خبر داعش: بين العرب والغرب.. اسرائيل اليوم

الساعة 06:23 ص|28 مارس 2016

بقلم

 

(المضمون: القضاء على داعش لن يحل المشكلة، لكنه سيكون خطوة مهمة معنوية وتنفيذية لاضعاف الاستعدادية والقدرة لدى الاسلام المتطرف لتنفيذ عمليات ارهابية - المصدر).

ما زال من المبكر القول إن الهجوم الارهابي في بروكسل في الاسبوع الماضي سيوقظ اوروبا من سباتها. ولكن يبدو أن الاجابة على ذلك سلبية. باستثناء تصريحات قوية حول الحاجة الى رص الصفوف ومحاربة الارهاب فان اوروبا ما زالت تمتنع عن اتخاذ خطوة حقيقية، لا تتصور جيدا فقط، بل تمنع العملية القادمة. طالما أن الاوروبيين لا يفهمون أن الصراع ضد الارهاب لا يقتصر على الاجهزة الامنية الناجعة بل على مساهمة يجب أن يشارك فيها الشخص في الشارع، تماما كما يحدث في اسرائيل – مثلا زيادة الترتيبات الامنية أو اليقظة وابلاغ المواطنين عن ما يحدث في شوارع المدن – فان العملية القادمة في اوروبا هي مسألة وقت.

لكن التحدي المهم بالطبع هو ليس محاربة النموس فقط، بل جهد لتجفيف بؤر الارهاب التي توجد اليوم في مملكة داعش في سوريا والعراق. القضاء على داعش لن يحل المشكلة من الاساس، لكنه سيشكل خطوة مهمة ومعنوية في تراجع الاستعداد والقدرة للاسلام الراديكالي لتنفيذ عمليات ارهابية في المنطقة وفي العالم. ولكن حول تجفيف البؤر لا يتحدث أحد في اوروبا. بعد عمليات باريس أرسل الفرنسيون الطائرات للمشاركة في قصف مناطق داعش – وهذه مسألة علاقات عامة تؤثر على الرأي العام في باريس، لكنها لا تؤثر ميدانيا.

في العالم العربي الذي رد بشكل ضعيف على العمليات وكأن الحديث عن مشكلة لا تتصل بالمنطقة وسكانها. بعض الدول العربية مثل مصر والاردن تعتبر داعش مشكلة اساسية تهدد البيت. مصر في نهاية المطاف تتعرض للهجوم من سيناء ومن ليبيا من قبل داعش. لكن هاتين الدولتين تركزان على الدفاع ضد وجود داعش على اراضيهما. اللاعبون الآخرون في الشرق الاوسط لهم نظرة مختلفة تماما. تركيا والسعودية قلقتان من تحدي داعش، لكنهما تعتبران هذا التنظيم مصدر قلق أمني وسياسي وليس خطر وجودي. بالنسبة للاتراك فان المسألة الكردية هي المشكلة حيث فيها خطر على سلامة وسيادة الدولة التركية. أما السعودية فهي تعتبر ايران الخطر الوجودي الذي يجب محاربته بكل القوة.

الجدال حول رؤية داعش كمصدر قلق أو تهديد يدور ايضا في اسرائيل. هناك من يعتقد أن داعش والاسلام المتطرف الذي يمثله هو خطر يجب على اسرائيل مواجهته. وهناك من يرى أن التنظيم ومواقفه وتواجده في اوساط السكان الفلسطينيين مصدر قلق. لذلك يتم الحديث عن مصدر التهديد الايراني وصواريخ حزب الله كتهديد حقيقي.

في الوقت الحالي تصل من الميدان تقارير حول الهزائم التي يتلقاها داعش في سوريا والعراق. في العراق نجحت القوات الحكومية وبمساعدة ايرانية وامريكية في صد محاربي المنظمة باتجاه الشمال حتى مشارف الموصل. أما في سوريا فقد نجحت مليشيات الاسد وبمساعدة جوية روسية ومقاتلين ايرانيين ومن حزب الله في الوصول الى مدينة تدمر التي احتلها داعش بالضبط قبل عامين.

تطرف داعش، الذي رفض أو لا يستطيع أن يتصرف ببراغماتية وكأن باستطاعته ايجاد حلفاء في المنطقة، أقام عليه العالم كله، الامر الذي صعب عليه التمركز في الاراضي الكبيرة التي سيطر عليها، حيث يميل السكان الى التسليم بوجوده كأمر مفروض.

ولكن كما تشير الاحداث الميدانية، فان الصراع ضد التنظيم طويل ومتواصل وفيه صعود وهبوط وانسحاب داعش المؤقت من المناطق البلدية التي سيطر عليها لا يعني القضاء عليه أو انتهاءه. في الماضي فقد مناطق من اجل العودة والسيطرة عليها بعد بضعة اشهر. الفرصة الوحيدة للقضاء عليه هي عن طريق اعادة اعمار البنى السياسية في العراق وسوريا. هذه البنى التي اصبحت قوية بمساعدة الامريكيين والايرانيين في العراق وبمساعدة روسيا وايران في سوريا. لكن ما زال الحديث عن جيوش نظامية ضعيفة غير قادرة على القيام بخطوة شاملة للقضاء على التنظيم. لذلك مطلوب جهد دولي وهو غير موجود في الأفق.