بعد أن أمعنت إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية في تعذيب المعتقلين الفلسطينيين، ضاربة بعرض الحائط كافة المواثيق و القوانين الدولية التي تكفل لهم المعاملة الحسنة، ابتكر الأسرى الفلسطينيون وسيلة جديدة لمقاومة هذه الاجراءات القمعية و التعسفية الصهيونية في التعامل معهم، و أصبحت هذه الوسيلة سلاحاً جعل « اسرائيل » و كافة أجهزتها يخضعون مُسلمين بحقوق هؤلاء الأبطال، ألا وهي سلاح الكرامة « الإضراب عن الطعام ».
و لقد كان خضر عدنان أو « الشيخ »، كما يلقبه معارفه والأسرى وأهالي بلدته عرابة، قرب مدينة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، وهو أحد قادة حركة « الجهاد الإسلامي » البارزين في الضفة الغربية، أول من خاض معركة الأمعاء الخاوية عام 2012 ضد الاعتقال الإداري، احتجاجاً على اعتقاله اداريا من قبل سلطات الاحتلال، حتى استطاع أن ينتزع مطالبه و يفرج عنه، و لكن سلطات الاحتلال أعادت اعتقاله فأعلن عن معركة أخرى من الإضراب عن الطعام ليلقن الاحتلال درساً لم يتعلمه من التجربة الأولى من العناد و الصمود و التحدي.
الشيخ عدنان اعتبر بأن الإضراب عن الطعام كان و لا زال سلاحاً فلسطينياً لتحسين شروط الأسر، الا إنه و بعد اضراب 2012 أصبح الإضراب عن الطعام وسيلة لنيل الحرية، و شكل إضافة نوعية و جديدة في نضال شعبنا.
و أوضح عدنان في حديث لــ « وكالة فلسطين اليوم الاخبارية »:إن نجاح الاضراب يحدده الأسير نفسه، بحيث يكون الاضراب وسيلة ناجعة لانتزاع مطالب الأسير اذا ما تمتع بإرادة قوية، كما حصل مع أعداد كبيرة ممن خاضوا الأضراب عن الطعام، في قضايا مختلفة، الاعتقال الاداري، العزل..، و أن كل قضية أثرت بقوة في اعادة ملف الأسرى الى الواجهة، بعد أن غيبه الانقسام، و الحالة التي وصلت اليها القضية الفلسطينية في ظل الواقع العربي المقتتل« .
و أكد بأن الإضراب عن الطعام فتح نافذة كبيرة للأسرى، ليس الإداريين فحسب، بل المرضى و الأطفال و النساء و المعزولين و الذين يريدون تحسين شروط اعتقالهم لدى المحتل، بعد أن استفرد بهم جراء الانقسام البغيض الذي عصف بالساحة الفلسطينية، مضيفاً بأن إضراب النخب شكل رافعة لنضال شعبنا، و لم تتعارض الإضرابات يوماً مع نضالات شعبنا، بل ساهمت في تعديل الميزان بين الأسير و السجان، بأن ينتصر عليه بأي ثمن.
و أشار الشيخ عدنان أن التكنولوجيا الحديثة و الاعلام بكافة وسائله ساهم في تصدير الألم الفلسطيني الى العالم، و انجاح حالات الاضراب التي خاضها الأسرى، بعد أن حاول الاحتلال تسويق الديمقراطية في خضم الواقع العربي المقتتل، حيث جاءت هذه الإضرابات لتدل على أن الشعب الفلسطيني تواق للحرية، و يستخدم طرق سلمية للمطالبة بحقوقه، حتى وإن تأذى فيها الأسير عند الإضراب عن الطعام.
و وجه القيادي عدنان رسالة الى الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال بأنه لا بد من تشكيل قيادة موحدة للأسرى في سجون الاحتلال، و أن تتوقف حالة التشرذم الحاصلة في المعتقلات التي تُشكل فيها قيادة لكل اسرى فصيل معين في اقسامها.
و لفت الى أنه يجب انتخاب قيادة للحركة الأسيرة تكون قوية و قادرة على مواجهة السجان و الاحتلال بوحدة كافة الأسرى في كل المعتقلات، كما طالب السلطة و الرئيس أبو مازن بأن تكون قضية الأسرى على سلم الأولويات، و أن تتحمل السلطة مسؤولياتها تجاه الأسرى و مطالبهم.
كما طالب الرئيس أبو مازن بالخروج عندما يتم التنكيل بالنساء و الأطفال في سجون الاحتلال، مشيراً الى أن القيادة الفلسطينية للأسف لا تتحرك الا تحت الضغط و عندما يكون هناك شهيد أو مضرب عن الطعام يقترب من الموت، داعياً المجنمع الدولي بأن يقف الى جانب قضية الأسرى و أن يستخدم كل الأدوات التي تضمن الحرية و الكرامة للأسير الفلسطيني.
و لقد كانت الأسيرة المحررة هناء شلبي أبرز من سار على خطى الشيخ خضر عدنان، و اعلنت الإضراب تضامناً معه فتقول: »عانيت من الاعتقال الاداري، فلم يروادني خيار آخر غير الإضراب عن الطعام، فكان عنوان معركتي إما الحرية أو الشهادة، مشيرة الى أن خطوة الإضراب كانت صعبة جداً، و ليس الكثير من يستطيع اتخاذ مثل هذه الخطوة و يكمل فيها« .
و أضافت لـــ »وكالة فلسطين اليوم الاخبارية« : »إن قضية الإضراب التي خاضها الأسرى و لا زالوا كانت من أصعب ما واجهه الاحتلال في تاريخ الحركة الأسيرة، فكانت بمثابة تحدي بين الأسير و السجان، الذي لم يترك اسلوباً سواء كان نفسياً أو جسدياً الا مارسه للضغط علي لكسر الإضراب، و لكن ارادتي كانت أقوى من ممارساته، و فشل في كسر الاضراب الذي خضته لمدة 47 يوماً".
و في رسالتها في يوم الأسير، قالت شلبي إن هناك تقصيراً واضحاً في مساندة الأسرى على المستوى الشعبي خصوصاً، داعية المؤسسات الحكومية و الفصائل و كافة شرائح المجتمع الفلسطيني و الدولي أن يضعوا قضية الأسرى على سلم أولوياتهم، حتى يتم تبييض السجون من الأسرى و أن تتوقف المعاناة التي يعيشها الاف الأسرى.
كما عبرت عن أملها بأن يتم تحقيق صفقة تبادل جديدة يتم بموجبها تحرير كافة الأسرى في سجون الاحتلال، لا سيما و أن هناك جنوداً للاحتلال مأسورين بيد المقاومة في قطاع غزة.