خبر سياسيّون: « اسرائيل » تعيش أسوء مراحلها التاريخية

الساعة 12:34 م|16 مارس 2016

فلسطين اليوم

أكد مختصون سياسيون وأكاديميون، أن الصراعات الأخرى التي تدور في المنطقة بسبب  تراجع الهوية القومية في أجزاء واسعة من الشرق الأوسط، والتي همّشت المسألة الفلسطينية بعدما كانت طوال سنوات كثيرة محط إجماع مركزي موحِّد في الساحة العربية والإسلامية، لصالح الصراعات الطائفية والمذهبية والاجتماعية.

ودعا المختصون لتوحيد الجهود، بغية إعادة الزخم للقضية الفلسطينية، في ظل الجمود الذي تشهده جراء رفض « إسرائيل » الالتزام بتنفيذ الاتفاقات والمعاهدات والقرارات الدولية.

وجاء ذلك خلال  ورشة عمل موسعة نظمها مركز رؤية للدراسات والأبحاث، لمناقشة التقرير الاستراتيجي للأمن القومي « الإسرائيلي » الصادر عن مهد أبحاث الامن القومي « الإسرائيلي » التابع  لجامعة تل ابيب، بعنوان( قراءة في الفرص والتحديات التي تواجه الامن القومي « الاسرائيلي » خلال الفترة المقبلة« .

وقد حاول التقرير الاستراتيجي الصادر عن معهد بحوث الأمن القومي »الإسرائيلي« التابع لجامعة »تل أبيب« ، رصد أبرز التحولات في البيئة المحيطة بالدولة العبرية ولا سيما الساحة السورية، ورصد ملامح الفكر الوقائي »الإسرائيلي« وتحدد نهج عملها سياسياً وعسكرياً ودبلوماسياً واقتصادياً خلال السنوات الخمس المقبلة، ووضع توصيات بشأن الاستراتيجية التي ينبغي العمل عليها خلال السنوات الخمس المقبلة.

ورحب أ. مصطفي زقوت رئيس مركز رؤية للدراسات والأبحاث بالحضور والباحثين، مؤكداً على أهميه التقرير الذي يتناول البيئة الدولية والاقليمية والفرص والتحديات المقبلة أمام »اسرائيل« وكيفية استغلال دولة الاحتلال للوضع الاقليمي بهدف تحسين الامن القومي »الاسرائيلي« ، بهدف أن تبقى »اسرائيل« دولة مسيطرة في المنطقة.

وخلال الجلسة الأولى تم تقديم ورقتين بحثيتين، تناولت الورقة الأولى التي قدمها الدكتور إبراهيم المصري أستاذ العلوم السياسية والباحث بمركز التخطيط الفلسطيني، العلاقة الاسرائيلية الفلسطينية والرؤية »الاسرائيلية« للوضع في الأراضي الفلسطينية، ومستقبل عملية التسوية، حيث أكد أن التقرير أعتبر أن الموضوع الفلسطيني هو التحدي الاستراتيجي الرئيسي الماثل أمام »إسرائيل« ، رغم أن النزاع »الإسرائيلي« الفلسطيني منعزل نسبيا عن الصراعات الأخرى التي تدور في المنطقة، بسبب  تراجع الهوية القومية في أجزاء واسعة من الشرق الأوسط، والتي همّشت المسألة الفلسطينية بعدما كانت طوال سنوات كثيرة محط إجماع مركزي موحِّد في الساحة العربية والإسلامية، لصالح صراعات أخرى.

وأكد أن التقرير يرى أن من شأن خطة سياسية متعددة المسارات في الساحة الفلسطينية أن تشكل أساسا لتحسين وضع »إسرائيل« من عدة وجوه.

وأشار التقرير أنه ينبغي لهذه الخطة أن ترتكز على عملية تشمل خطوات متوافق عليها: »تهيئة الظروف الميدانية الملائمة لتسوية سياسية، يواكبها تسريع وتطوير البنى التحتية للدولة الفلسطينية المستقبلية (ومن ضمنها في قطاع غزة)، ومن شأن عملية حوار إيجابي بين « إسرائيل » والفلسطينيين أن تحصن العلاقات الاستراتيجية مع مصر والأردن)، وأن تشكل عتبة قفز ضرورية في الساحة الإقليمية.

وتناولت الورقة الثانية المحور الإقليمي للأمن القومي الاسرائيلي التي قدمها الباحث السياسي الأستاذ منصور أبو كريم، الباحث في دائرة أبحاث الأمن القومي بمركز التخطيط الفلسطيني، حيث أكد أن التقرير يرى أن أحد سمات السنوات الخمس الماضية التوترات والصراعات التي تدور في وقت واحد، التي كان أولها: الصراع الاجتماعيّ الاقتصاديّ الذي أشعل (الربيع العربي) وأعتبر أن الصراع  الثاني هو الصراع الطائفيّ، ورأى أن التقرير ينظر للبرنامج النووي الإيراني بعين القلق؛ حيث يعتبر التقرير أن « إسرائيل » تقف وحيدة في مواجهة الاتفاق النووي مع إيران والذي حمل آثارا سلبية عليها، أبرزها منح شرعية لبرنامج إيران النووي وتطويره في المدى الطويل لاختصار الزمن اللازم لإنتاج قنبلة نووية، بينما يؤدي رفع العقوبات عن إيران إلى زيادة مواردها المالية.

وأكد أن التقرير ينظر إلى التطورات في سوريّة وانعكاساتها على لبنان هي الأكثر عصفًا في محيط « إسرائيل »، لذلك فإنّها تثير الانتباه، لافتةً إلى أنّه من الصعب التنبوء “بالشوط النهائي” المستقبلي على هذه الساحة السورية.

