خبر نجاح « أسبوع الفصل العنصري » يستنفر اللوبي الداعم للاحتلال ببريطانيا

الساعة 06:26 ص|27 فبراير 2016

فلسطين اليوم

حشدت منظمات اللوبي المناصر لإسرائيل في بريطانيا كل جهودها، لمواجهة أسبوع « الفصل العنصري الإسرائيلي »، الذي انطلق في معظم الجامعات البريطانية. في هذا الصدد، تذكر صحيفة « جويش كرونيكل »، اليهودية البريطانية، أن « الطلاب اليهود في كل الجامعات البريطانية، تجمّعوا معاً للتصدي لأسبوع مناهضة إسرائيل، الذي تشهده معظم الجامعات البريطانية ».

تُفيد الصحيفة في عددها الصادر، أمس الجمعة، بأن « مجموعات طلابية داعمة لإسرائيل، التقت لتنظيم فعاليات مواجهة لأنشطة أسبوع الفصل العنصري الإسرائيلي »، الذي بات تقليداً سنوياً يُنظّم في قاعات وساحات الجامعات البريطانية، بهدف رفع مستوى الوعي بالمشروع الإسرائيلي الاستيطاني في فلسطين، وسياسات الفصل العنصري التي تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.

تضيف الصحيفة الناطقة باسم اليهود البريطانيين، أن « المئات من النشطاء المؤيدين لإسرائيل قاموا بتوزيع آلاف المنشورات والمطبوعات، ونشروا آلاف الرسائل عبر وسائل التواصل والإعلام الجديد لتسليط الضوء على الدور الإيجابي الذي تؤديه إسرائيل في العالم ».

تشير الصحيفة إلى أن « فرقاً متنقلة من نشطاء منظمتي: ستاند ويز أس، والأخوة اليهودية، توجهت إلى الجامعات لتقديم الدعم للطلبة المناصرين لإسرائيل في مواجهة نشطاء حركة BDS ». كما تنقل الصحيفة عن نشطاء في « اتحاد الطلاب اليهود » قولهم إنهم « لا يسعون إلى مواجهة أنصار فلسطين، وإنما يعملون على نشر رسائل إيجابية عن إسرائيل ».

تأتي تحركات المنظمات البريطانية المناصرة لإسرائيل، كردّ فعل غاضب على ما يشهده « أسبوع الفصل العنصري الإسرائيلي » لهذا العام، من إقبال وتفاعل للرأي العام داخل الجامعات البريطانية وخارجها، إذ تُحيي الجامعات البريطانية « أسبوع الفصل العنصري الإسرائيلي » بسلسلة من المحاضرات والمعارض الفنية، والعروض السينمائية، والأنشطة الثقافية والأكاديمية الداعمة للحركة العالمية للمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل (BDS).

وخلال الأيام الأولى من أسبوع « الفصل العنصري الإسرائيلي »، الذي اختُتمت فعالياته أمس الجمعة، قام ناشطون برفع أكثر من 500 ملصق إعلاني داخل قطارات الأنفاق في العاصمة البريطانية، لتذكير الجمهور البريطاني بأن أسلحة بريطانية الصنع استُخدمت في المجازر التي ارتكبت ضد الفلسطينيين خلال العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة (صيف 2014).

كما وُزّعت ملصقات تشير إلى انحياز هيئة الإذاعة البريطانية « بي بي سي » لـ« إسرائيل »، بينما هاجمت ملصقات آخرى شركة « جي فور أس » الأمنية التي تقوم بإدارة بعض سجون الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية. بالإضافة إلى ذلك، اتهمت الملصقات الشركة الأمنية بحماية وتأمين الفصل العنصري الذي تمارسه إسرائيل، مشيرة إلى أنها « تقوم بأي شيء مقابل المحافظة على مصالحها وأرباحها ».

أما في جامعة كامبريدج، فقد أقام طلاب في حرم الجامعة نموذجاً لحاجز إسرائيلي عسكري، « بهدف تعريف الطلبة على صعوبات العيش والمعاناة اليومية التي يواجهها أبناء الشعب الفلسطيني تحت نظام الفصل العنصري الإسرائيلي ».

وأثارت فعاليات أسبوع « الفصل العنصري الإسرائيلي » في بريطانيا غضب إسرائيل. وتذكر صحيفة « يديعوت أحرونوت » الإسرائيلية في هذا الصدد، أن « رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أصدر تعليمات لمدير الخارجية الإسرائيلية، دوري غولد، لمطالبة السلطات البريطانية بإزالة ملصقات تندد بإسرائيل وبعنصريتها من القطارات في لندن ».

تضيف الصحيفة أن زعيم حزب « هناك مستقبل » الإسرائيلي المعارض، يائير ليبيد، اتصل برئيس بلدية لندن بوريس جونسون، سعياً للضغط عليه كي ينزع الملصقات التي وضعتها حركة المقاطعة العالمية لإسرائيل « BDS ».

