خبر المحكمة الدستورية... عنوان جديد للخلاف بين « فتح » و« حماس »

الساعة 05:13 ص|07 ابريل 2016

فلسطين اليوم

يفتح تشكيل المحكمة الدستورية العليا في فلسطين، بقرار من الرئيس محمود عباس، باباً للخلاف من جديد بين حركة المقاومة الإسلامية « حماس » وكتلتها البرلمانية من جهة وبين السلطة الفلسطينية التي تقودها حركة التحرير الوطني الفلسطيني « فتح » من جهة ثانية. وتتهم « حماس » عباس بالعمل من أجل السيطرة على ما تبقى من سلطات ليست في يده، عبر تشكيل المحكمة في ظل الانقسام وعدم وجود اتفاق وطني على تشكيلها، وتحذّر مما تسميه استخدامات « ثأرية » من خلال المحكمة، فيما تدافع « فتح » عن القرار وتضعه في إطار استكمال مؤسسات السلطة الفلسطينية.

وأدى أعضاء المحكمة الدستورية، يوم الثلاثاء الماضي، اليمين القانونية أمام عباس، بمقر الرئاسة في مدينة رام الله، في ظل ما قالت السلطة إنه منع « حماس » لأعضاء المحكمة من غزة من الوصول للضفة، أو أداء القسم عبر تقنية مؤتمرات الفيديو (الفيديو كونفرانس).

ونشر الخبير القانوني، حنا عيسى، تقدير موقف عن المحكمة، قال فيه إنّ المحكمة الدستورية هي السلطة الأرفع في مواجهة السلطات الثلاث التقليدية المعروفة، وهي السلطة التشريعية، والتنفيذية، والقضائية. ووفقاً لعيسى فإنّ سلطة ونفوذ المحكمة الدستورية يطاولان ما تسنّه السلطة التشريعية من قوانين، سواء بالإلغاء مباشرة أو عبر الطلب من السلطة التشريعية بتعديلها عند الحكم بعدم دستوريتها. وقد يصل الأمر إلى أبعد من ذلك، كأن تقضي المحكمة ببطلان القانون الذي على أساسه انتخب البرلمان، وبالتبعية حل البرلمان.

من جهته، وجّه مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، رسالة إلى عباس طالبه فيها بـ« ضرورة أن يأتي تشكيل المحكمة الدستورية العليا كخطوة لاحقة تتوج إعادة الحياة الدستورية المتمثلة بإجراء الانتخابات العامة (الرئاسية والتشريعية) وإعادة توحيد القضاء الفلسطيني. » ودعت المؤسسات الحقوقية إلى « أن لا يأتي تشكيل المحكمة مبنياً على محاصصة سياسية يسعى من خلالها أي حزب أو جهة سياسية للسيطرة على هذه المحكمة. فالمحكمة الدستورية العليا، هي حارسة القانون الأساسي، وحامية الحقوق والحريات العامة، فحياديتها ونزاهتها واستقلاليتها شأن ينبغي عدم المساس به »، على حد قولها.

في هذه الأثناء، يقول القيادي في « حماس »، النائب في المجلس التشريعي عن الحركة، يحيى موسى، لـ« العربي الجديد »، إنّ هذا « التشكيل للمحكمة الدستورية هو تشكيل سياسي بالمقام الأول، وراءه محاولة عباس لإيجاد محكمة ينفذ من خلالها كل مخططاته، والتحكم في النظام السياسي الفلسطيني، من خلال ايجاد محكمة دستورية تمثل أعلى من كل السلطات، وتحكم في قضايا السلطات وتنازعها، وتنازع القوانين والقضائية »، على حد قوله.

