خبر فترة تبريد.. معاريف

الساعة 02:09 م|08 ابريل 2016

بقلم

(المضمون: ليس لجهاز الامن تفسير كامل للهبوط الدراماتيكي في عدد العمليات في الاسبوعين الاخيرين، والافتراض هو أن الميل قد ينقلب. وحسب تصريحات ترامب فان اسرائيل ملزمة بالوصول إلى صفقة المساعدات مع أوباما حتى تشرين الثاني).

في الجيش الإسرائيلي لم يعرفوا حقا كيف يشرحوا لوزراء المجلس الوزاري المصغر – الكابنت الذين زاروا فرقة المناطق هذا الاسبوع ما الذي تسبب بالانخفاض الدراماتيكي في عدد العمليات في الاسبوعين الاخيرين. فقد عرضوا عليهم الحسابات الجديدة التي طورتها الاستخبارات واستهدفت تشخيص من بين الاف الفلسطينيين الذين يرفعون بوستات الى الشبكة عن رغبتهم في أن يكونوا شهداء كفيلون بان يجربوا تحقيق تطلعهم. فكل يوم وكل ليلة يقتحم الجيش والمخابرات الاسرائيلية منازل بضع عشرات كهؤلاء ويقوموا باجراء حديث ايضاح لهم ولعائلاتهم. ولكن في الجيش أيضا يعترفون بان هذا مجرد تفسير جزئي للانخفاض الكبير في ظاهرة العمليات.

الحقيقة هي أن لا احد لديه تفسير كامل للانخفاض الحالي. فلم يحصل أي شيء على الارض والاجواء نفسها ايضا لم تتغير. ولكن الجميع، وعلى رأسهم أولا وقبل كل شيء رجال الاستخبارات، يحذرون من الحديث عن خبو الظاهرة. في هذه اللحظة يتعاطون مع هذا كانخفاض لحظي كفيل بان ينقلب ذات يوم.

لقد سبق أن رأيت من ادعوا بجدية بان الجندي الذي اطلق النار على المخرب الملقى على الارض في الخليل – هو الذي أوقف العمليات. شيء واحد أوقفه بيقين – الجندي التالي الكفيل بان يقرر بناء على رأيه الخاص ان يصفي مخربا محيدا. فالمعالجة الصارمة والحازمة التي قام بها الجيش بحق الجندي مطلق النار، باسناد وزير الدفاع، ثبتت دفعة واحدة المعيار في الجيش ونقلته بسرعة حتى آخر الجنود.

خير فعلت المحكمة العسكرية التي وازنت مطالب النيابة العسكرية وبعثت بالجندي الى معتقل مفتوح. هو سيعاقب، ولكن لا يوجد أي سبب يدعو الى الثأر الشخصي منه. قاضي المحكمة العسكرية سبق أن اشار هذا الاسبوع الى النيابة العامة بان من الافضل ان تخفض مادة الاتهام – بحيث ان من المعقول ان تنتهي هذه الحالة بصفقة قضائية والا تصل الى المداولات. المهم كان نقل رسالة قيادية واضحة عما هو مسموح به وما هو محظور – وهذا تحقق منذ الان.

الحدث في الخليل والمصافحة الحارة التي تلقاها الجندي مطلق النار من باروخ مارزيل فور الحادثة رفعا الى السطح مرة اخرى مسألة علاقة وتأثير المستوطنين على قوات الجيش الاسرائيلي التي تحميهم. فآيزنكوت يحرص على ان يقول المرة تلو الاخرى للقادة بانهم أصحاب السيادة في الميدان وعليهم واجب انفاذ القاون والنظام، ولكن اقواله تبقى في الهواء. فقوات الجيش الاسرائيلي التي تخدم في المناطق غير قادرة، في معظم الحالات على انفاذ القانون على الاسرائيليين الذين يسكنون هناك.

ان تكليف جنود الخدمة الالزامية بمهام حفظ النظام حيال الفلسطينيين اشكالي بما فيه الكفاية. فمن الصعب أن نتوقع من جنود ابناء 20 ان يكونوا قادرين على انفاذ القانون حتى على من يفترض بهم ان يحموهم. وصاحب السيادة الحقيقي في الميدان هم المستوطنون، وهذا لا يمكن لايزنكوت ان يغيره.

كما أنه سيجد من الصعب ان يتخلص من وسم اليساري الذي التصق به في هذا الحدث في اوساط محافل اليمين. ففي الخطاب الهائج لدولة اسرائيل اليوم – فان من يتمسك بحكم القانون يعتبر يساريا. التهديد على الديمقراطية الاسرائيلية يأتي اليوم من الداخل، من داخل الحكم.

