خبر الشرطة تبنت الرصاص المطاطي الاسود الخطير فارتفع عدد المصابين -هآرتس

الساعة 11:16 ص|13 مارس 2016

فلسطين اليوم

بقلم: نير حسون

  (المضمون: قررت الشرطة في اسرائيل في 2014 استخدام الرصاص المطاطي الاسود الخطير، الامر الذي تسبب بارتفاع عدد الاصابات خصوصا لدى الاطفال الفلسطينيين  - المصدر).

 

          لقد ازداد في العامين الاخيرين بشكل كبير استخدام الشرطة للرصاص المطاطي الاسود. الامر الذي تسبب بموت شخص أصيب بهذه الرصاصة في رأسه اضافة الى عشرات المصابين: أكثر من عشرة اشخاص من سكان شرقي القدس منهم اولاد فقدوا عيونهم. وعانى البعض من كسور في الوجه والايدي والأرجل. أحدهم مصاب بضرر كبير في الدماغ واثنان آخران أصيبا بالطحال والكبد. رغم أن بعض الحالات تثير الشك بالاخلال في اجراءات الشرطة، إلا أنه لم تقدم حتى اليوم ولا لائحة اتهام واحدة.

 

          من المعطيات التي قدمتها الشرطة لجمعية حقوق المواطن ردا على طلب حرية المعلومات، يتبين أنه في 2014 تم اطلاق أكثر من 35 ألف رصاصة مطاطية سوداء معظمها في شرقي القدس. وفي العام الماضي تم اطلاق 22 ألف رصاصة مقابل 7162 رصاصة في 2013 وأقل من هذا العدد في السنوات السابقة حيث تم اطلاق في 2011، 3608 رصاصة وفي 2012، 5859 رصاصة.

 

          وتشير المعطيات ايضا الى انتقال حاد من استخدام الرصاص المطاطي الازرق الاكثر ليونة الى الرصاص الاسود الثقيل والاكثر خطورة الذي بدأ استخدامه في 2014. الرصاصة السوداء أطول قليلا من الزرقاء ووزنها أكبر – يصل الى 62 غم (بدون القطعة التي تبقى) وهذا ضعف وزن الرصاصة الزرقاء (30 غم). إن الضغط على طرف الرصاصة السوداء يظهر أنها أكثر كثافة.

 

          في العام الذي بدأ فيه استخدام الرصاص الاسود فان نصف عدد الرصاص الذي أطلقته الشرطة كان أسودا. وفي العام الماضي شكل الرصاص الاسود 94 في المئة من عدد الرصاص المطاطي الذي أطلقته الشرطة. ونتيجة لذلك أصيب عشرات الاشخاص، منهم قاصرون وكثير من الاولاد.  بعض المصابين أصيبوا نتيجة اخلال الشرطة بأوامر اطلاق النار. ورغم ذلك لم تقدم أي لوائح اتهام من قبل قسم التحقيق مع الشرطة ضد أي شرطي بسبب مصابين بالرصاص الاسود. ولم يتم فتح أي ملفات تحقيق ادارية ضد أي شرطي.

 

          صالح سليمان من العيسوية كان عمره 11 سنة في تشرين الثاني السنة الماضية. وفي صباح ما ذهب الى المدرسة لكنه اكتشف أنها مغلقة بسبب قلة الاولاد. وفي ذلك اليوم ثارت في القرية المظاهرات العنيفة وكانت مواجهات بين شباب القرية والشرطة. وبعد عودة سليمان الى بيته بعثته والدته لشراء الخضروات من الحانوت. وفي طريق عودته، حسب شهادته، اقترب من مظاهرة عنيفة وأراد قطع الشارع. وحسب قوله رآه أحد رجال الشرطة فأرسل اشارات بيديه أنه يريد العبور. لكن الشرطي أطلق عليه رصاصة مطاطية سوداء بسبب غير معروف، لكنه اخطأ. وحينما عبر سليمان الشارع أطلق عليه مرة اخرى. وفي هذه المرة اخترقت الرصاصة عينه اليمنى. وقد فقد نظره في عينه. وبعدها فقد نظره في عينه اليسرى ايضا وأصبح مكفوفا. بعد ذلك أصيب سليمان باصابات بالغة في أنحاء جسمه وأجريت له ثماني عمليات منذ ذلك الحين.

 

          قبل نحو شهرين وصل للمحامي آريه افيتان الذي يمثل العائلة بلاغ حول اغلاق الملف من قبل قسم التحقيق في الشرطة. « إنهم لا يعرفون من الذي أطلق الرصاصة لذلك تم اغلاق الملف. لأنه كانت هناك مظاهرات في القرية في ذلك اليوم ». قال افيتان. سليمان هو واحد من بين عشرات المصابين، منهم أولاد كثيرين، أصيبوا بالرصاص المطاطي الاسود. هذا الرصاص لا يقتل وهو مصنوع من البلاستيك وعلى رأس الرصاصة اسفنج مضغوط.