ويعتبر موسى أنّ الرئيس الفلسطيني أتى بالمحكمة الدستورية من أجل « أهداف تخصه، ومن أجل إبطال ولاية المجلس التشريعي، وإبطال القوانين التي صدرت من المجلس التشريعي، وليثبت مراسيمه الرئاسية، ولمساعدته على تثبيت إقصاء كل خصومه السياسيين »، على حد قوله. ويلفت إلى أنّ « قضية تشكيل المحكمة الدستورية تخص الكل الوطني، لذلك الموضوع تستهدف فيه الحركة الوطنية ومشروعنا الوطني، ومشروعنا السياسي ».

 

في المقابل، يقول القيادي في حركة « فتح »، يحيي رباح، لـ« العربي الجديد »، إنّ إقرار عباس للمحكمة الدستورية يأتي في إطار استكمال مؤسسات السلطة الفلسطينية، والتحول من مجرد سلطة إلى دولة، في ظل تنامي حركة الاعترافات الدولية بفلسطين كدولة قائمة. ويؤكد رباح أنّ القانون الأساسي كفل للرئيس الفلسطيني إرساء المحكمة الدستورية وتعيينها، إلى جانب وجود المجلس التشريعي كما في باقي دول المنطقة، من أجل استكمال كامل المؤسسات التي لم تكن موجودة في المرحلة السابقة في السلطة.

ويوضح القيادي في « فتح » أنّ عباس لن يلغي المجلس التشريعي عبر بوابة المحكمة الدستورية التي جرى تشكيلها في ظل دعوته المتجددة لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في مدة لا تتجاوز ستة أشهر بالتوافق بين الفصائل الفلسطينية. ويلفت رباح إلى أنّ الاعتراضات المقدمة من قبل « حماس » أو المختصين الحقوقيين والقانونيين يجب مناقشتها والتوافق عليها، من دون تحولها إلى قضية خلافية، في ظل استمرار حالة الانقسام الفلسطيني وما سمّاه تهرب حركة « حماس » المتواصل من المصالحة.

من جهته، يقول المحامي والخبير القانوني، صلاح عبد العاطي، لـ« العربي الجديد »، إنّ تشكيل محكمة دستورية لدولة تحت الاحتلال، صغيرة ومحدودة المساحة وعدد السكان، وتعاني من انقسام سياسي ومؤسساتي وجغرافي، لا يتسم بالضرورة والحاجة الملحة. ويلفت عبد العاطي إلى أنّ تشكيل محكمة دستورية عليا يتطلب توفر كفاءات قانونية مستقلة وغير حزبية، ومعبرة عن مختلف الرؤى القانونية والسياسية والاجتماعية، لا يختلف أحد على قلتها ان لم نقل ندرتها، فضلاً عن التكلفة المالية الباهظة المترتبة على تشكيلها.

ويشدد عبد العاطي على أنّ الوضع السياسي الفلسطيني الراهن لا يسمح بتشكيل محكمة دستورية قابلة أحكامها للتنفيذ والاحترام في شطري الوطن، الذي لا يزال بحاجة لاستكمال البناء المؤسسي الديمقراطي لدولة فلسطين المتحررة من قيود الاحتلال.

ويوضح أهمية أنّ يستند تشكيل المحكمة إلى توافق مجتمعي عريض، وإجماع سياسي وطني يتم التوصل إليه نتيجة حوارات وطنية ومجتمعية واسعة، تنتهي بالتوافق على معايير إشغال عضوية هذه المحكمة، وتوقيت تشكيلها، والحاجة لتعديل قانونها، إلى جانب بيان صلاحياتها، وإجراءات التقاضي أمامها، وجهة تعيين أعضائها.

ويطالب الخبير القانوني الفلسطيني بإلغاء قرار تشكيل المحكمة والتراجع عن التعديلات القانونية على قانون المحكمة الدستورية، وترك مهمة التشكيل للحوار الوطني الشامل الذي يوصل الفلسطينيين إلى توافق وطني شامل بشأن المحكمة الدستورية، وتشكيلها، والصيغة المثلى لقانونها.

 

كلمات دلالية