بقلم: أسرة التحرير
1.8 مليون نسمة محبوسون منذ نحو عقد في داخل قطاع غزة، اقليم هو من أكثر المناطق اكتظاظا في العالم. فهم لا يحق لهم أن يخرجوا من نطاق مكان سكنهم، ان يصدروا بشكل حر بضائعهم، أن يتعلموا في مؤسسات التعليم العالي في خارج قطاع غزة وان يستقبلوا زوارا وأقارب من خارجه. معدل البطالة هناك أعل من 60 في المئة، وفي أوساط الشباب والمتعلمين أعلى من ذلك بكثير.
يوجد قطاع غزة ظاهرا تحت حكم حماس، أما عمليا فدولة اسرائيل، التي فرضت اغلاقا على القطاع، فهي المسؤولة ايضا عن جودة حياة السكان هناك وعن الوضع الاقتصادي الفظيع السائد في القطاع. للادعاء الذي يقول انه طالما كانت حماس تسيطر في القطاع لن يرفع الاغلاق – لا يوجد اساس عقلاني. واسرائيل نفسها تعترف في أن حماس تبذل جهودا لمنع اطلاق الصواريخ وتنفيذ العمليات من القطاع.
صحيح أن حماس تواصل حفر الانفاق، التي تستهدف المس بالبلدات الاسرائيلية، ولكن هذا دليل قاطع على أن الاغلاق لا يمكنه بحد ذاته أن يمنع دافع الفلسطينيين لتنفيذ العمليات. فلعله حتى يشجعه.
في الجيش الاسرائيلي استوعبوا منذ الان الفكرة التي تقول ان التخفيف الكبير في ظروف المعيشة للسكان في غزة والضفة، رفع عدد تصاريح العمل في اسرائيل والسخاء في منح الفرص للتنمية كفيلة بان تثبط الاحباط واحساس انعدام الافق الاقتصادي وتمنع، مؤقتا على الاقل الانفجار المتوقع ان يكون موجها نحو اسرائيل. تحذيرات بهذه الروح اطلقها مؤخرا مسؤولون كبار في الجيش الاسرائيلي، وبينهم رئيس شعبة الاستخبارات، هيرتسي هليفي، في استعراضه امام لجنة الخارجية والامن في الكنيست.
اولئك المسؤولون، الذين يجدون شركاء لهم في اوساط الفلسطينيين ايضا، يقترحون ضمن امور اخرى التفكير باقامة ميناء تجاري في قطاع غزة، او بناء ميناء على جزيرة مصطنعة امام شواطيء غزة تكون مرتبطة بالقطاع بجسر.
ان المخاوف الامنية التي ترافق هذه الافكار، كما يعرضها وزير الدفاع ايضا، ليست باطلة، ولا سيما بسبب الخطر الذي يمكن ان يشكله الميناء كمحطة عبور للسلاح ولمواد التخريب لحماس. بالمقابل، في المنفعة الاقتصادية الهائلة للميناء تكمن ايضا ميزة أمنية إذ انه يمكن التقدير بان الحكم في قطاع غزة لن يرغب في فقدان هذا الذخر الاقتصادي بسبب عملية أو اطلاق صواريخ على اسرائيل.
ان اقامة ميناء، زيادة عدد تصاريح العمل ورفع الاغلاق ليس بديلا عن مسيرة سياسية، ولا ينبغي النظر اليها كبادرة حسن نية. هذا هو واجب الاحتلال تجاه المحتلين. ولكن عندما يقدر الجيش الاسرائيلي بانه بدون مثل هذه الخطوات سيزداد بشكل كبير التهديد الامني على اسرائيل – فان تطبيق توصيات الجيش يصبح جزءا من واجب الحكومة تجاه مواطني دولة اسرائيل.