« كلينتون لـذا غارديان: سأسمح لإسرائيل بقتل 200 ألف فلسطيني في غزة »، « حرب محتملة على غزة خلال العام »، « عجوز من غزة تتخرج من كلية علوم الحديث في جامعة الأقصى »، « منخفض عميق يضرب القطاع الأضخم منذ 80 عاماً ».. تلك الشائعات وغيرها العشرات من الأكاذيب غيض من فيض وجهت خلال الأسبوع الماضي إلى أهالي قطاع غزة.
هذه الشائعات وغيرها التي تلقفتها وسائل إعلامٍ محلية هي في واد والحقيقة في وادٍ آخر، لمتابعين ومختصين، حيث لا يوجد أصل لخبر كلينتون على صحيفة « ذا غارديان » البريطانية كما نسب الخبر، اما العجوز التي تخرجت فكانت تحتفل على طريقتها الخاصة بتخرج حفيدتها، والمنخفض الجوي الأضخم كذبة كبيرة كذبها مختصين.
الجهل والغباء عنصران مهمان في نشر الشائعات في قطاع غزة
الجهل والغباء عنصران مهمان في نشر الشائعات في قطاع غزة، حيث يكفي ان تضع أي خبرٍ على صفحتك الشخصية ليتناقله بعض هواة اللايكات والقراءات على مواقع وصفحاتهم الشخصية، بعد ذلك تتشجع وسائل الإعلام التقليدية على نشر الخبر، وبالنهاية يمر الخبر على القارئ دون تفحص وتدقيق من الأخير، ليصبح بعض المواطنين في غزة أدوات في أيدي مثيري الشائعات.
خبراء ومختصين أكدوا أن المصدر الرئيسي للشائعات التي يتعرض لها قطاع غزة، الاحتلال، وأنظمة عربية، وشخصيات منتفعة.
أستاذ الإعلام في « جامعة بيرزيت » نشأت الأقطش يوضح أن قطاع غزة يتعرض للشائعات من أطراف عدة أبرزها الاحتلال والأنظمة العربية وبعض الليبراليين الذين يستهدفون فكرة المقاومة التي يحملها القطاع.
وبين الأقطش في حديثه لـ« فلسطين اليوم » ان الشائعة هي كذبة كبيرة مبنية على حقيقة صغيرة نسبة الصدق فيها 1% والكذب والتهويل فيها 99% وتكون فكرة الشائعة تهم أكبر عدد من المجتمع المستهدف، كما ويهدف أصحابها من ورائها الحصول على أهدافٍ محددة.
الأقطش: المصدر الرئيسي للشائعات التي يتعرض لها قطاع غزة، الاحتلال، وأنظمة عربية، وشخصيات منتفعة
وأكد الأقطش على خطورة الشائعة على المجتمعات والمنظمات والأشخاص حال عدم التصدي لها، مشيراً إلى وجود إستراتيجيات عدة للتصدي للشائعة.
وقال الأقطش: المجتمع الذي تستهدفه الشائعة مقسم إلى ثلاثة فئات مؤيد للشائعة، ومعارض لها، ومحايد، ويجب التعامل مع تلك الفئات بحنكة عالية، الفئة الأولى المؤيدة للشائعة لا يجب محاورتها؛ لسبب وجيه هو أن مصالحها تتوافق مع مثيري الشائعة.
وأضاف: الفئة الثانية وهو المعارض للشائعة يجب تدعميه بالمعلومات لتفنيد الشائعة أمام المحايدين، اما الفئة المحايدة فيجب تقديم المعلومات له عبر خبراء ومختصين لتنويرها والتصدي للشائعة.
وأشار إلى أن الفكرة الرئيسية في التصدي للشائعة يجب ان تحافظ على جمهور المؤيدين للتنظيم أو الدولة أو الجماعة المستهدفة من وراء الشائعة، وضرورة إبقاء المجتمع المحايد على حياده وعدم انجراره وراء الشائعة.
الأقطش: هناك إستراتيجات عدة للتصدي للشائعات والاعلام الفلسطيني فشل في المعالجة
ولفت إلى أنه من الضروري قبل التصدي للشائعة تقيمها من جميع النواحي خاصة الانتشار، فإذا كانت منتشرة وقابلة للانتشار يجب التصدي لها، وإن كانت ضعيفة فيجب تركها لعدم إثارة الموضوع من خلال المعالجة وبالتالي قد تؤدي المعالجة في بعض الأحيان لنتائج عكسية.