 

       قدم شكوى ضد الشرطة

 

          الرصاص المطاطي الاسود يتم استخدامه لتفريق المظاهرات من قبل الشرطة (الجيش الاسرائيلي يستخدم وسائل اخرى) ومعظم استخدام هذا الرصاص يتم في شرقي القدس. في 2014، بعد أن اشتكى رجال الشرطة من عدم نجاعة الرصاص المطاطي الازرق، تم استبدال الذخيرة وأعطي للشرطة الرصاص الاسود (طراز 4557). في هذه الفترة بدأت تتراكم ايضا الشكاوى حول اصابات بالغة نتيجة استخدام هذا الرصاص. وحسب قائمة قدمتها جمعية حقوق المواطن فان عدد المصابين هو 30 شخصا. وباستثناء حالتين، جميع الحالات أحدثت اصابة بالغة ولم يتم استدعاء المصابين للتحقيق أو فتح ملفات ضدهم.

 

          إن اصابة الرصاصة لشخص بالغ ومعافى تؤدي الى اصابة سطحية لكنها مؤلمة. واحيانا تؤدي الى كسر في العظام. اصابة الاولاد والمسنين، في المقابل، قد تكون أصعب كثيرا أو تؤدي الى الموت. هذا ما حدث في نهاية آب 2014 حينما أصيب محمود سنقرط في رأسه برصاصة مطاطية في وادي الجوز في شرقي القدس. فقد عانى من ضرر صعب في الدماغ وتوفي بعد بضعة ايام. ومن بين سكان شرقي القدس الذين أصيبوا حتى الآن بالرصاص المطاطي الاسود يمكننا أن نذكر عبد الرحمن أبو غالي (5 سنوات) من العيسوية الذي أصيب وهو على الرصيف. محمد عبيد (6 سنوات)، يحيى العمودي (10 سنوات)، زكريا الجولاني (13 سنة)، محمد برقان (18 سنة) الذين فقدوا عين من عيونهم. علا حمدان (14 سنة) أصيبت في وجهها وتضرر نظرها. غالب درويش (67 سنة) أصيب في وجهه وبطنه وتيسير صندوقة، شاب من شعفاط، فقد هو ايضا عينه بسبب رصاصة مطاطية سوداء في تموز 2014. ولسوء حظه فقد كان فاقدا لعينه الثانية وبسبب اصابته أصبح مكفوفا.

 

          قبل شهرين أصيب احمد أبو الحمص (12 سنة) من العيسوية برصاصة أطلقت على رأسه. وقد عانى من كسر في الجمجمة واصابة شديدة في الدماغ. وفي الاسبوعين الاخيرين بدأ يتعافى ويتواصل مع عائلته. « إنه يتحدث، الحمد لله، لكن ليس مثلما كان في السابق. فهو لا يعرف أحدا. إنه يمشي ولكن ليس بشكل جيد، على الاقل هناك بعض التحسن »، قال والده توفيق.

 

          الاشتباه بالاخلال بالأوامر

 

          تزعم الشرطة أن استخدام الرصاص المطاطي الاسود يهدف الى منع الخطر على حياة الشرطة. « الحديث عن مظاهرات واخلال بالنظام، احيانا تكون خطيرة. ومن حق الشرطي مثل أي مواطن أن يرد بكل وسيلة لديه لمنع الخطر »، هذا ما كتبه مساعد المفتش العام للشرطة حاييم بلومفلد للمحامية آن سوستيو من جمعية حقوق المواطن.

 

          بعض الحالات على الاقل تثير الشك أن استخدام الرصاص الاسود تم بعيدا عن أوامر الشرطة مثل الامر الذي يقضي بأنه « لا يجب استخدام هذه الوسيلة ضد الشيوخ والاولاد والنساء اللواتي يظهرن كحوامل ». أو الامر الذي يقضي بأنه « يجب توجيه السلاح الى الجزء السفلي من جسم المتظاهر ». قالت الشرطة للصحيفة إن هذا السلاح دقيق وإن الجندي المدرب (فقط المقاتلين القدامى مسموح لهم استخدام الرصاص المطاطي الاسود) لن يجد صعوبة في التصويب على الجزء السفلي للجسم. مع ذلك، تجمعت شهادات كثيرة حول الاصابة في الوجه والجزء العلوي من الجسم.

