خبر التعاون الخفي -يديعوت

الساعة 11:30 ص|15 مارس 2016

فلسطين اليوم

كيف تساعد اسرائيل حماس

بقلم: اليكس فيشمان

(المضمون: عندما يكون القتلى اطفال، فان هذا يحطم الاواني ويضع حماس في مشكلة. فالجمهور يطلب الحماية، مما هو كفيل بالزام حماس بالرد حقا. يحتمل أن تحتوي حماس الحدث الاخير، ويتواصل التظاهر. ولكن نموذج القصف الجوي مع ضرر يمكن احتماله، وبدون اصابات بين المدنيين من شأنه أن يستنفد نفسه - المصدر).

موت الطفلين من بيت لاهيا، اللذين اصيبا في قصف لسلاح الجو يوم الجمعة ليلا، ليس مأساة انسانية يتعين الاسف لها والاعتذار عنها فقط. فمقتل الاطفال في اطار ما يسمى في اللغة العسكرية « ضرر محيطي »، يضع قيد الشك سياسة الرد الاسرائيلية على نار الصواريخ من القطاع منذ « الجرف الصامد ».

في ختام الحمل تعهدت القيادة السياسية الا تبدي أي تسامح مع خرق وقف النار. وبالفعل، لم ينقضي شهر واذا بسلاح الجو يهاجم اهدافا في القطاع ردا على نار الصواريخ نحو سديروت وعسقلان. ورويدا رويدا، من غارة الى غارة ومن رد الى رد، بدأ يتبلور نمط عمل مميز، متوقع، بعيد عن كل ما هو معروف في مبادىء القتال كالمفاجأة، الخدعة، حشد الحشود او التفكير الاصيل.

يبدأ هذا باطلاق النار من القطاع نحو البلدات او قوات الجيش قرب الجدار – الامر الذي لم تكن حماس في أي مرة، بما في ذلك يوم الجمعة الماضي – مسؤولة مباشرة عنه. وهذا لا يمنع أحد ما في القيادة الامنية من الاعلان بان حماس مسؤولة عن كل ما يجري في القطاع، ولهذا فانها ستعاقب. تمر بضع ساعات واذا بسلاح الجو يغير على اهداف تعرفها بيانات الناطق العسكري كاهداف بنية تحتية ومنشآت لحماس. باختصار « أهداف عقارية ». معظم الغارات تنتهي بلا اصابات لحماس، حماس تهدد بالرد، وجولة اخرى تنتهي. منذ « الجرف الصامد »، كانت أكثر من 30 حالة كهذه.

هذا سلوك عسكري محرج، عقيم، ليس فيه غاية او انجاز عسكري، ولا يبدو ان في وسعه أن يؤثر على خطوات الطرف الاخر. الحقيقة هي أن الجيش الاسرائيلي يهاجم أهدافا فارغة. فمن يؤمن بالمؤامرات يمكنه حتى أن يشك بان اسرائيل تبلغ حماس بالهجمات مسبقا. ولكن لا حاجة للمؤامرات: حماس تعرف اللعبة وتعرف بان الجيش الاسرائيلي يعطيها بضع ساعات بعد اطلاق النار حتى الغارة الجوية، كي تتمكن من النزول الى المخابيء.

في الجيش أيضا يفهمون بان هذا القصف هو نوع من لعبة الرسائل، وفي قيادة الجيش الاسرائيلي هناك اصوات تتذمر من طريقة العمل هذه. غير ان للقيادة السياسية اعتباراتها. أولا، فقد صرحت بانها لن تكون متسامحة مع نار الصواريخ من القطاع، حتى لو لم تلحق ضررا، ووعدت بان حماس ستعاقب، حتى لو لم تنفذ هي اطلاق النار. وبشكل عام، ينبغي ان يرى المواطن الاسرائيلي بان الحكومة تفعل شيئا. ولكن الى جانب الرسائل العلنية تختبىء هنا ايضا رسالة خفية. فمنذ « الجرف الصامد » تكاد حماس لا تشارك في اعمال عسكرية حيال اسرائيل. فهي تستعد للحرب، تفعل الارهاب وتحرض في الضفة، تساعد داعش في سيناء واحيانا تتجاهل منظمات عاقة تطلق النار نحو اسرائيل، ولكنها نفسها تبذل جهدا كي لا تسخن الحدود.

لاسرائيل مصلحة بان تواظب حماس في سياسة « التجلد » هذه. فطالما لا تعتبر في نظر الجمهور الفلسطيني متعاونة مع اسرائيل او كمن تخلت مؤقتا عن مبدأ المقاومة، يمكنها أن تواصل سياسة لجم العمليات واطلاق النار ضد اسرائيل. وعليه، فان السبيل الاكثر نجاعة للحفاظ على الصورة الكفاحية لحماس في نظر الجمهور الفلسطيني هو الهجوم عليها. ما يسمح للناطقين بلسان حماس ان يعرضوا المنظمة كمن تقف في الخط الاول في الجبهة في مواجهة الهجمات الاسرائيلية الوحشية، خلافا للتعاون من رام الله.

هذه مفارقة: مقلوب على مقلوب. نحن في واقع الامر « نساعد » حماس من خلال مهاجمتها. لاسرائيل توجد اليوم مصلحة في بقاء حكم حماس من اجل الحفاظ على استقرار ما في القطاع. فحماس تشكل حاجزا في وجه الفوض الداخلية وسقوط حماس في ايدي داعش وامثاله. وتنجح هذه المناورة عندما لا تكون اصابات، وبالتأكيد ليس بين المدنيين. عندما يكون القتلى اطفال، فان هذا يحطم الاواني ويضع حماس في مشكلة. فالجمهور يطلب الحماية، مما هو كفيل بالزام حماس بالرد حقا. يحتمل أن تحتوي حماس الحدث الاخير، ويتواصل التظاهر. ولكن نموذج القصف الجوي مع ضرر يمكن احتماله، وبدون اصابات بين المدنيين من شأنه أن يستنفد نفسه.