أكد عيسى قراقع رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أن "إسرائيل اعتقلت ثلاثة آلاف أسير منذ بداية انتفاضة القدس التي تتواصل للشهر الخامس على التوالي.
وأوضح قراقع في تصريحات صحفية، أن الأسير محمد القيق الذي يخوض إضرابه عن الطعام وتجاوزه اليوم 83 من الإضراب ضد سياسة الاعتقال الإداري بشكل عام وضد اعتقاله بدون تهمة بشكل خاص وضعه بالغ الخطورة والتعقيد.
فقد أكد الأطباء أن الحد الأقصى لأي أسير يتناول الماء فقط هو 80 يوماً والقيق تجاوز هذا الحد بالفعل، وبالتالي فإن زمن حياة الأسير القيق في تناقص مستمر.
وكشف قراقع أن القيق يعاني مضاعفات صحية غير طبيعية من آلام في الصدر وتشنج في العضلات وارتفاع الحرارة والوهن الشديد. كما أن جسده تحول إلى هيكل عظمي ولا يسمع جيداً ونظره ضعف ولا يتكلم كثيراً إلا بصعوبة بالغة. وحذر الأطباء في مستشفى العفولة الذي يوجد فيه الأسير من أن القيق قد يدخل في غيبوبة في أية لحظة أو يتعرض لنزيف دماغي أو موت فجائي بسبب وضعه الصحي وإضرابه المستمر عن الطعام دون مدعمات وفقط على الماء.
وأكد قراقع أن اتصالات حثيثة يجريها الفلسطينيون وأطراف دولية مع الاحتلال الإسرائيلي، على مستوى منظمات حقوق الإنسان كافة، لأن إسرائيل لا تتجاوب مع هذه الاتصالات ولا مع أي من الطروحات المقدمة. ولم تعرض إسرائيل سوى عرض وحيد رفضه القيق أصلاً وهو الإفراج عنه في الأول من مايو/ أيار المقبل. لكنه طلب الإفراج في وقت أبكر ودون شروط.
واعتبر قراقع أن الأسير القيق يواجه موتاً محتماً ما لم يحدث تطور سريع ودراماتيكي في قضيته، خاصة أن الاتصالات لم تنقطع منها السياسي والقانوني والحقوقي على المستويات كافة، لكن دون أي اختراق حقيقي حتى اللحظة.
ملف الاعتقال الإداري
تصاعد ملف الاعتقال الإداري بشكل كبير منذ بداية الهبة الشعبية في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي 2015 أكثر من أي عام آخر. ووصل عدد المعتقلين الإداريين إلى أكثر من 700 أسير. ورغم أن انتقادات مؤسسات حقوق الإنسان لإسرائيل كانت كبيرة جداً إلا أن دولة الاحتلال ترفض الإصغاء أو الالتزام، حتى أن منظمات حقوق إنسان إسرائيلية اعتبرت الاعتقال الإداري جزءا من العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني، وأنه أصبح روتينا وليس أمرا طارئا كما نص عليه القانون الدولي.
واصطدمت كل الجهات التي انتقدت إسرائيل بجدار من التعنت كون دولة الاحتلال تتصرف على أنها دولة فوق القانون. ورغم أن الإضرابات الجماعية والفردية استمرت بشكل كبير ورغم إثارة هذا الملف على المستوى الدولي وتحديداً من خلال الإضراب الحالي للأسير القيق إلا أنه مستمر وبشكل كبير جداً وبات مقلقاً للغاية.
و الاعتقال الإداري هو قانون سنه البريطانيون خلال انتدابهم لفلسطين. وقد سمي آنذاك «الأوامر العسكرية وأنظمة الدفاع لحالة الطوارىء» وهي الأوامر التي طبقتها إسرائيل حرفياً حيث فرضت على المناطق المحتلة حكماً عسكرياً.
وبحسب وزارة الأسرى والمحررين الفلسطينية فقد أجاز التشريع العسكري الاحتلالي بشكل صريح الاعتقال الإداري، بل ونظم استعمال هذا الإجراء. في البداية كان التشريع يستمد صلاحيته بإصدار أوامر الاعتقالات الإدارية بموجب «أنظمة الدفاع لحالة الطوارئ» التي أقرَها الانتداب البريطاني عام 1945 لحين إقرار قانون جديد صلاحيات الطوارئ «اعتقالات» في عام 1979.
كما أن العدد الأكبر من المعتقلين الإداريين سجَل خلال الانتفاضة الأولى حيث وصل عددهم بين عامي 1987 وحتى 1994 إلى عشرين ألف معتقل إداري، في حين أصدرت المحاكم العسكرية الإسرائيلية خلال الانتفاضة الثانية أكثر من تسعة عشر ألف قرار بالاعتقال الإداري.
ووصف قراقع ملف الأسرى المرضى الملف الأكثر صعوبة على الإطلاق رغم أهمية المفات المتعلقة بالأسرى، خاصة أن نسبة إمكانية سقوط شهداء في صفوف الأسرى المرضى مرتفعة جداً.
ويتنوع المرض في صفوف الأسرى ما بين السرطان والشلل وأمراض أخرى كثيرة وخطيرة. واعتبر قراقع أنهم «شبه أحياء» خاصة أن إسرائيل تتعامل مع قضيتهم بلامبالاة مطلقة، سواء في قضية التشخيص المبكر للمرض، أو تأجيل العمليات الجراحية الطارئة لهم. وحتى الأدوية المقدمة للمرضى ليست سوى مسكنات للآلام، وهو ما يزيد من صعوبة هذه الحالات المرضية وخطورتها.
الأسرى الأطفال وعدد الأسرى في السجون
وكشف قراقع أن عدد الأسرى قفز منذ بداية الهبة الشعبية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي ليصل إلى سبعة آلاف أسير، بعد أن كان قبل ذلك حوالى أربعة آلاف. وبالتالي وخلال أشهر قليلة انضم ثلاثة آلاف أسير جديد لا سيما أن إسرائيل أعلنت مراراً عن تكثيف عمليات الاعتقال ضد الفلسطينيين وبشكل يومي.
أما الأسرى القاصرون، أي تحت سن 18 سنة، فقد وصل عددهم إلى 450 طفلاً بينما لم يكن يتجاوز قبل الهبة 130طفلاً فقط. لكن إسرائيل تواصل اعتقال الأطفال واحتجازهم في ظروف صعبة وممارسة شتى أنواع التعذيب والترهيب في محاولة للنيل منهم.
ويؤكد قراقع أن الملفات التي تتعلق بالأسرى كافة نقلت إلى المحكمة الجنائية الدولية ضمن الملفات الفلسطينية الكثيرة التي سلمت للمدعية العامة للمحكمة، لكن المحكمة ما زالت في مرحلة تدارس لهذه الملفات ولم تقرر رسمياً فتح تحقيق رسمي في كافة القضايا التي تنتهك حقوق الإنسان وعلى رأسها الأسرى في سجون الاحتلال. وكشف عن بدء ترتيبات رسمية مع لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة لعقد مؤتمر دولي خلال الشهرين المقبلين بحضور نشطاء وحقوقيين من مختلف دول العالم لنصرة ملف الأسرى وتدويله من خلال الأمم المتحدة.
كما أن هناك نشاطات ولقاءات في كل من فرنسا والجزائر على وجه الخصوص حول هذا الملف. ويتوقع قراقع عقد مؤتمر آخر مع نقابات الأردن لتفعيل قضية الأسرى على المستويين العربي والإقليمي وليس فقط الدولي لزيادة الضغط على إسرائيل في هذا الملف.