خبر مفاوضات سرية لاعادة مدن في الضفة للسلطة- هآرتس

الساعة 11:29 ص|15 مارس 2016

فلسطين اليوم

بقلم: براك ربيد

          (المضمون: في المفاوضات السرية التي جرت بين اسرائيل والفلسطينيين اقترحت اسرائيل وقف اعمال الجيش الاسرائيلي في مناطق أ مقابل اعتراف السلطة الفلسطينية بحقها في العمل في هذه المناطق في حالات الطواريء - المصدر).

          اسرائيل والسلطة الفلسطينية تجريان في الشهر الاخير مفاوضات سرية من اجل الاعادة التدريجية للسيطرة الامنية في مدن في الضفة الغربية الى الاجهزة الامنية الفلسطينية. وحسب موظفين اسرائيليين رفيعي المستوى ومطلعين على الاتصالات فقد اقترحت اسرائيل أن يتوقف الجيش الاسرائيلي عن الاعمال في مناطق أ باستثناء حالات وجود « قنبلة موقوتة ». واقترحت اسرائيل في المحادثات أن تكون رام الله وأريحا اولى المدن التي يخرج منها الجيش الاسرائيلي. واذا نجحت هذه الخطوة فتوسع الى مدن اخرى في الضفة. حسب شخصيات رفيعة المستوى في اسرائيل، المفاوضات علقت بسبب الشروط وضعتها القيادتان السياسيتان في الطرفين. لكنهم أضافوا أن الفرصة لم تفوت بعد.

          مناطق أ التي تشمل المدن الفلسطينية الكبرى والقرى المحيطة بها تشكل خُمس اراضي الضفة الغربية. وحسب اتفاقات اوسلو فان المسؤولية المدنية والامنية على هذه المناطق في يد السلطة الفلسطينية. ولكن منذ عملية « السور الواقي » في 2002 توقفت اسرائيل عن احترام الجزء الخاص بمناطق أ في الاتفاق حيث يعمل الجيش الاسرائيلي في هذه المناطق بشكل يومي وبدون قيود.

          الخطوة الحساسة التي تحدث عنها موقع « هآرتس » للمرة الاولى هي مبادرة من منسق العمليات في المناطق، الجنرال يوآف مردخاي، وقائد المنطقة الوسطى، روني نوما. وقد وضع كل من رئيس الاركان غادي آيزنكوت ووزير الدفاع موشيه يعلون ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في صورة الاتصالات. وقد صادقوا على اجرائها.

          موظفون رفيعو المستوى في القدس أشاروا الى أن هذه الخطوة تهدف الى منع الحاق الضرر بالتنسيق الامني بين الجيش الاسرائيلي وبين الاجهزة الامنية للسلطة الفلسطينية وايجاد استقرار في الميدان وتقليص الاحتكاك بين الجيش الاسرائيلي والسكان الفلسطينيين.

          النشر في « هآرتس » أثار ردود شديدة من اليمين. وزير الاستيعاب وعضو المجلس الوزاري المصغر السياسي الامني، زئيف الكين، قال إن الاتصالات تمت من وراء ظهر اعضاء الكابنت وطلب من يعلون « وقف أي تقدم في هذا الاتجاه الخطر ». وحسب اقواله « السلطة هي مصدر المشكلة. وبيقين ليست هي الحل ». ايضا في محيط وزير التعليم ورئيس البيت اليهودي، نفتالي بينيت، قالوا إنه سيكافح هذا الامر بكل قوته، واعتبروا ذلك « اعادة انجازات عملية السور الواقي الى الوراء وتصدير أمن المواطنين الاسرائيليين للسلطة الفلسطينية ». واضاف وزراء في الكابنت: « نتنياهو ينجر وراء يعلون على اعتبار أن الفلسطينيين هم الحل لمشكلة الارهاب بدلا من اعتبارهم المشكلة. وليس غريبا أنه مع موقف كهذا لا يمكنهم وقف الارهاب ».

          وقد شارك في المحادثات من الطرف الفلسطيني وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ. ورئيس المخابرات العامة ماجد فرج. ورئيس الامن الوقائي زياد هب الريح. شخص آخر كان مطلعا على الاتصالات هو المنسق الامني الامريكي الجنرال فريد رودشهايم لكنه لم يكن وسيطا بين الطرفين اللذين أجريا المحادثات المباشرة. ومع ذلك قام الطرفان في وضعه في صورة الوضع حيث كان يقدم الافكار والاقتراحات الخاصة به.

          بدأت الاتصالات قبل أكثر من شهر. ففي 9 شباط كان هناك تنسيق أمني حضره من الطرف الاسرائيلي مردخاي ونوما ومن الطرف الفلسطيني الشيخ وفرج هب الريح. وأشارت شخصيات فلسطينية رفيعة المستوى الى أن الفلسطينيين أكدوا لنظرائهم الاسرائيليين أنه اذا رفضت اسرائيل اعادة المناطق أ و ب الى الوضع الذي كان سائدا قبل الانتفاضة الثانية ووقف اعمال الجيش الاسرائيلي في المناطق أ فان السلطة ستقوم بتجميد التنسيق الامني بين الطرفين. مناطق ب التي تشكل خمس اراضي الضفة والمسؤولية المدنية فيها بيد الفلسطينيين، أما اسرائيل فهي المسؤولة أمنيا عنها. وتقوم اسرائيل اليوم بتقييد النشاط المدني للسلطة الفلسطينية فيها.

