أطلقت كوريا الشمالية صاروخا بعيد المدى يحمل ما قالت إنه قمر صناعي لكن جيرانها وواشنطن انتقدوا عملية الإطلاق بوصفها اختبارا صاروخيا يتحدى عقوبات الأمم المتحدة بعد أسابيع من إجراء بيونجيانج تجربة نووية.
وقالت القيادة الأمريكية الإستراتيجية إنها رصدت صاروخا يدخل الفضاء وقال جيش كوريا الجنوبية إن الصاروخ وضع جسما في مدار.
وقالت كوريا الشمالية إن إطلاق قمرها الصناعي كوانجميونجسونج-4 الذي يحمل اسم الزعيم الراحل كيم جونج ايل تم “بنجاح تام” وإن القمر الصناعي يقوم بالدوران حول الأرض كل 94 دقيقة. وأصدر أمر الإطلاق الزعيم كيم جونج أون الذي يعتقد أن عمره 33 عاما وهو ابن الزعيم الراحل كيم جونج ايل.
ودفع إطلاق الصاروخ كوريا الجنوبية والولايات المتحدة إلى إعلان أنهما ستبحثان إمكانية نشر نظام دفاع صاروخي متقدم في كوريا الجنوبية “في أقرب وقت ممكن”. وتعارض الصين وروسيا خطوة نشر النظام الدفاعي.
ونشرت وكالة أنباء كوريا الشمالية الرسمية صورة ثابتة لصاروخ أبيض يشبه إلى حد كبير صاروخ أطلق في السابق وهو ينطلق. وأظهرت صورة أخرى كيم محاطا بمسؤولين عسكريين مبتهجين في مركز للقيادة فيما يبدو.
وكانت آخر عملية إطلاق قامت بها كوريا الشمالية لصاروخ بعيد المدى في عام 2012 ووضع ما قالت إنه قمر صناعي للاتصالات في المدار لكن لم ترصد أي إشارة قط من هذا القمر الصناعي.
وقال ديفيد رايت المدير المشارك والعالم الكبير في برنامج الأمن العالمي لاتحاد العلماء المعنيين “إذا تمكنت كوريا الشمالية من الاتصال بكوانجميونجسونج-4 فسوف تتعلم تشغيل الأقمار الصناعية في الفضاء.”وأضاف “وإذا لم يحدث فإنها اكتسبت خبرة الإطلاق وتعلمت المزيد عن إمكانات برامجها الصاروخية.”
وأطلق الصارخ في حوالي الساعة التاسعة والنصف صباحا بتوقيت سول في مسار جنوبي كما هو مقرر. وأظهرت شبكة تلفزيون فوجي اليابانية شعاعا من الضوء في السماء التقط بكاميرا على الحدود الصينية مع كوريا الشمالية.
كانت كوريا الشمالية أبلغت وكالات تابعة للأمم المتحدة بعزمها إطلاق صاروخ يحمل قمرا صناعيا لمراقبة الأرض مما أثار معارضة حكومات ترى أنها تجربة لإطلاق صاروخ بعيد المدى.
وقال سفير فنزويلا لدى الأمم المتحدة إن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ندد بعملية الاطلاق في اجتماع طارئ عقد اليوم الأحد. وتعهد المجلس باتخاذ “اجراءات مهمة” ردا على انتهاكات بيونجيانج لقرارات الأمم المتحدة.
وأضاف السفير الفنزويلي رفاييل داريو راميريز كارينو رئيس مجلس الأمن لهذا الشهر للصحفيين إن عملية الاطلاق تمثل “انتهاكا خطيرا لقرارات مجلس الأمن.”
وقالت السفيرة الأمريكية سامنثا باور للصحفيين “سوف نعمل على ضمان أن يفرض مجلس الأمن (إجراءات لها) عواقب وخيمة. تعديات كوريا الشمالية الأخيرة تتطلب أن يكون الرد أشد حزما.”
وبدأت الولايات المتحدة والصين مناقشة قرار في الأمم المتحدة بفرض عقوبات على بيونجيانج بعد التجربة النووية التي أجرتها في السادس من يناير كانون الثاني.
وكانت كوريا الشمالية أعطت في البداية إطارا زمنيا من الثامن إلى 25 فبراير شباط لإطلاق الصاروخ لكنها غيرت الموعد السبت ليصبح من السابع إلى 14 فبراير شباط للاستفادة فيما يبدو من الطقس الجيد
ووصفت الإدارة الوطنية لتطوير الفضاء في كوريا الشمالية عملية الإطلاق بأنها “حدث تاريخي في قدرة البلاد العلمية والتكنولوجية والاقتصادية والدفاعية من خلال ممارسة الحق المشروع في استخدام الفضاء للأغراض المستقلة والسلمية.”