وأكد أن تقديم المعلومة الصادقة عبر قنوات ومسالك قوية هي الأداة الوحيدة القادرة على إحباط الشائعة والتصدي لها.
وأوضح ان الإعلام الفلسطيني ضعيف في مواجهة الشائعة، وان نظيره الإسرائيلي الذي يعمل من خلال مؤسسات ذات اذرع طويلة تفوق عليه، مستذكراً قيام « إسرائيل » بحملة علاقات عامة كبرى استهدفت الدول غير العربية إبان استشهاد الطفل محمد الدرة، مشيراً إلى أنها نجحت أمام العالم في تبرير جريمة قتلها للطفل للدرة.
بدوره، قال خالد صافي المدون والمدرب في مجال الإعلام الجديد « قطاع غزة يتعرض لسلسلة متواصلة من الشائعات التي مصدرها الأول الاحتلال الإسرائيلي، ويحاول بث شائعاته من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ».
وأضاف صافي لـ« فلسطين اليوم »: قطاع غزة يتعرض لعديد الشائعات من بينها الحرب على غزة، وأخبار المنخفضات القوية التي قد تضرب غزة، وأسعار العملات، والشائعات التي تحيط المقاومة وخاصة شهداء الإعداد.
صافي: الرغبة في الحصرية للمعلومات ومحاولة جذب أكبر عدد من المتابعين والنقاشات دون التحقق من المعلومة والمصدر بمثابة الحبل السري للشائعات
وأوضح أن تطبيق (واتس أب) وفقاً لمتابعاته الخاصة من ابرز البرامج التي تغذي الشائعات في قطاع غزة، وذلك لأسبابٍ عدة أبرزها السرعة في النشر، ونسبة الوصول العالية من خلاله، وحجم المشتركين في التطبيق، وسهولة الاستخدام حيث بإمكان أي شخص يمتلك هاتف ذكي تحميل التطبيق واستخدامه.
وأوضح صافي إلى أن الجهل لدى كثير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في كثير من الأحيان يغذي الشائعات بشكل كبير ويعمل على نشرها، لافتاً إلى أن الرغبة في الحصرية للمعلومات، ومحاولة جذب أكبر عدد من المتابعين والنقاشات دون التحقق من المعلومة والمصدر بمثابة الحبل السري للشائعات.
ودعا صافي المدونين ومستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي إلى ضرورة توخي الدقة والحذر، وضرورة عدم النشر دون مصدر، والنظر بعين الريبة والشك لأية أخبار تصدر عن الإعلام الإسرائيلي، والأخبار التي لا تحمل مصادر وعناوين واضحة، وعدم الانجرار وراء الشهرة على تلك المواقع، وعدم استقاء الأخبار إلا من مصادرها، وفي حال نشر خبر مغلوط عدم الاكتفاء بحذف المنشور وإنما الاعتذار عن ذلك الخطأ إمام في نفس المنشور، أو في منشور لاحق لإغلاق الباب على الشائعات.
المجد الامني: وسائل إعلام محلية تساهم في نشر الأخبار الكاذبة وتشارك العدو --بدون قصد- في حربه النفسية ضد غزة
وكان موقع المجد الأمني دعا بعض وسائل الإعلام بالكف عن المساهمة في نشر الأخبار الكاذبة ومشاركة العدو الصهيوني -بدون قصد- في حربه النفسية ضد غزة.
وأوضح الموقع أنه ليس كل ما ينسب إلى صحف ووكالات عالمية صحيح، مشيراً إلى أن الكثير من المواقع الإخبارية المحلية لا تتحرى أو تتأكد من صحة الأخبار قبل أعادة نشرها.
وذكر الموقع أن الشائعات « تعتبر من أخطر الأسلحة التي تهدد المجتمعات في قيمها ورموزها، إذ يتعدى خطرها الحروب المسلحة بين الدول، بل إن بعض الدول تستخدمها كسلاح فتاك له مفعول كبير في الحروب المعنوية أو النفسية التي تسبق تحرك الآلة العسكرية؛ ولا يتوقف خطرها عند هذا الحدّ فحسب بل إنها الأخطر اقتصاديا.. والأدهى اجتماعيا ».