعد العمل الحثيث والمتواصل، حيث انخفضت نسبة الاصابات والوفيات.

الرقابة لم تغط الا 5% من المنشآت

واشار قطامي الى ان عدد المراقبين التابعين لهيئة السلامة والصحة المهنية، الجهة المناط بها الرقابة على بيئة العمل، يبلغ فقط 50 موظفا وهو اقل بكثير من الحد الادنى المطلوب وفق المعايير الدولية اللازمة لضمان السلامة والصحة.

وأضاف أن العمل جارٍ على رفع العدد الى 200 مراقب، مع التجهيزات والمعدات اللازمة، من سيارات للحركة ومعدات كأدوات قياس التلوث، خاصة في المنشآت التي تستخدم مواد كيماوية، مشيرا الى ان العدد الاكبر في الاصابات والوفيات هو في قطاع البناء، نتيجة عدم الالتزام بمعايير السلامة.

وتشير ارقام وزارة العمل الى ان طواقم التفتيش لم تتمكن الا من زيارة 5% فقط من المنشآت، وعددها 91203.

واشار قطامي الى ان خطة وضعت لرأب الصدع في العمل الرقابي، بميزانية 6 ملايين شيقل، تمتد على 3 سنوات، لضمان الحد الادنى من المعايير والمقاييس الدولية للسلامة والصحة والمهنية.

قانون قاصر

واكد وكيل وزارة العمل ان الشروط الجزائية والغرامات للمخالفين من ارباب العمل والمنشآت، بحاجة الى تغيير جذري، وهو ما تعكف عليه الوزارة حاليا، في اطار تغيير شامل في قانون العمل، لافتا الى أن الوضع الحالي « مزرٍ للغاية »، اذ تقتصر عقوبة مخالفة اسفرت عن مصرع عامل مثلا على غرامة تترواح بين 50 و100 دينار اردني فقط.

جهود لضمان سلامة العمال الفلسطينيين في اسرائيل

واكد قطامي انه وبالمقارنة مع الحوادث داخل أراضي الـ48، لناحية الاصابات والوفيات بين العمال الفلسطينيين، فإنها بانخفاض، والاشكالية ان المصابين يخضعون للقوانين الاسرائيلية، مشيرا الى ان الاتصالات مع المنظمات والمؤسسات الدولية مستمرة ودائمة للضغط على ارباب العمل في اسرائيل، لضمان سلامة وامن عمالنا هناك.

قطاع البناء الاكثر فتكا والزراعة قاتل صامت

وقال قطامي إن الارقام والاحصائيات الرسمية للوزارة تشير الى ان اكبر اعداد الاصابات والوفيات في صفوف العمال داخل اراضي الـ48 هي في قطاع البناء.

الا انه شدد على ان العاملين في قطاع الزراعة هناك، يتعرضون لواحدة من اخطر اشكال انتهاكات الصحة والسلامة، اذ ان لا رقابة ولا التزام بمعايير السلامة خلال تعاملهم مع المواد الكيماوية الخطرة التي تستخدم في الزراعة، ما يجعلهم ضحايا على المديين البعيد والمتوسط، وهذا امر بالغ الخطورة.

وتشير ارقام الوزارة الى ان حوالي ستين ألف عامل يعملون داخل أراضي الـ48 بتصاريح من الاحتلال، و70% من العمال هناك يعملون في قطاع البناء، فيما يعمل حوالي 5 آلاف في الزراعة، ويتوزع الباقي على قطاعات كالصناعة وغيرها.

فيما يعمل قرابة ثلاثين ألفا في المستوطنات، وهم شريحة عمالية لا يتوافر لدى وزارة العمل الكثير من المعطيات حولها، نظرا لان المؤسسات تعتبر العمل في المستوطنات غير شرعي، الا ان العديد منهم يعملون في ظروف سلامة سيئة للغاية كحال العمال الذين يعملون في مصانع « غيشوري » الكيماوية، وهم بالمئات.

ويعمل ايضا قرابة اربعين ألف عامل من دون تصاريح، وهم ايضا شريحة تتعرض للاستغلال من قبل المشغل الاسرائيلي.

اللجنة الوطنية للصحة والسلامة معطلة

وقال النقابي في اتحاد نقابات عمال فلسطين حيدر إبراهيم، هناك امكانية للتخفيف من الخسائر الكبيرة على صعيد الوفيات بين العمال، ومن عدد الاصابات غير القاتلة، عبر التعاون بين كافة الاطراف المسؤولة عن موضوع الصحة والسلامة المهنية، ولكن هذا ما لم يحصل للأسف، بعد اخفاق عمل اللجنة الوطنية من اجل الصحة والسلامة كما يجب.

وأشار إبراهيم ايضا الى اهمال ذاتي من قبل العامل، بعدم الالتزام بكامل العتاد اللازم من اجل السلامة، حاثا العمال، في حال الخوف على لقمة العيش والقبول بظروف العمل كما هي او تركه، على مراجعة الجهات المختصة من النقابات، او وزارة العمل.

وأكد إبراهيم انه، وفي حالات عديدة ونظرا لغياب الرقابة اللازمة مع نقص عدد المراقبين التابعين لوزارة العمل، فإن جشع ارباب العمل كان على حساب حياة العاملين، « ونحن في الاتحاد عرضنا المشاركة الميدانية في طواقم التفتيش، لمنع هذه التجاوزات الخطيرة، ولكن ليست لنا قوة المراقب الرسمي الحكومي ».

قانون العمل ثغراته تتطلب إعادة صياغة

وقال إبراهيم إن قانون العمل المعمول به حاليا كتب في تونس عام 1991 قبل 35 عاما، وكان في حينه جيدا لأنه استنبط افضل ما في بنود قوانين العمل المعمول بها في الدول العربية المجاورة، ولكن مر وقت طويل ما يتطلب اعادة مواءمة هذه البنود، لمواجهة المخاطر والتحديات التي تواجه العاملين، ففي دول عديدة تعاد صياغة قانون العمل كل سنتين او ثلاث، مشيرا الى ان العمل الجاري حاليا على اعادة صياغة قانون العمل الفلسطيني، « لكن هذا يتم من قبل وزارة العمل منفردة، وهذا خطأ، اذ يجب مشاركة الجميع ».

غياب المحاكم العمالية يفاقم المشكلة

وأضاف إبراهيم أن غياب المحاكم العمالية المختصة في القضاء الفلسطيني، ادى بشكل كبير الى تغول الجشعين من المشغلين على حساب حقوق العمال، خاصة فيما يتعلق بقضايا التعويضات، متسائلا عن اسباب غياب هذه المحاكم التي تتواجد في كل دول العالم؟.

ويتابع: ما يحصل حاليا هو تخصيص قاض واحد ليوم واحد اسبوعيا للنظر في كم هائل من القضايا، وهذا امر يؤدي الى ضياع الحقوق، مؤكدا ضياع الكثير من الحقوق والتعويضات نتيجة لهذا الامر، « وقد شهدت حوادث تأكدت معها ان بعض ارباب العمل لا يعطون أي قيمة تذكر لحياة العاملين ».

وأشار إبراهيم إلى أن اتفاقا عقد بين الحكومة والاتحاد لإيجاد تأمين صحي، خاص بالعمال يدفع بموجبه مخصصات من العمال، لكن هذا الاتفاق لم يطبق.

_

 

كلمات دلالية