خبر مصير الديمقراطية في أيدينا -هآرتس

الساعة 10:19 ص|14 ابريل 2016

فلسطين اليوم

بقلم: مردخاي كرمنيتسر

(المضمون: يُحظر الصمت على اقتراحات القوانين التي من شأنها الحاق الضرر بقيم المساواة والرسمية - المصدر).

تشير الاشهر الاخيرة لدورة الشتاء في الكنيست الى مشاكل صعبة في الديمقراطية الاسرائيلية. يبدو أن هناك موقف خاطيء يعتبر أن الديمقراطية تتركز بقوة هذا الوزير أو ذاك أو لدى الاغلبية في الكنيست، لفعل كل ما يحلو لهم. الديمقراطية حسب هذا الموقف غير مقيدة لمن هم اصحاب القوة والنفوذ.

أحد المؤشرات على ذلك هو ازدياد اقتراحات التشريع الغير ديمقراطية التي تم طرحها في الدولة الاخيرة. حتى لو لم تصل معظم الاقتراحات الى مرحلة التطبيق، إلا أن الاجواء الجماهيرية التي تنشئها تلحق الضرر الكبير بالقيم الديمقراطية والليبرالية التي تقوم على اساسها الدولة.

اقتراح قانون التنحية لعضو كنيست، الذي هو عمليا إقالة، يستند الى حرية تحصل عليها الكنيست من اجل تغيير قرار الناخب. الكنيست التي تمثل السيادة تضع نفسها فوق السيادة – المدنية والمدنيين – لابعاد أحد المنتخبين.

الكنيست هي جسم سياسي خال من الموضوعية تجعل نفسها محققة ومتهمة وقاضية ومعاقبة، خلافا لمبدأ فصل السلطات. وكل ذلك لاحداث سيرك مكارثي في كل مرة يقوم فيها عضو كنيست عربي بالتحدث بشكل استفزازي أو بشكل لا يرضي الاغلبية السياسية، الامر الذي سيزيد العداء في العلاقات المتوترة أصلا بين اليهود والعرب في اسرائيل.

هكذا ايضا اقتراح قانون الزام منظمات المجتمع المدني العمل كوكلاء اجانب. هذا الاقتراح يهدف الى زيادة الشفافية كما يُبين. رغم أن القانون الموجود يطلب الشفافية من الجمعيات. وكأن منظمات حقوق الانسان التي تحصل على التمويل من الدول الاجنبية أو من منظمات دولية، تعمل باسمها وبرعايتها، وتقوم بتحقيق مصالح اجنبية. إلا أن الواقع يقول غير ذلك حيث أنهم يعملون من اجل مصالح المجتمع الاسرائيلي وعلى رأسها المساواة.

هذان الاقتراحان يضران بحرية التعبير التي هي حيوية جدا في مجتمع منقسم فيه خلافات شديدة حول ما هو مطلوب وما الذي يهدد وجوده. وليس غريبا حدوث عدم شرعية اجتماعية بهدي من الأعلى. حيث بات هناك من يتعامل مع منظمات حقوق الانسان على أنها منظمات معادية ويُدخل اليها « العملاء » من اجل « التجسس ». وهناك من يفخر بهذه الاعمال وكأنها اعمال بطولية ووطنية لا اعمال حقيرة تضر بأسس الثقة الاجتماعي. وقد كانت نقطة الحضيض انضمام رؤساء السلطة الى المحققة السرية الخاصة في حملة خطيرة ضد « نحطم الصمت ».

ليس فقط القيم الديمقراطية والليبرالية هي التي تتعرض للهجوم، بل ايضا الرسمية، حيث تتراجع حينما يتضعضع موقف أن الوزير يخدم الجمهور وأن الولاء يعطى لكل الجمهور. السلطة في اسرائيل لا تعمل كسلطة للشعب وعلى أيدي الشعب ومن اجل الشعب، كما قال ابراهام لنكولن، بل بطريقة معاكسة، حيث أن كل وزير يهتم بالمصلحة الضيقة للمعسكر الذي انتخبه. « وزيرة العدل تهتم باختيار قضاة متدينين، وزير التعليم يعمل على تحويل التعليم الرسمي الى تعليم ديني متطرف ووزيرة الثقافة تستخدم اموال الثقافة بنفس الطريقة ».

من هنا تنبع الحاجة الى تسييس الخدمات العامة – من اجل مكافأة الناخبين بواسطة وظائف هامة مقابل الولاء للوزير، وليس للدولة. وهذا استنادا الى الادعاء القائل إن تغييرا كهذا لا يعتبر تجاوز للتفويض الذي منحه الجمهور، وكأن ناخبو البيت اليهودي أو الليكود هم الجمهور جميعه. يصعب وصف التدمير الذي يقوم ذلك باحداثه، والضرر بسبب أن الفترة المتوسطة للوزير تستمر لسنتين.

هذا السلوك السلطوي يلغي من الدولة جزء كبير من الجمهور، ويضر بالثقة بالسلطة وبمؤسساتها وبالبنية الاجتماعية التي هي جزء حيويا من الحصانة القومية. ويلحق الضرر بالمجالات التي يعتبر سر نجاحها عدم التدخل الكبير للسلطة: وسائل الاعلام، الثقافة والفنون، العلم والتعليم العالي. والخطورة تكمن ايضا في مجال التعليم، حيث أن جهاز التعليم الغير ملتزم بمباديء العدل والمساواة لن يقوم بانتاج مواطنين مسؤولين يلتزمون بالديمقراطية بل سينتج أعداء للديمقراطية.

كلما استمرت هذه العمليات السياسية والاجتماعية كلما ضعفت ديمقراطية الدولة. وهذا يعتبر تهديدا وجوديا وقد يكون الأخطر من بين التهديدات القائمة.

ولكن، خلافا لتهديدات اخرى، فان سلوكنا كمجتمع وتوقعاتنا من السلطة هي في أيدينا. مصير اسرائيل كديمقراطية يوجد في أيدينا، سلبا أو ايجابا. لذلك فان من يلتزم بالرسمية وقيم المساواة والحرية، من اليمين ومن اليسار، في كل المجالات يجب عليه أن يقول كلمته والعمل من اجل اصلاح هذا الوضع. واولئك الذين اختاروا الجلوس على الجدار ينتمون الى معسكر المدمرين.