لا، المحكمة العليا ليست فوق النقد، وقراراتها ليست اقوالا حية للرب. كما أن التباكي الذي رأيناه في مؤتمر المحامين ضد وسائل الاعلام التي تتجرأ على انتقاد المؤسسات القضائية ليس في مكانه. فممكن وجدير انتقاد مضمون قرارات المحكمة، ولكن محظور التشكيك بصلاحياتها في اتخاذ القرار.

هزة أمريكية

ان ضعف الديمقراطية ليس ظاهرة خاصة باسرائيل. فبعد تسعين سنة من انهيار الديمقراطيات الاوروبية امام الفاشية، تقف مرة اخرى العديد من الديمقراطيات الغربية امام أزمة. فالنظام الديمقراطي الذي نجح، الى هذا الحد أو ذاك، على مدى اكثر من قرن – بدأت تفقد صوابها.

مزيدا من الجماعات، المنظمات والناس حلوا لغز النظام ووجدوا السبيل لاستغلال ثغراته كي يمرروا قرارات وافكار غير ديمقراطية. وسواء كان هؤلاء مسلمون في اوروبا ممن يدعون الى تدمير النظام في بلادهم واحلال قانون الشريعة، أم نواب في كنيست اسرائيل يتماثلون مع حزب الله، وحتى رؤساء الحزب الجمهور في الولايات المتحدة ممن يحاولون الان ايجاد طريق غير ديمقراطي لصد مرشح خارجي كفيل بان يحتل الحزب باكثر طريقة ديمقراطية متوفرة.

ان المسيرة التي تمر بها الولايات المتحدة هي الاكثر اثارة للتشويق. فمنذ عشرين سنة لم يسبق أن كانت امريكا سياسية بهذا القدر. والمرة الاخيرة التي عني بها حديث عادي في وليمة عشاء، في حفلة استقبال او في رحلة جماعية، بالسياسة، كانت في عهد قضية مونيكا لفنسكي. ومنذئذ لم التقِ يقظة سياسية بهذا القدر، تنصب بمعظمها على حملة الانتخابات، التي في الغالب تبقى ناعسة حتى السطر الاخير.

ينجح دونالد ترامب في هز امريكا ويتوجه الى جمهور متعاظم مل كل ما تمثله السياسة التقليدية. ومثله، يفعل بيرني ساندرز بالضبط ولكن من الجناحي اليساري. نحن ننشغل كثيرا بمواقف السياسة الخارجية للمرشحين، ولكن من تحت كل السياسة الامريكية يوجد اساسا مسألة مشتعلة واحدة: كيف يتوقف الافلاس الاقتصادي للامبراطورية؟

مع دين قومي سيصل قريبا الى 20 تريليون دولار، اكثر من الناتج الامريكي، نحو ربعه محتجز لدى الصينيين – فان الاقتصاد الاقوى في العالم كفيل بان يصل الى الافلاس او أن يكون معلقا تماما بالنية الطيبة للعملاق الصيني. لقد سبق ان رأينا في السنوات الاخيرة كيف تفلس دول وبعد ذلك تشحد، وابعاد هذا الخطر سيكون المهامة رقم واحد لكل رئيس.

لقد حاول الرئيس المنصرف هو الاخر ان يتصدى للدين المتعاظم. ولكنه فعل هذا فقط عن طريق تقليص النفقات. وترامب، الذي سبق أن تعلم شيئا أو اثنين عن « الالتفاف » في المجتمع، يعرف بان تقليص النفقات وحده يجعل الانسحاق اطول. من اجل الخروج من الهوة يجب ايضا العثور على الفرص التي تزيد المداخيل.

في مقابلة هاتفية منحها لـ « نيويورك تايمز » بسط ترامب مبادئه للسياسة الخارجية، والتي لا تعوزها التضاربات. فقد هدد بالكف عن حماية حلفاء الولايات المتحدة في اوروبا، في الشرق الاقصى والادنى، الا اذا دفعت هذه الدول لقاء خدمات الامن التي توفرها لهم الولايات المتحدة. كثيرون سخروا من اقواله، ولكن فيها غير قليل من المنطق، اذا اخذنا بالحسبان وضع القوة العظمى الامريكية.

وآمل أن في القدس من يريد الان الزيادة الكبيرة للمساعدة الامريكية ان يستمع جيدا لهذه الاقوال. هذا هو الزمن للتغلب على النفور، ومعانقة الرئيس اوباما وانتزاع التزام منه لاتفاق مساعدة للسنوات العشرة التالية. بعد تشرين الثاني – سيكون هذا أصعب بكثير.