يهتمّ الاحتلال الإسرائيلي جدّياً بتفاصيل « الحرب الإلكترونية »، معبّراً عن خشيته من أن تفضي أي هجمات في هذا السياق إلى شلّ قطاع الخدمات لديها، وقد أعلن الاحتلال عن تشكيل فرق « تدخّل سريع » لمواجهة هجمات إلكترونية يمكن أن تستهدف مرافقه وبُناه الحيوية.
أخيراً، كشف جيش الاحتلال النقاب عن تشكيله طواقم لمواجهة الهجمات إلكترونية، يُمكن أن ينفّذها العدو خلال الحروب والمواجهات العسكرية وتستهدف المرافق الحيوية. ينقل موقع مجلة « إزرايل ديفنس » عمّا وصفه « ضابط كبير في الجيش »، قوله إن « هناك فرصاً في أن تفضي الهجمات التي تستهدف إسرائيل خلال الحروب والمواجهات، إلى توقف العمل في مطار بن غوريون (اللدّ) وقطع الإنترنت عن إسرائيل ».
وفقاً للضابط، فإن « ذراع الحرب الإلكترونية، الذي أعلن رئيس هيئة أركان الجيش غادي أيزنكوت عن تشكيله قبل أشهر، قد أعدّ طواقم للتدخل للسريع، في حال تعرّضت المرافق الحيوية لهجمات إلكترونية ». يشير الضابط إلى أن « هذه الطواقم ستحرص على مواجهة وتقليص الأضرار، التي يمكن أن تنجم عن الهجمات التي يفترض أن يتعرّض لها القطاع المصرفي وشبكتي المياه والكهرباء والهواتف النقالة ».
يرى أن « الهجمات الإلكترونية التي تعرّضت لها تركيا أخيراً تحمل مؤشرات مقلقة »، منوهاً إلى « توقّف خدمة الإنترنت في عموم تركيا لمدة 20 ساعة إلى جانب المس بالقطاع المصرفي فيها لثلاثة أسابيع ». يُشدّد الضابط على أن « هذه التطورات لم تحدث بالصدفة »، لافتاً إلى أن « الهجمات الإلكترونية باتت سلاحاً مشروعاً ». بحسب الضابط، فإن « تشكيل طواقم التدخل السريع جاء لمواجهة إمكانية تعرّض إسرائيل لـ11 سبتمبر/أيلول إلكتروني (في استعارة لهجمات 11 سبتمبر 2001 الأميركي) ».
من ناحيته، يعتبر « مركز أبحاث الأمن القومي »، الذي يُعدّ من أهم محافل التقدير الاستراتيجي في تل أبيب، أن « فرص تعرّض شبكات الكهرباء والمياه ومرافق حيوية أخرى، لهجمات إلكترونية تفضي إلى توقفها وشل قطاع الخدمات في إسرائيل، تعاظمت في ظل وجود دلائل على أن هذا استخدام هذا السلاح، أضحى ضمن وسائل الردع التي تلجأ إليها الدول ».
ينوّه المركز في ورقة تقدير موقف نشرها على موقعه يوم الجمعة، إلى أن « انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق واسعة في غرب أوكرانيا في 25 ديسمبر/كانون الأول الماضي، هو نتاج هجمة إلكترونية، يُرجّح أن روسيا نفذتها. وهو أمر يبرز الخطورة التي تنطوي عليها الهجمات الإلكترونية »، وفقاً لمُعدّي الورقة، الجنرال غابي سيبوني، أحد أبرز المختصين في مجال الحرب الإلكترونية في إسرائيل، وتسفي مغين، الذي شغل مواقع متقدمة في شعبة الاستخبارات العسكرية وعمل سفيراً في موسكو وكييف.
وعلى الرغم من أن سيبوني ومغين يشيران إلى أنه « سبق أن وظفت كل من الولايات المتحدة وإسرائيل الهجمات الإلكترونية في شل البرنامج النووي الإيراني بواسطة فيروس ستكسنت عام 2009 »، إلا أن خطورة ما تعرّضت له أوكرانيا، تكمن في أنها المرة الأولى التي تفضي هجمة إلكترونية إلى شلّ قطاع البنى التحتية المدنية في دولة ما على هذا النحو الواسع.
تفيد الورقة أن « أعداء إسرائيل، سواء كانوا دولاً أو منظمات، بإمكانهم، من ناحية نظرية على الأقلّ، شن هجمات إلكترونية ضد البنى التحتية الإسرائيلية، بشكل تؤثر ليس فقط على تواصل الخدمات، بل أنها يمكن أن تُفضي للمسّ بحياة الناس ».
وعلى الرغم من أن الورقة توضح بأن إسرائيل حرصت على تطوير قدرات دفاعية عالية جداً في مجال تأمين الفضاء الإلكتروني والبنى التحتية الحيوية المرتبطة به، إلا أنها تشير إلى أن القدرات الدفاعية لا تحبط التهديدات التي تشكلها التنظيمات المعادية، التي يمكن أن تحصل على قدرات تمكنها من شن هجمات إلكترونية ذات تأثير خطير.
وفقاً للورقة، فإن « ما يفاقم خطورة حصول تنظيمات معادية لإسرائيل على قدرات في مجال الفضاء الإلكتروني، هو حقيقة أن هذه التنظيمات لا تحتكم إلى اعتباراتٍ، يمكن أن تردعها عن شنّ هذه الهجمات الخطيرة على اعتبار أنها لا تمثل دولة، وبالتالي لا تخشى تبعات ردة الفعل الإسرائيلية ». توضح الورقة أن « ما يفاقم خطورة الهجمات الإلكترونية، هو حقيقة أن بعض مرافق البنى التحتية الحيوية في إسرائيل، تحديداً قطاع الكهرباء، يخضع للاحتكار من قبل شركة الكهرباء، مما يفاقم من خطورة الهجمات التي تستهدف هذا القطاع ».
وكان وزير البنى التحتية الإسرائيلي يوفال شطاينتس، قد كشف خلال مؤتمر « السايبر »، الذي نظّم في « بئر السبع » أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، النقاب عن أن شبكة الكهرباء الإسرائيلية تعرضت لهجمة إلكترونية، أفضت إلى إصابتها بشلل جزئي.
أضاف شطاينتس، أن « كلاً من وزارة الطاقة وذراع السايبر قاما بمعالجة آثار الهجمات وتم استئناف العمل في الشبكة ». وقد دحض نوعم رونفيلد، مدير عام شركة « فيريت » المختصة بأمن المعلومات مزاعم المسؤولين الإسرائيليين الذين يحاولون تهدئة المخاوف من تأثيرات الهجمات الإلكترونية. كما نقلت صحيفة « ميكور ريشون » في عددها الصادر في 26 يناير الماضي، عن روزنفيلد قوله إن « الخطوط الحربية الإسرائيلية في مجال الفضاء الإلكتروني أقيمت بشكل طبقي، ممّا يسهل اختراقها من قبل المهاجمين ».