خبر رئيس اركان بين النوايا -يديعوت

الساعة 08:35 ص|02 ابريل 2016

فلسطين اليوم

بقلم: اليكس فيشمان

       (المضمون: قبل نشر فيلم « بتسيلم » وقبل الضجة الاعلامية حول حادثة الخليل، كان الجيش يدرك خطورة الحادثة في الخليل وقام باجراء التحقيقات اللازمة - المصدر).

       في يوم الثلاثاء من هذا الاسبوع عقد رئيس الاركان مشاورات طارئة. البيت يرتعد. فجأة استوعبوا هناك أن حادثة الخليل تحولت الى حادثة مفصلية. لم تعد مشكلة انضباط خطيرة بل قضية بحجم ترك جندي  حرس الحدود، مدحت يوسف، في قبر يوسف. أو دخول حزب الله الى موقع سجود في فترة الحزام الامني في لبنان – هذه الاحداث زعزعت ثقة الجمهور بالجيش. إلا أن الحديث هناك كان عن فشل تنفيذي حيث تحمل الجيش المسؤولية. أما هنا فالحديث هو عن حدث اجتماعي، ثقافي وسياسي. شيء من نوع جديد لم يعرف الجيش كيف يتعامل معه. في الوقت الحالي تتحول القذائف من الخارج الى اكثر فتكا. وفي قيادة الجيش يسود شعور خيبة الأمل وقلة الحيلة. الجيش يتحدث – والجمهور لا يثق.

       رئيس الاركان غادي آيزنكوت تصرف كما يتصرف رئيس اركان. توجد ازمة، « يجب النزول فورا »، اجراء تقييم للوضع، من ضد من، رص الصفوف من اجل منع سقوط خطوط الدفاع والاستعداد للهجوم.

       في نهاية المشاورات قرر رئيس الاركان عدد من الاجراءات لكبح التصدع في قيم الجيش بسبب هذه القضية. النقاش الجماهيري الذي قاده هذا الاسبوع وزراء وشخصيات عامة، شوش حسب تقدير الجيش، على مفاهيم اساسية مثل من الذي يعطي الاوامر في الجيش ومن الذي يفرض روحية الجيش. لذلك أمر رئيس الاركان رئيس القوى البشرية الجنرال حغاي توبولونسكي وضابط التعليم الرئيسي العقيد باز تسوك، أمرهما بالذهاب الى المتجندين وهم على بوابة الجيش وشرح التعهدات التي سيوقعون عليها عندما يلبسون الزي العسكري.

       النموذج 500 المعروف كـ « قسم الجيش الاسرائيلي » هو عمليا أداء يمين القسم من قبل الجندي للدولة: « أُقسم وأتعهد بالاخلاص لدولة اسرائيل وقوانينها وسلطاتها المخولة وأقبل بدون شروط أو تحفظ الانضباط في جيش الدفاع الاسرائيلي والخضوع لكل الأوامر التي يعطيني إياها الضباط المخولون وأن أُسخر قوتي وأضحي بحياتي من اجل الدفاع عن الوطن ومن اجل حرية اسرائيل ».

       اضافة الى التوقيع على هذا التعهد، تقوم الوحدات باجراء مرسوم آخر، بعد مرحلة التدريب الاساسية، حيث يتم قراءة القسم بشكل علني، يقسم الجنود بصوت مرتفع، وفقط حينها يتم اعطاءم السلاح الشخصي. الدمج بين القسم والسلاح ليس صدفة. هذا هو الفرق بين استخدام السلاح من قبل العصابات المسلحة وبين استخدامه في اطار عسكري، وحسب المعايير التي جاءت في يمين القسم. في الجيش يتم التحقيق في أي رصاصة تم اطلاقها بالخطأ. واذا اطلقت بسبب الاهمال تتم معاقبة الجندي. لا توجد مناطق رمادية. كل ما يتعلق باستخدام السلاح الناري – يتم التعامل معه بالابيض والاسود.

