لا تبعد مدرسة رام الله الثانوية للبنين الكثير عن مدرسة عين مصباح في وسط مدينة رام الله، إلا أن دوام المدرستين ومنذ أسبوع مختلف تماماً، فبينما التزمت الأولى بالإضراب الشامل ولم تنتظم بها الدراسة، تفاوتت ساعات الإضراب في المدرسة الثانية.
حاله البلبلة بين المدرستين كانت نموذجا للحالة العامة، حيث انقسم المعلمين فيما بينهم بين مؤيدين للإضراب على عكس إعلان الإتحاد العام للمعلمين، وما بين رافض له تلبية لقرار رئيس الاتحاد بالالتزام بالدوام.
وخلال أيام رجحت كفة المنشقين على قرار قيادة الاتحاد وكان ذلك واضحاً من خلال المسيرة التي نظمت أمام مجلس الوزراء والتي وصفت بأنها الأضخم في تاريخ الاعتصامات التي نظمتها الحركة النقابية.
وبدأ الخلاف بين الطرفين حينما أعلن الإتحاد العام الأسبوع الفائت الإضراب التحذيري لساعات محدودة احتجاجا على عدم تطبيق علاوة بدل طبيعة عمل، ومقدراها 10 %، فكان الرد من الحكومة بتطبيق جزء منها، وهو ما فجر الخلاف بين المعلمين، بعد قبول رئيس الاتحاد لهذا الاتفاق.
عصام دبابسة، والذي استقال من الاتحاد على خلفية هذا الخلاف، قال إن أسباب الإضراب الرئيسية هي تلكؤ الحكومة وعلى مدار ثلاث سنوات بصرف مستحقات المعلمين ومتأخرات كان يجب أن تصرف منذ عامين ولم تصرف، إلى جانب قضية فتح الدرجات وعلاوة غلاء المعيشة وهي أحد قانون الخدمة المدنية التي لم تصرف للعام التالي على التوالي.
وأضاف، دبابسة خلال حديثه لـ « فلسطين اليوم »، إن حل هذه الأزمة يكون بتنفيذ مطالب المعلمين التي كفلها لهم القانون والاتفاقات السابقة، رافضا الطرح الذي أعلن عنه وزير التربية والتعليم يوم أمس بتمديد الفصل الدراسي وتأجيل امتحانات التوجيهي لبعد شهر رمضان.
وقال:« هذا ليس أسلوبا للحل، بتأجيل العام الدراسي لشهر أو شهرين لن يوقف الفعاليات الإحتجاجية، يمكن أن يؤجلها فقط ».
وأكد دبابسة أيضا على رأي المعلمين الموحد فيما يتعلق بهذه المطالب، وإن الخلاف هو بين قاعدة المعلمين وقيادة الأتحاد المنحازة للحكومة والتي فقدت الثقة في الميدان.
وخلال اليومين الماضين، اتخذ الإضراب بعدا آخر بعد تصريحات رئيس الاتحاد أحمد سحويل والذي اتهم فيها حركة المقاومة الإسلامية حماس بتسييس الإضراب ومحاولة تجيره لمصالحها.
وقال سحويل في تصريحاته التي نقلتها وسائل الإعلام عنه:« إن قيادة الكتلة الاسلامية للمعلمين أبلغته أنهم سيقومون بالهجوم على رئاسة الاتحاد وإرهاقه، مستغلين حاجات ومطالب المعلمين العادلة إذا لم يقم الاتحاد بحل اللجان الفرعية وإجراء انتخابات تقوم على أساس المحاصصة، كون حركتي »فتح« و »حماس« هما التنظيمان الاكبر في الساحة الفلسطينية، وبالتالي يمكن لهما التحكم بقطاع المعلمين ».
هذا التصريح كان له ما بعده، عندما قامت الأجهزة الأمنية بحملة اعتقالات طالت أكثر من 30 معلما من المقربين من حركة حماس.
دبابسة علق على هذه القضية قائلا:« هذا كلام غير صحيح، فهو إضراب نقابي مطلبي بحت وليس له أجندات سياسية وحزبية، ونحن نرفض أن يكون لهذا الإضراب أي توجه سياسي حزبي ».
وتابع دبابسة:« رئيس الإتحاد هو يريد أن يشوه الحقائق كي يبرر موقف الضعف الذي فيه أمام المعلمين »، مطالبا بالإفراج الفوري عن المعلمين الذين تم اعتقالهم، ـ ورافضا المساس بأي معلم على أساس الحراك النقابي المشروع لهم.
من جهته علق النائب الثاني في المجلس التشريعي حسن خريشة على هذه الاعتقالات قائلاً:« الأصل أن الإضراب مشروع للمعلمين وكفلته كل القوانين، وكل المحاولات للقول أنه إضراب مسيس غير مقبول، فهذه الاتهامات ليست بالجديدة فكل مرة تعجز بها الحكومة تقوم باتهام أجندات سياسية بالتدخل.
وتابع خريشة لـ »فلسطين اليوم« : » مطالب المعلمين لا تخضع لأي أجندات سياسية وإنما هذا حق لهم ويجب صرفها لهم، وكل من مارس الاعتقال بحقهم أساء للمعلمين، في خطوة لتبرير عجزهم وعدم القدرة على إدارة الحوار وعدم الإيفاء بما تم الاتفاق عليه في عام 2013.