كان يحاول جمع مصروفه اليومي، ليجتمع مع أصدقائه في ساعات العصر ليحجزوا لهم مكاناً داخل أحد الملاعب المعشبة القريبة من مكان سكناهم، وسيكون حظهم جيداً إذا وجدوا لهم متسعاً ضمن الحجوزات التي بدأت منذ ساعات الصباح الباكر.
محمد عوض (14 عاماً) من مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، اتفق وأصدقائه على تجميع سعر الساعة في أحد الملاعب المعشبة في مدينته، من أجل اللعب في ساعات العصر، باعتبارها أقل تكلفة من « المساء ».
عوض يحاول كل مرة إقناع والديه أن هذه الملاعب أكثر أماناً من الشوارع التي دأب على اللعب فيها، على الرغم من تكلفتها، إلا أنه يعود في بعض الأيام وقد التوت قديه جراء اللعب عليها.
هذه « الكرة المستديرة » والتي كانت أسهل الألعاب الرياضية التي يمارسها الغزيون، أصبحت مشروعاً استثمارياً وتجارياً يكسب من وراءها أصحاب المال، أموالاً طائلة، بعيداً عن عيون المراقبين، في أسلوب جديد لكسب المال والتربح من أموال « الفقراء »، عبر ما بات يعرف بـ « الملاعب المعشبة »
فـ« الملاعب المعشبة » باتت منتشرة بشكل كبير في كافة محافظات قطاع غزة، تلقى رواجاً كبيراً على الرغم من دفع أموال عليها، ممن يرغب في اللعب، وأصبحت طريقة سهلة لكسب المال عبر تحويل أي قطعة أرض لملعب معشب .
العمصي: الملاعب المعشبة ظاهرة جديدة في قطاع غزة لكنها طبيعية ومنتشرة في كل أنحاء العالم وتفتقر للرقابة
20 ملعب معشب جديد
الأمين العام المساعد في الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم محمد العمصي رأى أن ظاهرة الملاعب الخماسية المعشبة، جديدة في قطاع غزة، لكنها طبيعية ومنتشرة في كل أنحاء العالم، ويحق لأي شخص أو جهة الاستثمار فيها.
وأوضح العمصي، في حديث لـ« وكالة فلسطين اليوم الإخبارية » أن الاتحاد الدولي لكرة القدم « الفيفا » قرر تمويل تعشيب صناعي لـ 20 ملعباً، ضمن اتفاق مع الاتحاد الفلسطيني، موزعين على محافظات غزة، حيث أن ثمانية منها تحت طور البناء، وسيتم افتتاحها في غضون شهرين، وستتاح للجمهور بأسعار رمزية .
وأضاف العمصي، أن هذه الملاعب التي ستساهم البلديات والاتحاد الفلسطيني في الإشراف عليها، ستكون متاحة للجميع ولجميع الفئات لوقف استغلال البعض لهذه الملاعب.
وعن الملاعب المعشبة التي باتت تنتشر بشكل كبير في قطاع غزة، حيث أنها أصبحت تباع أراضي مملوكة لمواطنين لعمل ملاعب معشبة، وصاحبها يقوم بتحديد السعر ولا تكون تابعة لأي جهة رسمية.
وأكد العمصي، افتقار هذه الملاعب للرقابة، عازياً ذلك لعدم وجود جهة رقابية تتابع هذه الملاعب، متوقعاً أن تكون في كل محافظة من محافظات قطاع غزة 10 ملاعب معشبة .
وعن فائدة هذه الملاعب، أشار العمصي، إلى أن هذه الملاعب لها ايجابيات تتمثل في أنها منظمة وتكون داخل مكان مغلق، وتعد تنفيس للطاقات الشبابية والأبناء، حيث كانوا يلعبون في ساحات ترابية قد تسبب لهم الضرر.
كما أن هذه الملاعب –وفقاً للعمصي- تؤهل الكشافين لانتقاء اللاعبين والاهتمام بهم، خاصةً مع انتشار الأكاديميات الرياضية، التي تنتقي المميزين من اللاعبين ليكون للناشئين فرصة أمام الأندية، مثال ذلك أكاديمية الهلال.
