خبر القنوات العربية: التطرف والعقاب.. اسرائيل اليوم

الساعة 12:49 م|10 ابريل 2016

فلسطين اليوم

القنوات العربية: التطرف والعقاب

بقلم: ايال زيسر

          (المضمون: قناة « الجزيرة » زعمت في بداية طريقها أنها ستعمل على تغيير وجه الاعلام العربي، لكنها لم تقدم سوى التطرف والتحريض ضد اسرائيل  - المصدر).

          قناة « الجزيرة » تعاني من المشكلات. فبعد عقدين سيطرت فيهما على عالم وسائل الاعلام العربية وشكلت مصدرا للرعب لكثير من الانظمة العربية، لا سيما المعتدلة والتي تؤيد الغرب، فان قناة التلفاز القطرة تعاني من الصعوبات. يتبين أن نشر الكراهية والتطرف والتلويح براية محاربة اسرائيل الذي أتقنته القناة جيدا، لم يضمن لها المشاهدة المرتفعة والتأييد من قبل المشاهدين العرب، وليس تأييد أصحابها ايضا الذين هم النظام في قطر، والذين تخلوا عنها.

          لقد تم الحديث في الاسبوع الماضي عن اقالة 500 موظف من موظفي القناة، وهم يشكلون نحو 10 في المئة من العاملين. وقبل ذلك ببضعة اشهر، في كانون الثاني هذه السنة، قيل إن اصحاب القناة يريدون وقف بث « الجزيرة امريكا »، وهي القناة التي تبث باللغة الانجليزية والتي كانت تسعى الى نشر القومية العربية المتطرفة والراديكالية الاسلامية في اوساط الجمهور الامريكي.

          « الجزيرة » زعمت في بداية طريقها أنها تريد تغيير شكل الاعلام العربي وطرح بديل لوسائل الاعلام الرسمية في دول مختلفة. وقد قامت بتقديم نفسها كمن يريد طرح « الرأي الآخر ». وفي هذا السياق ايضا، السماح لكثير من الاسرائيليين بالظهور فيها. لكن هذا التصنع بالانفتاح وتقبل الآخر، كان تمويها من اجل نشر المواقف المتطرفة والدمج بين القومية العربية المتطرفة من صنع عزمي بشارة وبين نقيضها، الاسلام المتطرف الذي يمثله الشيخ يوسف القرضاوي أحد قادة الاخوان المسلمين.

          « الجزيرة » هاجمت النظام المصري والنظام التونسي، لكنها منحت الحصانة لنظام الاسد. وقد انتقدت السعودية وامتدحت ايران وحزب الله. وفوق كل شيء، لم تنتقد الامارة الصغيرة التي عملت فيها، قطر. وفي كل صراع بين اسرائيل واعدائها تبنت القناة رواية الطرف العربي، سواء كان حماس أو حزب الله. وقد أكثرت من الهجوم على السلطة الفلسطينية بسبب التعاون مع اسرائيل وجهودها لتهدئة الميدان كلما حدثت اعمال عنيفة.

          كانت أفضل اوقات القناة هي فترة نشوب « الربيع العربي » قبل خمس سنوات، حيث تحولت استوديوهاتها الى مركز خرجت منه نار التمرد والاحتجاج في ارجاء العالم العربي. لكن الذروة كانت في اللحظة التي بدأت فيها القناة تفقد تفوقها. التشجيع الذي منحته للتطرف والراديكالية جعل كثيرين من الجمهور العربي الذي ضاق ذرعا من الفبركات الاعلامية التي لا تمت للواقع بأي صلة، يتحفظون من القناة، حيث فقدت المصداقية وأصبحت بعيدة عن المشكلات التي يواجهها العالم العربي، ووجدت نفسها مرة اخرى في الجانب الغير صحيح في الخريطة العربية. ويضاف الى ذلك أنها خسرت تفوقها ومكانتها في العالم المليء بالقنوات والانترنت والهواتف الذكية.

          إن قرار الزعماء في قطر قصقصة أجنحة القناة ينبع من اعتبارات اقتصادية بسبب تراجع مداخيل النفط. ولكن ايضا لاعتبارات سياسية بعد أن تبين أن القناة هي عبء لا يمكن تحمله بعد. وتبين أن القوة التي منحتها القناة لقطر هي قوة مصطنعة ووهمية، وفي المقابل تبين أن التهديد الايراني هو ملموس وفعلي، ضد قطر والسعودية.

          إن تخلص العالم العربي من سحر وسائل الاعلام المتطرفة والتحريضية التي تركز على اسرائيل، وجد تعبيره ايضا في الصعوبات التي تواجهها قناة اخرى للكراهية هي قناة « المنار » التابعة لحزب الله. فقد تم اغلاق السماء في وجهها بعد رفض اتحادات اعلامية بث برامجها بواسطة الاقمار الصناعية للعالم. « المنار » هي قناة تحرض ضد اسرائيل، لكن العالم العربي يهتم بتدخل حزب الله في الحرب الاهلية في سوريا برعاية ايرانية وفي الشؤون الداخلية لدول عربية سنية معتدلة مثل السعودية أو دول اخرى في الخليج.

          لقد وجد التطرف عقابه. والمشكلة هي أن العالم العربي تغيب عنه وسائل الاعلام الحرة كي تكون الصوت الحقيقي الموازي للتطرف والكراهية.