       هذا الدرس حول القسم سيتم منذ الآن فصاعدا، ليس كموضوع رسمي تقني، بل كحوار حول اسئلة واجابات. ويمكن أنه في المرة القادمة حينما يرفع السلاح لاطلاق النار، أو يقرر العمل خلافا للاوامر، سيعرف كل جندي من هو بالضبط مصدر الصلاحية في الاطار العسكري: ليس الحاخامات وليس الأولياء ولا الاصدقاء ولا السياسيين.

       وقد طرحت هناك فكرة اخرى هي فحص امكانية معرفة الضباط بالتلفظات والسلوكيات للجنود في الشبكات الاجتماعية. مثلما طلب من القادة في الماضي اجراء الزيارات البيتية ومعرفة خلفية الجنود، يبحثون الآن عن طريقة تُمكنهم من متابعة الاقوال السياسية أو الاخلاقية للجنود في الشبكات الاجتماعية. الحديث يدور هنا عن اجراء حساس واشكالي قد يجر وراءه الكثير من الامور. عندما يشارك جندي في مدونة لسياسي فهل يعتبر ذلك تعبيرا عن موقف؟ وما الذي يفعله القائد حينما يؤيد أحد جنوده حركة كهانا حي مثل الجندي مطلق النار؟.

       اضافة الى ذلك قرر رئيس الاركان أنه حتى يوم الخميس الساعة الثانية، يعرف كل المقاتلين في الجيش الاسرائيلي تفاصيل التحقيق الذي قام به العقيد غاي حزوت، قائد الكتيبة 900، التي يخدم فيها الجندي مطلق النار. وهذا لعدم بقاء سوء فهم حول الحقائق والمغزى الذي يعطيه الجيش الاسرائيلي لهذه الحقائق. وسيخصص آيزنكوت يوم كامل في الاسبوع القادم لزيارة اجتماعات قادة الكتائب فما فوق من اجل سماع ملاحظاتهم وتوجيههم بشكل دقيق حول ما هو متوقع منهم في ظروف مشابهة.

       لم يقتنعوا بالفكرة

       في يوم الخميس الماضي بعد اطلاق النار في الخليل بساعة، وفي تحقيق داخلي جرى في لواء شمشون، سأل قائد اللواء، دافيد شبيرا، الجندي عن سبب اطلاقه النار. ايضا صديقه الذي وقف الى جانبه سأله بذعر بعد اطلاق النار فورا: « ما الذي تفعله؟ ». الاثنان أجابا نفس الاجابة، التي أجابها ايضا قائد الفرقة الذي صعد معه الى الجيب لاعادته الى الموقع في تل الرميدة: « من طعن صديقي يجب أن يموت ». بعد ذلك جاءت اقوال معدلة ومعاكسة لهذه الاقوال.

       قائد اللواء شبيرا هو خريج معهد ديني وهو الذي قتل المخرب الذي قتل 8 طلاب من المعهد في 2008. كان شبيرا في حينه ضابطا في وحدة المظليين 890 وقام ايضا بالتأكد من القتل. في حالته اعتبرت الحادثة وبحق عملا بطوليا ونموذجا يحتذى. وقد وجد نفسه في هذا الاسبوع يقف أمام جندي يطلب معاملة مشابهة من المجتمع والجيش، أن يصفقوا له لأنه أنقذ اصدقاءه من تهديد عبوة ناسفة محتملة.

       لا أحد في تسلسل القيادة في الجيش يقتنع بهذه النظرة. التحقيقات التي جرت في الساعات الاولى وفي اليوم التالي بقيت كما هي. فمنذ لحظة تسلم قائد الكتيبة حزوت نتائج التحقيق، كان واضحا بالنسبة له أن هناك أبعاد جنائية للحادثة، لذلك طلب من الشرطة العسكرية التدخل.