تنقسم هذه الملاعب من حيث تمويلها لنوعين أولهما وهي الملاعب الخاصة التي يكون تمويها ذاتياً ، والثاني هي الملاعب التي يعتبر تمويلها خارجياً
أسعار جنونية
من جهته، أوضح الإعلامي مهند دلول المختص في الشؤون الرياضية في حديث لـ« وكالة فلسطين اليوم الإخبارية »، أن الملاعب المعشبة في قطاع غزة، تنقسم من حيث تمويلها إلى نوعين، أولهما وهي الملاعب الخاصة التي يكون تمويها ذاتياً كأن تقوم جهة خاصة أو رجل أعمال بإنشاء ملعب معشب فيكون المنتج له ويحق له كذلك وضع الأسعار التي يراها مناسبة له.
أما الثاني، وهي الملاعب التي يعتبر تمويلها خارجياً، والتي يجب أن يسلط عليها الأضواء، والتي وجب أن تكون أسعارها مناسبة لكافة شرائح المجتمع، وأن يكون فيها ساعات مجانية تخدم فئات عديدة لا تستطع الدفع لتلعب، أو توفير ساعات مجانية لفئات خاصة كالمرأة والمعافين والأطفال.
وحسب دلول، فهذه الملاعب تنتشر بصورة كبيرة، وهي تابعة إما لنادي رياضي، أو شركة رياضية معينة، ويتم حجز الساعات فيها على فترات مختلفة من اليوم، منها الصباحي والتي يبلغ سعر الساعة فيها من 20-40 شيكلاً، وهي فترة قليلة الإقبال نظراً لانشغال الكل عن اللعب في هذه الفترة.
أما الفترة الثانية فهي في ساعات العصر وتبلغ قيمتها من 40 – 60 شيكلاً، أما الفترة التي تُعد الأكثر ارتفاعاً في السعر فهي ساعات المساء والتي تبلغ قيمة حجز الساعة مابين 60-80 شيكلاً، ويزيد الإقبال عليها.
دلول: خطورة هذه الملاعب لا يكمن فقط في ارتفاع سعرها ولكن في جودة إنشاءها من حيث العشبة التي تُنشأ منها هذه الملاعب
خطورة الملاعب
وأشار دلول إلى أن خطورة هذه الملاعب لا يكمن فقط في ارتفاع سعرها، ولكن في جودة إنشاءها من حيث العشبة التي تُنشأ منها هذه الملاعب، وهي ملاعب سيئة الجودة يكون اللاعبون فيها عرضة للإصابات خاصةً الركبة، والالتواء والرباط الصليبي، نظراً لعدم جودتها، حيث تصل سعر المتر من سيئة الجودة لـ5 دولار فقط للمتر، فيما يصل سعر الجيدة منها لـ25 دولاراً للمتر.
ولم يخف دلول، افتقار هذه الملاعب للمراقبة من الجهات المسؤولية، عازياً ذلك لعدم وجود جهات مسؤولة واضحة نظراً لكون القطاع الرياضي يعاني كجزء من كافة القطاعات التي تعاني جراء الانقسام المتواصل، مؤكداً عدم وجود رقابة على أسعار الحجز، وعلى سوء جودة الملاعب التي تسبب الضرر للاعبين.
وأوصى دلول بضرورة، أن تتمتع الأندية الرياضة بروح الشراكة الاجتماعية والمسؤولية والتعامل في هذه القضية بمنظور أخلاقي، وأن تخفض أسعار الحجوزات على ساعات اللعب، مؤكداً ضرورة وجود جهة رقابية واضحة كوزارة الشباب والرياضة، والاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، لمراقبة السعر والجودة.
كما دعا الأهالي والمجتمع بشكل عام، بالاختيار الجيد لهذه الملاعب التي بدأت تنتشر بصورة كبيرة في كافة محافظات قطاع غزة، والتأكد من جودتها وسلامتها لعدم تعرض الأبناء اللاعبين للإصابات خلال اللعب عليها.