خبر ما أجمل سماء المخيم.. آخر كلمات الشهيد الصحفي « سجدية »

الساعة 01:28 م|05 مارس 2016

فلسطين اليوم

على سطح أحد المنازل في مخيم  قلنديا كان الشهيد اياد سجدية ورفاقه يرابطون للاحتلال بما تيسر لديهم من حجارة وزجاجات فارغة، وما أن خفتت أصوات الرصاص في المخيم وبدأ الجنود وآلياتهم بالانسحاب حتى علت أصوات الشبان بالغناء ومعهم أياد « جنة جنة جنة.. تسلم يا وطنّا » إيذاناً بنصر المخيم الجديد.

طلب منه أحد الشبان الابتعاد عن حافة السطح، إلا أنه رفض وتقدم أكثر كأنه كان يعرف أنها لحظة استشهاده، حيث رفع نظره إلى السماء وقال لصاحبه « ما أجمل النجوم في سماء المخيم هذا المساء »، وما أن أكمل جملته حتى سقط أرضاً، يقول رفيقه:« لا نعرف من أين أطلقت الرصاصة فجأة، سقط وكانت الدماء تملأ المكان فقد أصيب بعينه ».

حاول أصدقاء إياد إنزاله عن السطح لإسعافه ولكنه كان قد استشهد على الفور، فكما يقول رفيقه« كان دماغه قد خرج من رأسه ».

الرصاصة التي دخلت بعين اياد أنهت حياه شاب كان ينتظر الحياه أمامه، فعلى بعد أشهر فقط كان تخرجه من كليه الإعلام في جامعة القدس أبو ديس فقبل استشهاده بأيام كان يحضر لإعداد مشروع تخرجه فيلماِ مصوراِ عن الشهداء ليتمكن من التخرج ويبدأ العمل في المهنة التي أحبها وعمل بها حتى خلال دراسته، فكان أحد الناشطين في مركز قلنديا الإعلامي الذي يصدر أخبار مخيمه ويوثقها وخاصة في ظل الاجتياحات المتوالية عليه.

يقول والده:« إياد عمل بجد لينهي دراسته، فكان في النهار يدرس بالجامعة و في المساء في عمله في أحد محلات الملابس ليتمكن من جمع مصروفه ومساعدتي في دراسته، فقد كان منذ صغره يعتمد على نفسه في كل شيء ».

انشغاله بجامعته وعمله لم يثنه عن أداء واجبه لمخيمه كلما اجتاحه الأعداء، ففي يوم الثلاثاء الأول من آذار/ مارس الحالي، ما أن دخلت قوات الاحتلال المخيم حتى كان في صفوف الشبان للتصدي لها بما تيسير له من الحجارة والمتاريس، وكتابه الأخبار وتوثيقها بشكل طوعي على صفحة المخيم.

وعن يوم استشهاده يقول الوالد:« كنت في البيت وعند الساعة الثانية و النصف تفاجأت بعدد كبير من أهالي المخيم أمام منزلي، عرفت مباشرة أن أياد استشهد، وقلت الحمد لله فهو ليس أغلى من شهداء المخيم، فكل أب في المخيم يتوقع خبر استشهاد أبنه خلال أي اجتياح للمخيم ».

لم يستطيع والد إياد رؤية ابنه وهو مصاب لصعوبة إصابته، فالرصاصة التي اخترقت عينه خرجت من الجهة المقابلة، وأتلفت دماغه بالكامل:« كان صعباً علي أن أراه بهذه الصورة، أخبرني أخي بعد دفنه عن إصابته ولكنني لم أراه ».

إياد 22 عاما هو الابن الثالث في العائلة بعد شقيقاته، وكان الأهدى والأقرب من بين أِشقائه الثمانية والأكثر احتراماً لوالدة ووالدته كما يقول الوالد:« إن كنت سأتذكر أيام سأتذكره باحترامه وأدبه العالي وخاصة معي ومع والدته، لم أذكر أن صوته علا أمامي يوماً، وكان كل همه أرضائي ووالدته ».

انشغال إياد في دراسته وعمله جعله لا يتواجد في المنزل كثيراً في الفترة الأخيرة كما يقول والده، إلا أنه لم يكن يمر يوم دون أن يطمئن على عائلته كلها « إياد أحن أبنائي كان يحرص دائما على الاتصال بشقيقاته المتزوجات والاطمئنان عليهن وعلى أبنائهن، كان خال لثلاثة أطفال ».

استشهد اياد قبل خمسة أيام ومنذ ذلك الحين وعائلته تستقبل المعزيين بشهادته، وهو ما اعتبرته العائلة عزائهم بفقدان عزيزهم، كما يقول الوالد:« كل يوم نستقبل الوفود من الطلبة والمهنئين بشهادته، لم أكن أعرف مدى مقدار المحبة التي يتمتع بها أياد بين زملائه عرفت بعد استشهاده كم كان محبوبا وله شعبية عالية بينهم ».