خبر عندما يلتقي اليأس اليأس -يديعوت

الساعة 10:14 ص|09 مارس 2016

فلسطين اليوم

 

بقلم: ناحوم برنيع

(المضمون: هؤلاء ليسوا الانتحاريين الذين خرجوا لعمليات الباصات في التسعينيات وفي الانتفاضة الثانية. جيل المخربين اياه كان يعيش في الوهم بان الله ينتظره في الجنة، محوطا بـ 72 حورية. من خلف كل عملية انتحارية وقفت حملة اقناع من منظمة مرتبة - المصدر).

يقال ان ارهاب الافراد ليس انتفاضة: فهو موجة. اوكي، فليكن موجة. هناك سبيلان للتصدي للموجة في البحر: اما برفع الرأس فوق الموجة أو بتخفيض الرأس دونها. غير أننا نختار الطريق الثالث – ادارة الظهر للامواج – نتلقى الضربة إثر الضربة.

تراكم العمليات أمس  - في يافا، في القدس وفي بيتح تكفا – هو استثناء يدل على القاعدة. فهو يثبت أمرا واحدا – بان استعداد الشباب الفلسطينيين للخروج الى المهام الانتحارية لم يخبو. فمنذ أكثر من خمسة اشهر وهو يرافقنا في عمليات يومية في شوارع المدن الكبرى، في مفترقات يهودا والسامرة، في بوابات البلدة القديمة في القدس، في المستوطنات. الجيش، المخابرات والشرطة نجحوا في احباط العمليات هنا وهناك، اما الظاهرة فلم ينجحوا في تحييدها.

لقد كان الامل الخفي لدى اصحاب القرار أن تتبدد الظاهرة من تلقاء ذاتها. ان يتعب الشارع الفلسطيني من السجود للانتحاريين؛ ان يتدخل الاهالي؛ ان يعلق الشباب في موضة اخرى، اقل فتكا. أكثر من خمسة اشهر انقضت، ولا مؤشر على أن هذا الامل يوشك على التحقق. العكس هو الصحيح: الشباب يواصلون الخروج الى الشوارع كالساعة، كل يوم ومنفذ أو منفذة لعملية، مزودان بسكين، ببندقية معدة محليا وبنزعة ثار ليس لها حدود.

هؤلاء ليسوا الانتحاريين الذين خرجوا لعمليات الباصات في التسعينيات وفي الانتفاضة الثانية. جيل المخربين اياه كان يعيش في الوهم بان الله ينتظره في الجنة، محوطا بـ 72 حورية. من خلف كل عملية انتحارية وقفت حملة اقناع من منظمة مرتبة. اما جيل الانتحاريين الحالي فعديم الاوهام وعديم الغاية. الصراع على السيطرة في الحرم، الذي لون الاسابيع الاولى للارهاب بلون ديني، دحر الى الزاوية. اما اليأس – فهو الدافع، فهو المحرك، وهو التفسير. يأس فردي، احيانا على خلفية نزاع في العائلة، يأس وطني، يأس جيلي – كل واحد وحده وكلهم معا.

لا مبرر للارهاب، لا مبرر اخلاقي ولا مبرر عملي. ولكن اذا كنا نسعى للتصدي لهذه الموجة لصدها او تلطيفها، فاننا لا يمكننا أن نكتفي بالخطابات الملتهبة. ينبغي أن نفهم بان لا حلا سحريا عسكريا يعيد السكاكين الى جوارير المطبخ؛ ينبغي ان نفهم بان العقوبات التعسفية لغير المشاركين، مثل المشروع الدولي للوزير كاتس لطرد اقرباء المنفذين الى غزة، لن تحبط العملية التالية؛ بل ستورط اسرائيل فقط في منظومة القانون الدولي. التصفيق في مركز الليكود لا يستحق هذا.

ينبغي ايجاد السبل لجعل اليأس يتعب ويتشوش. الرزق هو سبيل جيد: الفلسطينيون العاملون يبتعدون عن الارهاب كالنار؛ وزراء في الحكومة يكافحون ضد كل محاولة لزيادة عدد تراخيص العمل: هذه سخافة. من جهة اخرى، ينبغي العمل أكثر بكثير لتخفيض عدد الماكثين غير القانونيين، بما في ذلك العقوبات الخطيرة لارباب العمل اليهود.

أجهزة أمن السلطة الفلسطينية تتعاون مع اسرائيل: هذه مصلحتها. ولكننا فشلنا في خلق مصلحة مشابهة في اجهزة اخرى للسلطة، واولا وقبل كل شيء في جهاز التعليم. للتحريض في المدارس وفي مناهج التعليم يوجد أثر. يمكن محاولة لجمه.

لشدة الاسف، لا يمكننا أن نعمل الكثير كي نمنع التحريض في الشبكات الاجتماعية أو في قنوات التلفزيون: فالمسؤولون هم جهات لا تأثير لاسرائيل عليها واغلاقها يخلق مشاكل قانونية (القناة الاكثر تأثيرا في المناطق هي « الاقصى » لحماس. البث هو من غزة، ولكنه ينتقل الى باريس ومن هناك عبر القمر الاصطناعي. اسرائيل لا يمكنها أن تمس به).

في ضوء استمرار الارهاب تلتف الحكومة بعدالة موقفها، بمزايداتها، بالشفقة الذاتية، بالادعاء بالضحية. لو كانت في اسرائيل اليوم حكومة وسط، لكان اليمين يرقص على الدم. هذا ليس سببا للرقص على الدم حين تكون الحكومة يمينية. على الحكومة أن تخرج رأسها من الرمال، ان تكف عن البحث عن مذنبين وان تبدأ بالعمل. هذا صعب، ولكنه ليس متعذرا.