ووضح  أبو كريم أن  التقرير  الاستراتيجي « الاسرائيلي » أكد على مجموعة من الإجراءات الوقائية الإسرائيلية للسنوات الخمس المقبلة، من بينها ضرورة الاستعداد لمواجهة التهديد النووي الإيراني في المدى الطويل، عبر اتخاذ التدابير اللازمة للتأكد من استفادتها القصوى من المدى الزمني الذي يتجه الاتفاق وبناء قدرات جديدة للتعامل مع جميع أبعاد النشاط الإيراني.

كما يدعو إلى ضرورة التنسيق مع الولايات المتحدة بشأن إيران، والاستعداد لتفكك النظام السياسي القائم في الشرق الأوسط، إلى عدة دول وأحكام ذاتية وجيوب أوْ كيانات أخرى عرقية أوْ دينية متفرقة، لذلك من الصواب أنْ تفتح « إسرائيل » علاقات سرية وعلنية أيضًا مع مجموعات عرقية ومع أقليات ولاعبين آخرين غير معادين لـ« إسرائيل »، مع ضرورة طرح مبادرة سياسية تكون جسر عبور لـ« إسرائيل » نحو المحيط الإقليمي.

وخلال الجلسة الثانية التي تناولت ورقتين بحثيتين، تناولت الورقة الأولى البعد الدولي للأمن القومي الإسرائيلي وقدمها الباحث السياسي أ. حسن سلامة، حيث أكد أن التقرير تناول طبيعة علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بـ« إسرائيل » من خلال عدة نقاط كان من أبرزها: الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، خاصة مساعي الرئيس الأمريكي أوباما عن مساعيه لاستئناف عملية التسوية بين « إسرائيل » والفلسطينيين، وتفضيل السلطة الفلسطينية العمل على الساحة الدولية وعدم اهتمامها بمسار المفاوضات مع « إسرائيل »، وخشية الاخيرة من تحويل الموضوع الفلسطيني إلى الساحة الدولية خاصة بعد إطلاق فرنسا للمبادرة الفرنسية وهي عضو كامل العضوية في مجلس الأمن.

وأكد أن التقرير يطالب بمراقبة التطورات الجارية في الاتحاد الأوروبي والأزمات التي تعصف به والتي يمكن أن تعكس تأثيراتها على سياسات الاتحاد الأوروبي مثل الأزمة اليونانية وتصويت على خروج أو بقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي في عام 2017، والخشية من اتخاذ دول أوروبية نفس الطريق، والاهتمام بالتوتر القائم بين الاتحاد الأوروبي و« إسرائيل » بسبب الانتقاد المتزايد لسياسة « إسرائيل » تجاه القضية الفلسطينية والإجراءات الاقتصادية التي اتخذها الاتحاد الأوروبي ضد « إسرائيل » بسبب نشاطها الاستيطاني.

وتناول التقرير العلاقة مع الصين بشقيها الاقتصادي والسياسي من خلال التأكيد أن العلاقات بين « إسرائيل » والصين مرتبطة بالعلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية و« إسرائيل » وضرورة أن تكون الاعتبارات الاستراتيجية في مقدمة تحليل العلاقات بين « إسرائيل » والصين.

وتناولت الورقة الثانية البعد المحلي الإسرائيلي، التي قدمها الاستاذ أبراهيم أبو عمشه الباحث السياسي والعسكري، حيث تناول في ورقته المحور الوضع الداخلي في « إسرائيل » الذي تميز بفشل التعايش بين اليهود والفلسطينيين في داخل الخط الأخضر، حيث تميزت الساحة الداخلية الاسرائيلية بالذعر والارتباك والعزلة والعداء للعرب بنحو حاد يقترب من التحريض الواضح.

وأكد أن التقرير طالب بالعمل على تمكين الجبهة الداخلية في مواجهة التحديات وتعزيز التكيف الاجتماعي من خلال اجراء حوار سياسي وثقافي بين مكونات المتجمع « الإسرائيلي » بهدف تعزيز مفهوم التعايش والابتعاد عن كل ما يوتر الساحة الداخلية الإسرائيلية.

وفي نهاية الورشة قدم مركز رؤية مجموعة من التوصيات التي جاءت بهدف التصدي لخطر السياسات المتوقعة من تنفيذ هذا التقرير، خاصة في ظل بروز مؤشرات تؤكد أن الحكومة « الإسرائيلية » بدأت منذ اليوم الأول للصدور التقرير العمل على تغير سياساتها فيما ينسجم مع تلك التوصيات، وخاصة في الشأن الفلسطيني بضرورة عدم انهيار السلطة الفلسطينية وتقديم حزمة تسهيلات اقتصادية لتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في الأراضي الفلسطينية، ومن من أهم تلك التوصيات ما يلي:

1/ ادارك أن المساعي الإسرائيلية في الوصول لتسوية سياسية مع الفلسطينيين الآن، أصبحت  مصلحة استراتيجية « اسرائيلية »، من أجل أن تكون هذه التسوية السياسية جسر عبور لـ« إسرائيل » نحو الدول العربية المجاورة بهدف فتح مجال للتعاون في كافة المجالات، لذلك يتوجب على القيادة الفلسطينية ادارك هذه الحقيقية بشكل جيد في محاولة لاستغلال التوجهات « الاسرائيلية » الجديد بما يضمن الحصول على الحقوق الوطنية الفلسطينية.

2/ العمل على تقوية الجبهة الداخلية في المجتمعات العربية من خلال تعزيز قيم ومفهوم المواطنة ومنع استغلال قضية الاقليات بهدف التصدي لكل محاولات استخدام القوى الاقليمية مشكلة الاقليات في ضرب الامن القومي العربي.