       لم يحدث أي شيء استثنائي في الثواني التي سبقت اطلاق النار. الشهادات تشير الى أن الجندي قد أعطى خوذته لشخص وقف الى جانبه كي يكون الوضع مريحا أكثر وشحذ سلاحه وأطلق الرصاصة على المخرب الملقى على ظهره. واتضح فيما بعد أن المخرب قد أصيب بست رصاصات وسيتم تحديد سبب الموت في اعقاب التشريح. والتقدير هو أن المخرب لم يكن على قيد الحياة عندما أصيب بالرصاصة السابعة في رأسه.

       قائد وحدة الاستنفار التي وصلت الى حاجز زلبر في الخليل، توجه الى المخربين، ولم يقم باجراء فحص طبي لهما لأنه ليس مخولا بذلك. وعندما قام بقلبهما سقطت سكين كانت قرب بطن أحدهما. ولم يتحدث أحد عن حزام ناسف ولم يكن هناك خوف من هذا الامر.

       قائد الفرقة الذي وصل الى المكان مع الممرض الذي قام باطلاق الرصاصة على المخرب، كان قلقا من أمر مختلف تماما. قبل اسبوعين حدثت محاولة دهس مزدوجة على مدخل كريات أربع، لذلك كان الافتراض هو أنه في حادثة الخليل قد يتم تنفيذ عمل مزدوج، والاهتمام لم يكن بالجثث فقط بل باحتمال وجود عمل اضافي. وعندما يطلق الجندي النار لا أحد يهتم. الاسئلة الكبيرة سيتم طرحها فيما بعد في التحقيقات الداخلية. في الساعة 8:30 صباحا انتهت الحادثة وغادر الجميع.

       قائد وحدة « كفير »، غاي حزوت، سمع أن الحادثة ليست جيدة كما اعتقدنا، وهو يوجد في غوش عصيون مع رئيس الحكومة وزوجته، حيث وصلوا لتوزيع الوجبات على الجنود. بعد ذلك بفترة قصيرة، الساعة 9:20 يتسلم قائد المنطقة روني نوما تقريرا يقول له فيه قائد لواء أيوش، العقيد ليئور كرميلي، صحيح أن الحادثة في الخليل انتهت وبشكل ناجح، لكن الفحص أظهر أن هناك « خرق خطير ».

       عند الظهيرة واثناء النقاش الاسبوعي لدى وزير الدفاع، تسلم رئيس الاركان والوزير تقريرا من قائد المنطقة. رئيس الاركان أصدر أوامره للتحقيق المعمق في الحادثة. وتحدث في المنطقة الوسطى مشاورات حول علاج القضية التي ليس فقط رئيس الفرقة 900 على صلة بها، بل قائد كتيبة الخليل ياريف بن عزرا وقائد اللواء آفي غيل وقائد فرقة أيوش كرميلي. جميع قادة المنطقة كانوا في صورة التفاصيل منذ الساعات الاولى.

       لو كان هناك اعتقاد أن الحادثة هي حادثة ثانوية، لما كان حدث كل ذلك. لقد مرت الحادثة تحت الكثير من العيون المهنية ولم تكن هناك اختلافات حول خطورة الامر. ومن يتهم الجيش بغير ذلك فهو يتجاهل ما حدث. وقد سمع اعضاء الكابنت تفاصيل الحادثة من رئيس الاركان في يوم الاحد ظهرا، بعد جلسة الحكومة المتقدة. وهذا لم يمنع وزراء مثل بينيت من الاستمرار في نشر فكرة أن الجيش يقوم بترك الجندي ومحاكمته ميدانيا.

       وبشكل موازٍ، تم نشر فيلمين في الشبكات الاجتماعية قاما بتوثيق الامر. الاول مشوش، قامت بنشره وكالة « رويتر » بعد بضع ساعات. وبعد ذلك جاء الفيلم الاكثر وضوحا من « بتسيلم ». وبدأت الموجة الاعلامية تضرب الجيش بالتساؤلات – لقد كانوا في الجيش يعرفون القصة جيدا.