خبر وحاليا في سوريا- يديعوت

الساعة 10:34 ص|03 مارس 2016

فلسطين اليوم

خدعة وقف النار

بقلم: غي بخور

(المضمون: سياسة الاوهام الامريكية تجري ليس في سوريا وحدها بل وفي العراق. فقد اسقطت الزعماء العرب وحصدت العاصفة. والوحيدة التي لم تستسلم للواقع الافتراضي من المصنع الغربي كانت اسرائيل - المصدر).

« اليوم لم نُبلغ عن خروقات في وقف النار »، هكذا قال الناطق بلسان الخارجية الامريكية يوم الثلاثاء، اليوم الذي اعترف فيه حتى الروس بـ 18 « خرق جدي » في القتال، ونقل في الشبكات الاجتماعية بلا انقطاع عن عشرات الاحداث القتالية واكثر من 100 قتيل في سوريا. إذن كيف حصل أن هذا ليس معروفا للامريكيين؟ لان السياسة الامريكية في سوريا انتقلت الى مجال الخيال: اذا ما تظاهرنا بشدة حقا، فلعله يكون وقف نار.

إذن هذا هو، ليس هناك وقف نار. لقد انزلقت سوريا مرة اخرى الى القتال في كل الجبهات، مع اعمال قصف روسية ثقيلة وتقدم لجيش الاسد او لجماعات الثوار، على نحو متبادل. الواقع لا يتظاهر. رغم أن الامريكيين اتفقوا مع الروس « على عدم البحث » في الخروقات، اي التظاهر. السياسة السليمة لواقع بديل تتحطم في الواقع على الارض.

الحقيقة المرة هي ان ايا من الاطراف لا يعرف ما العمل في سوريا. الكل محوط بالمصائب والمخاوف، وعليه فانهم يتظاهرون. بشار يستجدي البقاء، وهو يعرف بانه ليس له أي امل. ولهذا فانه يقصف من البر ومن الجو، ولكنه يخادع في وقف النار. وقد بات الروس يفهمون منذ الان بانهم دخلوا الى مستنقع عكر ليس له قاع، وهم أيضا يريدون نقطة انتهاء ما، ليست موجودة. الايرانيون منشغلون بمشاكلهم، والثوار السُنة على جماعاتهم يحلمون بعظمة ما، لن تكون. فلماذا لا يتظاهرون إذن؟ في الخيال الكل ينتصر.

الاكثر تشوشا هم الامريكيون، الذين سلوكهم في سوريا محرج: كانوا ضد الاسد ومع الثوار، بعد ذلك مع الاسد وضد الثوار، مع الثوار وضد الاكراد، وبعد ذلك مع الاكراد وضد الثوار، وفي واقع الامر مع الثوار ومع الاكراد، او واقع الامر ضد الثوار وضد الاكراد. مع اردوغان وبدون اردوغان، مع الروس وضد الروس. وما هي السياسة؟ اوهام.

غير أن سياسة الاوهام الامريكية لا تجري فقط في سوريا بل وفي العراق ايضا. فمؤخرا فقط تباهى اوباما بان داعش يتراجع ويضعف. فكيف إذن انه في يوم الاحد من هذا الاسبوع في هجوم هائل وصل داعش الى مسافة 10 كم عن المطار الدولي في بغداد، انبوب الحياة للنظام الشيعي العراقي؟ ناهيك عن عن داعش يبطش بالجنود العراقيين في الرمادي وفي مدن اخرى وينجح في تفجير مئات الاشخاص في الشهر في العمليات. الجيش العراقي نفسه يتردد في القتال مباشرة حيال « الدولة الاسلامية » التي تواصل التعزز واجتذاب المزيد من السُنة اليها.

اين كان الامريكيون في المعارك يوم الاحد؟ حسب تقارير عراقية (وهي ايضا نوع من الوهم) داعش انسحب، ولكنه لا يزال يوجد في كل مكان في غرب وشمال الدولة. الولايات المتحدة هي الاخرى تفهم بان قصفها لا يساعد حقا. فهل يدخل اوباما جنودا امريكيين الى المعركة البرية؟ مشكوك جدا. وعليه ففي العراق ايضا علق الامريكيون في طريق بلا مخرج، ثمرة تجاربهم الكثيرة. فقد اسقطوا صدام حسين، حسني مبارك، معمر القذافي، زين  العابدين بن علي وعلي عبدالله صالح بسبب الاوهام. حصدوا الزعماء وزرعوا العاصفة.

وهكذا ليس فقط في سوريا وفي العراق، بل وأيضا في ليبيا، في اليمن، في مصر وفي تونس وفي السياق السني في بلاد اسرائيل (التي اسموها ذات مرة « فلسطينيين »). أولم يكن هذا هو جون كيري الذي حاول التوصل هنا الى تسوية قبل سنتين وفشل؟ في حينه أيضا، مثلما هو اليوم، كانت هذه سياسة اوهام. ومثلما مع الاسد قاتل الجماهير لن تكون تسوية، هكذا مع عصابة ابو مازن لن تكون تسوية، والان حان دور اوروبا لدفع ثمن هذه السياسة. الوحيدة التي بقيت مع ارجل متينة على ارض الواقع ولم تستسلم في واقع افتراضي من المصنع الغربي – كانت اسرائيل.