          تجميد التنسيق بين الجيش الاسرائيلي والاجهزة الامنية الفلسطينية قد يؤثر بدرجة كبيرة على الوضع الامني في الضفة. في 20 كانون الثاني قال رئيس المخابرات العامة الفلسطينية، ماجد فرج، في مقابلة نادرة مع موقع « ديفينس نيوز » إن اجهزة الامن في السلطة أحبطت في الاشهر الاخيرة 200 عملية ضد الاسرائيليين في الضفة الغربية.

          في أعقاب الرسائل من الجانب الفلسطيني حدثت عدة نقاشات في الاجهزة الامنية الاسرائيلية. وتركزت النقاشات في كيفية الحفاظ على التنسيق الامني. وكانت النتيجة اقتراح اسرائيلي تم تقديمه للفلسطينيين في عدة لقاءات جرت في الاسابيع الاخيرة. وقد تم أحد هذه اللقاءات في 25 شباط. يعلون ونتنياهو اللذان وضعا في صورة الرسالة الفلسطينية حول التنسيق الامني، وافقا على الاقتراح مبدئيا قبل عرضه على الفلسطينيين.

          وحسب اقوال موظفين رفيعي المستوى في القدس، الاقتراح الاسرائيلي شمل القضايا التالية:

·       الوقف الكامل تقريبا لدخول الجيش الاسرائيلي الى مناطق أ باستثناء حالات الطواريء. وقد أوضحت اسرائيل أنها ستحتفظ بحق العمل في مناطق أ في حال وجود « قنبلة موقوتة »، لكنها سترفع بشكل ملحوظ مستوى المصادقة على عملية كهذه. واذا كان الآن مطلوب مصادقة قائد الكتيبة على دخول القوات الاسرائيلية الى مناطق أ، فانه حسب الاقتراح الاسرائيلي سيكون مطلوبا مصادقة قائد المنطقة أو مستوى أعلى منه.

·       اقترحت اسرائيل بأن يكون تقليص عمليات الجيش الاسرائيلي في رام الله وأريحا بمثابة تجربة أولى. واذا كانت النتيجة ايجابية واستقر الوضع الامني فسيتم تقليص نشاط الجيش الاسرائيلي في مدن اخرى في الضفة الغربية، بالتنسيق مع الفلسطينيين.

·       طلبت اسرائيل أن تعمل الاجهزة الامنية الفلسطينية بشكل حاسم في حال توفرت معلومات عن جهات ارهابية تعمل أو توجد في المناطق أ.

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع موشيه يعلون تبنيا هذا الاقتراح، لكنهما أضافا مطالب اخرى من الفلسطينيين مثل العمل ضد التحريض. والطلب الاساسي لنتنياهو كان تفاهمات سياسية مع السلطة تشمل اعتراف السلطة بحق اسرائيل في العمل في مناطق أ.

وبعد قيام مردخاي ونوما بنقل الاقتراح لنظرائهما الفلسطينيين، قام الفلسطينيون باطلاع الرئيس عباس عليه. شخصيات اسرائيلية رفيعة المستوى أشارت الى أن الاقتراح أثار الخلافات في الجانب الفلسطيني. فرؤساء الاجهزة الامنية أيدوا الخطوة على اعتبار أنها ستساهم في تهدئة الاوضاع. وهذه فرصة لعرض هذا الانجاز على الجمهور الفلسطيني. أما الرئيس عباس واعضاء آخرين في القيادة السياسية تحفظوا من هذا الاقتراح لأنهم لم يوافقوا على الاعتراف رسميا بحق اسرائيل في العمل في مناطق أ، وخلافا لما جاء في اتفاقات اوسلو.

وأشارت شخصيات اسرائيلية رفيع المستوى الى أن المفاوضات تجد صعوبات بسبب الاعتبارات السياسية في الطرفين. نتنياهو لم يوافق على دعم الخطوة بدون الحصول على مقابل من الفلسطينيين حتى يستطيع اجازتها في الكابنت. ومن جهة اخرى فان المقابل الذي طلبه نتنياهو أدخل عباس الى وضع صعب حيث طلب منه الموافقة رسميا على عمل قوات الجيش الاسرائيلي في المناطق الفلسطينية، الامر الذي يعني التنازل عن السيادة. وأضافت هذه الشخصيات أنه رغم الصعوبات في المفاوضات فان المبادرة ما زالت على الطاولة، « لكن هذا لن ينفذ اذا لم نحصل على المقابل من الفلسطينيين ».