خبر الروسي يجرفون كل الصندوق -الحرب في سوريا

الساعة 08:58 ص|06 ابريل 2016

فلسطين اليوم

بقلم: اليكس فيشمان

(المضمون: الامريكيون يتدخلون في سوريا بالقوة بقدر لا يقل عما يفعله الروس، ولكن الاخيرين يقطفون الثمار لانهم لا يخفون هذا التدخل ويجرونه بتغطية اعلامية عالية بينما يخفي الامريكيون تدخلهم خوفا من الانتقاد الداخلي - المصدر).

 

في اللقاءات التي تجريها القيادات السياسية – الامنية الاسرائيلية مع نظرائها في موسكو وواشنطن، تطرح اسرائيل طلبا واحدا يكاد يكون انذاريا: لن نقبل أي تسوية في سوريا تسمح بتواجد ايران أو حزب الله في هضبة الجولان. وفي اسرائيل يبدأون بالتفكير في  مبنى هضبة الجولان في اليوم التالي، بل ان محافل التقدير الاكثر شكا تعترف بان هناك مؤشرات ايجابية لامكانية تسوية سياسية تمنع استمرار الحرب الاهلية. فقد دخل العالم في حالة ايجاد حل فوري – ولا سيما بسبب مشكلة اللاجئين الذين يغرقون اوروبا – وعليه فان احتمال التسوية يبدو أقرب، قياسا للفترة التي سبقت التدخل الروسي في سوريا.

 

ليس واضحا أي تعهدات حصلت عليها اسرائيل من الولايات المتحدة أو من  الروس بالنسبة للتسويات في هضبة الجولان. ومهما يكن من أمر، فكل التزام كهذا سيكون مثابة توقيع على الجليد، وذلك لان الروس والامريكيين ينسقون فيما بينهم في التسوي في سوريا – أكثر بكثير مما يدركه الوعي العالمي. وهم عمليا قسموا سوريا، باعوا الحلفاء القدامى، اشتروا حلفاء جدد وصفوا الحسابات. اردوغان، مثلا، لا يمكنه أن يعول على اوباما في المسألة الكردية، لان الروس والامريكيين قرروا منذ الان بان الاكراد هم أقلية تستحق حكما ذاتيا. وحقيقة أن الكيان هو سكين في قلب الاتراك تهمهم كقشرة الثوم – فهم بحاجة للاتراك كقوة عسكرية برية تقاتل ضد داعش.

 

هكذا أيضا في كل ما يتعلق بهضبة الجولان. فاذا لم تعرض اسرائيل موضوع هضبة الجولان كشرط لازب، مشكوك ان تحظى هذه الجبهة الهامشية – في نظر الروس والامريكيين – بموقف ملزم في اطار التسوية. ففي اثناء السنة الاخيرة تابعت اسرائيل، مثلما فعل العالم، الدرس الذي لقنته القوتان العظميان في مسألة سياسة استخدام القوة وترجمتها الى انجاز سياسي. كانت هنا مدرستان أدتا الى نتائج سياسية مختلفة. فلا شك أن داعش في سوريا وفي العراق آخذ في التقلص، ولا شك أن للتدخل العسكري للقوى العظمى دور مركزي في ذلك ولكن هنا ينتهي وجه الشبه بينهما.

 

الادارة الامريكية لا تقول كل الحقيقة لجمهورها في الداخل: فهي لا تروي بانها تحتفظ في الساحة السورية – العراقية – الاردنية بنحو 3 الاف مقاتل على الارض، ثلاثة اضعاف أكثر مقارنة بالقوة البرية الروسية. وتعنى القوة البرية الروسية اساسا بحماية المنشآت الروسية، وقسم صغير بمساعدة القوات البرية السورية، بينما القوات البرية الامريكية تتشكل اساسا من وحدات مختارة، بما فيها وحدات تستخدم الصواريخ الدقيقة بعيدة المدى وتشارك مشاركة مباشرة في صد داعش. وتعنى القوات الامريكية الخاصة أساسا بالاحباط المركز بموجب العقيدة التي طوروها حيال طالبان في افغانستان. ويدور الحديث عن تصفيات يومية لموظفين في داعش: حتى الان صفوا مئات الاهداف كهذه من البر، وقدر أكبر منها من الجو. وهم يستخدمون عشرات الطائرات – بعضها غير مأهول – لغرض الضرب الدقيق لاهداف مختارة، ويستخدمون استخداما مكثفا للسلاح الدقيق. اما الروس، بالمقابل، فيستخدمون بالاجمال 24 طائرة حربية، تستخدم اساسا للقصف الميداني، مع قليل جدا من المعلومات الاستخبارية والكثير جدا من الضرر المحيطي الشديد والكثير جدا من القتلى المدنيين. لا شك أن النجاعة العملياتية الامريكية تفوق تلك الروسية.

 

وهنا يبرز التساؤل: كيف حصل أن الروس، مع قوة اقل، يخلقون عرضا من التأثير الاكثر دراماتيكية على ما يجري؟ كيف يحصل أن هم بالذات يقطفون انجاز التحول في القتال ضد داش في سوريا، ويتصدرون التسوية السياسية؟ يعد الروس جهة مصداقة فيما أن الامريكيين يعدون كخونة ورخوة لا يمكن الاعتماد عليهم. وفي السطر الاخير: الروس الذين دمروا مستشفيات اكثر مما فعل الامريكيون، لم يجترفوا فقط كل الصندوق الاستراتيجي في المنطقة – بل ونالوا ايضا التصفيق بصفتهم منقذين.

 

والجواب يكمن في سياسة استخدام القوة: فقد قرر الروس مسبقا بان قتالهم سيتم بتغطية اعلامية عالية، باستخدام شديد للنار وبالتقارير اليومية، بينما أخفى الامريكيون تدخلهم العسكري كي لا يثيروا انتقادا في الداخل. والدرس هو الاخر واضح: في ظروف سوريا، الروس محقون. والان فليستخلصوا عندنا ايضا الاستنتاجات.