 

          حتى الآن، فتح قسم التحقيق في الشرطة 15 ملفا حول اطلاق الرصاص المطاطي الاسود. 4 ملفات منها تم اغلاقها والباقي، ومنها ملف موت سنقرط وملف اصابة أبو الحمص، لم يتم اتخاذ قرار فيها بعد. وحسب ادعاء جمعية حقوق المواطن ومحامون آخرون يمثلون المصابين فان التحقيق يجري بوتيرة بطيئة.

 

          بعض الملفات تم فتحها في صيف 2014، قبل أكثر من سنة ونصف، ولم يتخذ قرار فيها بعد اذا كان يجب التحقيق مع الشرطة تحت طائلة التحذير أو تقديم لوائح اتهام ضدهم. في قسم التحقيق في الشرطة قالوا في عدد من الحالات إنهم يجدون صعوبة في الوصول الى رجال الشرطة الذين أطلقوا الرصاص. وتبعا لظروف الاحداث – لا يمكن تحديد أي من الشرطة قد قام بمخالفة جنائية.

 

          قدم المحامي افيتان استئنافا على قرار اغلاق ملف سليمان حيث قدم دعوى مدنية ضد الدولة. « قدمنا الاستئناف لأن الطفل يستجدي لمعرفة سبب اطلاق النار عليه. فهو لا يعرف السبب »، قال افيتان، « هذه الحادثة لم يكن من المفروض أن تحدث وهي زائدة تماما ». المحامي ايتي ماك، ممثل أبو الحمص وبعض المصابين الآخرين بالرصاص المطاطي الاسود، أضاف: « أصل مع الشهود الى قسم التحقيق في الشرطة فيقولون لي إنهم لم يجدوا رجال الشرطة المسؤولين ولا ينتج عن هذا أي شيء. في احدى الحالات نجحت في احضار الممرض الذي عالج مصاب في شرفة بيته ورفضوا استجوابه ».

 

       اجراء فحص داخلي

 

          « الاجابة التي حصلنا عليها من الشرطة تثبت أنه ارتفع عدد الحالات التي زاد فيها فيها استخدام الرصاص المطاطي بشكل عام والرصاص المطاطي الاسود بشكل خاص »، قالت رونيت سيلع من جمعية حقوق المواطن. « كنا نتوقع من الشرطة، بناء على توسيع استخدام الرصاص بشكل واسع وارتفاع عدد الاصابات الصعبة حيث كان 30 مصابا في فترة زمنية قصيرة، أن تقوم بفحص داخلي حقيقي حول طابع وطريقة استخدام الرصاص الاسود الجديد. إلا أن الشرطة وضعت رأسها في الرمل وهي تستمر بالقول إن الرصاص المطاطي الاسود ليس قاتلا ».

 

          وقد جاء من الشرطة أن « شرطة اسرائيل تعمل على تقليص واحتواء الاخلال بالنظام الذي يهدد أمن الدولة الى جانب اتخاذ اجراءات الحوار مع القيادة المحلية من اجل تهدئة الاجواء واعادة الهدوء والروتين الى الشوارع. مع ذلك، من حق الشرطة، حسب القانون ومباديء الدفاع عن النفس، استخدام السلاح القاتل. الشرطة تسلحت بسلاح غير قاتل منه الرصاص المطاطي الاسود الذي يتم استخدامه بشكل معقول ».

 

          فيما يتعلق باصابة أبو الحمص جاء من شرطة القدس أن شرطيين أصيبا اثناء الاخلال بالنظام في العيسوية ومن هنا « استخدم الرصاص ضد المتظاهرين الذين هددوا حياة الشرطة ». وفيما يتعلق باصابة صالح سليمان جاء من الشرطة أن الموضوع في يد قسم التحقيق في الشرطة.

 

       فحص ملفات اخرى

 

          في قسم التحقيق في الشرطة قيل « إن معطيات القسم حول التحقيق مع الشرطة تظهر أنه في كل حادثة فيها شك حول مخالفة جنائية، يعمل القسم بتصميم من اجل التوصل الى الحقيقة ومحاكمة الشرطي المخالف بشكل انضباطي أو جنائي وايصال رسالة رادعة لرجال الشرطة حتى لا يستغلوا وظيفتهم وصلاحياتهم بشكل سيء. إلا أن جزءً كبيرا من التوجهات الى قسم التحقيق في الشرطة، لا سيما اثناء العمليات الشرطية أو تفريق المظاهرات، يتبين أن الشرطة عملت حسب القانون وفي اطار صلاحياتها وأنه ليس هناك سلوك خارج عن القانون من قبل رجال الشرطة. وبشكل فعلي لا يبادر قسم التحقيق في الشرطة الى التحقيق تحت طائلة التحذير ».

 

          ويشار الى أن بعض الملفات المذكورة أعلاه ما زالت قيد الفحص في قسم التحقيق في الشرطة ولم يتم اتخاذ أي قرار بشأنها بعد.