من جهتها، قالت وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني، إن « على إسرائيل أن تحارب هذه الحركة، لأنها لا تكتفي بانتقاد السياسات الإسرائيلية، وإنما ترفض مبدأ قيام دولة إسرائيل ». كما يعتبر مسؤول في حزب « العمل » الإسرائيلي المعارض، أن « الحملة الحالية تُعدّ مؤشراً على تدهور وضع إسرائيل لدى الرأي العام العالمي ». ويؤكد نشطاء حقوقيون وسياسيون بريطانيون أن « المقاطعة هي السلاح السلمي الأقوى والأكثر فعالية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين ».

في السياق، يشير الناشط الحقوقي البارز في بريطانيا بيتر تاتشل، خلال جلسة حوارية أقامها مركز « العودة الفلسطيني » و« مجموعة أصدقاء فلسطين والشرق الأوسط » في حزب « العمال » البريطاني، واستضافها مساء الأربعاء، النائب عن « العمال » غراهام موريس، إلى أن « إسرائيل أصبحت في حالة هستيريا مع تصاعد وتيرة حركة المقاطعة لها في العديد من المؤسسات الغربية ».

يُذكر أن حركة « BDS » تُنظّم منذ عشر سنوات أسبوع « الفصل العنصري الإسرائيلي » حول العالم، في محاولة للضغط على المجتمع الدولي لتطبيق إجراءات عقابية ضد إسرائيل. تشمل الإجراءات: المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، حتى تمتثل إسرائيل بشكل كامل لمقتضيات القانون الدولي والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، وحتى تلتزم بإنهاء الاحتلال وتفكيك الجدار والمستوطنات، وتحقيق المساواة الكاملة للفلسطينيين داخل الخط الأخضر، والقبول بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، التي هُجِّروا منها بموجب قرار اﻷمم المتحدة رقم 194.

تستوحي الحركة عملها من الدور التاريخي الذي قام به ضغط المجتمع الدولي لنصرة شعب جنوب أفريقيا في نضاله ضد نظام الفصل العنصري « الأبارتايد »، من خلال الامتناع عن شراء البضائع الإسرائيلية والدولية الداعمة لدولة الاحتلال، وإيقاف تداولها في الأسواق المحلية والعالمية، وقطع العلاقات مع الشركات والمؤسسات الإسرائيلية، بما فيها المؤسسات الرياضية والأكاديمية والثقافية والفنية والتجارية والصناعية، وسحب التمويل من الشركات الإسرائيلية والشركات الدولية الداعمة للاحتلال عبر بيع أسهمها والامتناع عن الاستثمار فيها، وفرض إجراءات عقابية من قبل الحكومات والمؤسسات الرسمية لإجبار إسرائيل على الالتزام بالقانون الدولي.

من جهته، أثار رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، غضب الحكومة الإسرائيلية والمنظمات البريطانية الداعمة لإسرائيل، عندما وصف البناء الاستيطاني في القدس المحتلة بـ« الصادم حقاً ». وكان كاميرون قد اعتبر في جلسة مفتوحة لمجلس العموم، يوم الأربعاء الماضي: « يُعرف عني كوني صديقاً قوياً لإسرائيل، ولكن ينبغي عليّ القول إن المرة الأولى التي زرت فيها القدس وكانت لديّ جولة حقيقية في أنحاء هذه المدينة الرائعة رأيت التطويق الفعال للقدس ، القدس المحتلة، إن ذلك صادم حقاً ».

 

وتابع كاميرون القول « نحن مؤيدون لإسرائيل ولكننا لا نؤيد الاستيطان غير الشرعي، وهو مرفوض. لا نريد دعم ما يحدث في القدس. من المهم جداً الحفاظ على هذه المدينة كما كانت عليه في الماضي ».

رأى مراقبون أن موقف كاميرون بمثابة « إمساك العصا من الوسط »، ولا سيما أنه يأتي بعد أيام قليلة من إعلان الحكومة البريطانية عن وضع الخطوط العامة لمشروع قانون يحظر على المجالس المحلية والهيئات العامة والاتحادات الطلابية مقاطعة إسرائيل. وقد أثارت الخطوة الحكومية حفيظة أوساط بريطانية مناصرة للحقوق الفلسطينية ومُدافعة عن الحريات العامة، التي رأت في القرار ضربة للحريات الديمقراطية في البلاد، على حد تعبير متحدث باسم زعيم حزب « العمال » جيريمي كوربين. كما وصف رئيس « حملة التضامن مع الشعب الفلسطيني » في بريطانيا، هيو لاننغ، القرار بهجوم على الحريات الديمقراطية واستقلال الهيئات العامة ومُناقض لموقف الحكومة البريطانية التي لا تُؤيد الاستيطان وترفضه.