خبر اليوم التالي لنتنياهو- هآرتس

الساعة 11:16 ص|17 مارس 2016

فلسطين اليوم

بقلم: آري شفيت

          (المضمون: اليوم التالي لنتنياهو سيكون نتنياهو في اشكال اخرى إن لم نغير السياسة بحيث لا تكون مجرد ضد الشخص بل مع سياسة ما ايجابية في صالح الدولة - المصدر).

          هذا الاسبوع حصل الأمر: اكتملت عشر سنوات على تولي بنيامين نتنياهو رئاسة وزراء اسرائيل. باستثناء دافيد بن غوريون، يكون نتنياهو قضى اكثر من أي شخص آخر في الغرفة التي منها تدار السيادة الاسرائيلية.

          ولكن الانجاز الزمني المثير للانطباع ليس الانجاز الوحيد لنتنياهو. فعلى مدى نحو ربع قرن كان هذا الرجل الكفؤ، المطارد وموضع الخلاف يوجد في مركز التجربة الوطنية. في 19 سنة ونصف السنة من اصل الـ 23 سنة الاخيرة تولى ثلاثة مناصب (رئيس وزراء، رئيس معارضة، وزير مالية)، أتاحت له ايضا ترك أثر على الواقع الاسرائيلي والتأثير العميق على الوعي الاسرائيلي. وسواء اعجبنا به أم احتقرناه، سواء أحببناه أم مقتناه، فان نتنياهو هو جزء منا. يضخ في عروقنا، يؤثر على حياتنا ويغرق تفكيرنا. من الصعب ان نتصور عالما لا يقوم على اساس الصدام الدائم بين « بيبي فقط » وبين « إلا بيبي ».

          عندما صار نتنياهو لاول مرة رئيسا للوزراء كان هلموت كول (أتذكرون؟) مستشار ألمانيا، وجون ميجر (أتذكرون؟) رئيس وزراء بريطانيا. لا يوجد اليوم أي زعيم غربي (أو روسي أو صيني)، يقترب عصر هيمنته في طوله من عصر هيمنة نتنياهو.

          لهذه السيطرة المتواصلة لشخص واحد أثمان عالية. أحدها هو التأثير المدمر على المعارضة. منذ 1996 وحتى اليوم يركز الوسط – اليسار الاسرائيلي على هدف واحد فقط: طرد نتنياهو، تهريبه، تطييره عن العيون. ولكن بشكل مفعم بالمفارقة، فان الهوس المضاد لنتنياهو بالذات يخدم نتنياهو ويخلد حكمه. وذلك لانه يجعل الصراع ضده شخصيا، وليس قيميا. لانه يفرغ الكفاح ضده من المصداقية والاهتمام. لانه يمنع تطوير فكرة بديلة للفكرة التي يمثلها رئيس الوزراء القائم.

          بايجاز: الفشل العميق والطويل للمعركة ضد نتنياهو تنبع من أنها معركة ضد نتنياهو. فهي سلبية وليست ايجابية، شخصية وليست وطنية، تهكمية وليست صهيونية. كل ما تراه أمام عينيها هو اليوم المنشود، الذي يستبدل فيه الحاكم بآخر.

          ولكن كيف سيبدو اليوم التالي لنتنياهو؟ ماذا سيحصل هنا في السنة التالية لشلدون ادلسون، سارة وميني نفتالي؟ للائتلاف الواسع والنشط لضد بيبي ليس هناك أي فكرة. للوسط – اليسار ليس هناك رؤيا ايجابية وليس هناك خطة عمل جدية تملأ الفراغ. وهذا بالضبط السبب في أن نتنياهو يسيطر ويبقى يسيطر اكثر فأكثر. هذا هو السبب في أن من تولى منصب رئيس وزراء اسرائيل حين كان براك اوباما محاميا مجهولا في شيكاغو سيكون هو من يتولى منصب رئيس الوزراء أيضا حين يخرج اوباما من البيت الابيض.

          المشكلة مزدوجة. من جهة، جدول الاعمال السلبي الذي هو « الا بيبي » يبعد اليوم الذي يستبدل فيه. من جهة اخرى، فان جدول الاعمال ضيق الافق اياه يعظم الخطر في أنه حتى عندما يستبدل نتنياهو، ستسود هنا الفوضى. منذ اليوم يمكن أن نتصور سيناريو، وبموجبه بعد سنة من حدوث التحول السياسي أخيرا، يتبدد، يتبخر ويضيع. ففي غياب قيادة بديلة وفي غياب خطة ألف يوم ابداعية، حتى لو استبدل نتنياهو للحظة، فان نتنياهو سيعود. وان لم يكن نتنياهو، فنفتالي بينيت. وان لم يكن بينيت، فافيغدور ليبرمان. فشل مستقبلي معقول جدا لحكومة تغيير لم تستعد كما ينبغي سيتسبب في أن يجعل أيامها قصيرة ومريرة.

          وعليه، فما العمل؟ نكبر. ننضج. نتحمل مسؤولية. نكف عن ادارة سياسة سطحية تكون مجرد « ضد » ونبدأ في تطوير سياسة عميقة تكون « مع ». نكف عن ان نعيش ضد بيبي ونبدأ في العمل من أجل اسرائيل. نحدد منذ الان ونؤسس منذ الان ربع القرن الطيب، الذي يستبدل ربع القرن السيء الذي حملنا الى حافة الهاوية.