خبر الطفل دوابشة بعد عودته إلى قريته: أين أبي ... أين أمي ... وين راحوا؟

الساعة 01:32 م|28 مارس 2016

فلسطين اليوم

كان الطفل أحمد دوابشة غارقاً في نوم طفولي عميق لدى وصوله قريته للمرة الأولى منذ فقد جميع أفراد عائلته حرقاً على أيدي مجموعة من المستوطنين نهاية تموز (يوليو) العام الماضي.

أفاق أحمد هذه المرة في بيت جده، وأخذ يتفرس الوجوه، ثم عثر على صور والده ووالدته وشقيقه الرضيع معلقة على الجدران، فسأل: «وين أبوي (أين أبي)؟ وين أمي (أين أمي)؟ وين راحوا (أين ذهبوا)؟». فجاءه الجواب: «راحوا إلى الجنة... فحنى رأسه قليلا في شيء من الاستسلام للحقيقة القاسية التي لا يملك أن يفعل إزاءها أي شيء، وهو طفل صغير غارق في حروق وجروح جسده البالغة.

«البيت أعاد لأحمد ذاكرته، وأعاده إلى نفسه»، قال عمه نصر (42 عاماً) وهو معلم مدرسة.

وما زال أحمد، البالغ من العمر خمس سنوات ونصف السنة، يتلقى العلاج من الحروق البالغة التي أصيب بها في الحريق، في مستشفى إسرائيلي.

 وقالت عائلته إن الأطباء يقوون إنه في حاجة إلى علاج متواصل لأربعة أشهر أخرى يتبعها علاج تجميلي لآثار الحروق على جسده لمدة طويلة تصل إلى ثماني سنوات.

وتبدو آثار الحروق ظاهرة على جسد أحمد، لكن ما خفي منها كان اعظم، فإذنه اليمنى أكلتها النيران، ولم يتبق منها سوى جزء صغير، والجزء الخلفي من رأسه أيضاً أكلته النيران. وتقول العائلة إن منظر ظهره صادم، وإن علاجه يحتاج سنوات طويلة، وهناك آثار حريق بالغ في يده اليمنى وفي رجليه.

واستضاف نادي «ريال مدريد» أحمد الأسبوع الماضي لخمسة أيام التقى خلالها لاعبي النادي، خصوصاً لاعبه المفضل رونالدو. وحمل أحمد إلى القرية عدداً من القمصان والكرات التي تحمل تواقيع رونالدو وغيره من اللاعبين المشهورين.

لكن الاستقبال الذي حظي به في النادي الإسباني لم يدخل الفرح إلى نفسه مثلما فعلت عودته إلى القرية، ورؤية سيارة والده التي كان يحمله فيها مع شقيقه الرضيع ووالدتيهما. وقال عمه نصر: «منذ ثمانية أشهر (منذ الحادث) لم أر أحمد على هذا النحو. عندما دخل إلى سيارة والده، شعر كأنه عثر على عائلته المفقودة، أخذ يتحسس المقاعد ويتذكر أين كان يجلس، وأين كانت تجلس أمه وشقيقه، عادت له الروح».

فضلت العائلة أن تحمل أحمد في سيارة والده من القرية إلى مدينة رام الله حيث استقبله الرئيس محمود عباس. وقال نصر: «طوال الطريق كان أحمد مبتهجاً، شعر أنه يعود إلى عائلته، وأن عائلته تعود إليه، وقال لنا: بدي هاي السيارة تسبق كل السيارات، ما بدي حدا يسبقها، ركب لها جناحات وخليها تطير».

وكانت عائلة دوابشة تعرضت لحريق أضرمه المستوطنون في بيتهم في 31 من تموز (يوليو) العام الماضي، ما أدى إلى مقتل الأب سعد (33 عاماً) والأم رهام (29 عاماً) والرضيع علي (سنة ونصف السنة)، وإصابة أحمد بحروق بالغة بنسبة 60 في المئة.

كما تعرض منزل إبراهيم دوابشة، الشاهد الوحيد على حرق العائلة، مطلع الأسبوع إلى إضرام النار بالطريقة نفسها التي أضرمت فيها النار في منزل عائلة سعد.

وقال إبراهيم دوابشة إن الفاعلين صعدوا إلى ظهر مخزن أرضي، وألقوا مادة سريعة الاشتعال في غرفة نومه في الطبقة الثانية من بيت العائلة وفروا هاربين. وقال إنه أفاق على كسر نافذة الغرفة، وفر وزوجته فور اشتعال النار. وأضاف: «لو أرادوا حرق أحد غيري لأضرموا النار في الطبقة الأرضية، لكنهم جاؤوا بحثاً عني».

واعتبرت المحكمة الإسرائيلية إبراهيم الشاهد الوحيد في جريمة حرق عائلة سعد دوابشة، لأنه الوحيد الذي وصل إلى الموقع وشاهد اثنين من المستوطنين أمام المنزل عقب اندلاع النيران فيه.

واستجوبت أجهزة الأمن الإسرائيلية إبراهيم في شأن الحادث، لكنها لم تعلن توقيف أي إسرائيلي، علما أن توقيف قتلة عائلة سعد استغرق أكثر من أربعة أشهر بعد الحادث.

وعاد أحمد إلى غرفته في المستشفى بعد أن أمضى ساعات قليلة فقط في قريته. وفور وصوله، شعر بآلام الفقد من جديد، وأخذ يسأل عن والديه وشقيقه. وقال عمه: «قلنا له إنهم في الجنة»، وأضاف: «قبل أحمد فكرة ذهاب والديه وشقيقه إلى الجنة، فهو طفل صغير، وليست لديه فكرة واضحة عن الموت».

كلمات دلالية