وينظر إلى إطلاق الصاروخ والتجربة النووية على أنهما تأتيان في إطار جهود الزعيم الشاب لتعزيز شرعيته في الداخل قبيل مؤتمر الحزب الحاكم في مايو أيار وهو أول مؤتمر منذ عام 1980.
ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن سفارة كوريا الشمالية في موسكو قولها في بيان إن بيونجيانج تنوي الاستمرار في إطلاق الصواريخ التي تحمل أقمارا صناعية إلى الفضاء.
* دفاع صاروخي جديد؟
قالت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة إنه في حالة نشر نظام الدفاع الصاروخي المتقدم -الذي يسمى نظام الدفاع الجوي للارتفاعات العالية (ثاد)- في كوريا الجنوبية فلن يركز إلا على كوريا الشمالية.
كانت كوريا الجنوبية مترددة في مناقشة إمكانية نشر نظام ثاد علنا.
وقال الجنرال كورتيس سكاباروتي قائد القوات الأمريكية في كوريا الجنوبية في بيان “تواصل كوريا الشمالية تطوير أسلحتها النووية وبرامجها للصواريخ الباليستية ومسؤولية تحالفنا الحفاظ على دفاع قوي ضد تلك التهديدات… سيضيف نظام ثاد قدرة هامة في نظام صاروخي فعال ومتعدد الطبقات.”
وكررت الصين أكبر شريك تجاري لكوريا الجنوبية التعبير عن “القلق الشديد” إزاء النظام الدفاعي الذي قد تخترق أجهزة الرادار الخاصة به أراضيها.
وقال جيش كوريا الجنوبية إنه سيجري مناورات عسكرية سنوية “هي الأكثر تطورا والأكبر” مع قوات أمريكية هذا العام. وتعارض كوريا الشمالية المناورات وترى أنها مقدمة لحرب تريد أن تشنها الولايات المتحدة من أجل اسقاط نظام بيونجيانج.
ولدى الولايات المتحدة قوات يبلغ قوامها نحو 28500 جندي في كوريا الجنوبية.
وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن الولايات المتحدة ستعمل مع مجلس الأمن الدولي بشأن اتخاذ “إجراءات مهمة” لمحاسبة كوريا الشمالية على ما وصفه بانتهاك صارخ لقرارات الأمم المتحدة المتعلقة باستخدام كوريا الشمالية لتكنولوجيا الصواريخ الباليستية.
وانتشلت البحرية في كوريا الجنوبية ما تعتقد أنه هيكل يستخدم لحماية القمر الصناعي اثناء رحلته إلى الفضاء في مؤشر على أنها تبحث عن أجزاء الصاروخ أملا في التوصل إلى معلومات عن البرنامج الصاروخي لبيونجيانج وهو الأمر الذي فعلته بعد عملية الإطلاق السابقة.
وعبرت الصين عن أسفها ودعت كل الأطراف إلى التصرف بحذر والتخلي عن اتخاذ خطوات من شأنها زيادة حدة التوتر. وقالت وزارة الخارجية الصينية في وقت لاحق اليوم الأحد إنها استدعت سفير كوريا الشمالية “لتقديم تفسيرات ولتوضيح الموقف المبدئي للصين.”
والصين حليفة رئيسية لكوريا الشمالية لكنها تعارض برنامجها للأسلحة النووية.
وقالت روسيا التي وثقت علاقاتها مع كوريا الشمالية في السنوات الأخيرة إن إطلاق الصاروخ لا يمكن إلا أن يثير “احتجاجا شديدا” وأضافت أن بيونجيانج أظهرت مرة أخرى تجاهل قواعد القانون الدولي.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان “نوصي بشدة قيادة جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية (كوريا الشمالية) بالتفكير فيما إذا كانت سياسة معارضة المجتمع الدولي بأسره تتفق مع مصالح البلاد.”
وأضافت وزارة الخارجية الروسية في وقت لاحق أن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ناقش عملية الاطلاق مع نظيره الياباني فوميو كيشيدا خلال اتصال هاتفي بمبادرة من الجانب الياباني.
وقالت الوزارة في بيان إن روسيا أكدت على أهمية التحلي بالدبلوماسية في نزع فتيل التوتر في شمال شرق اسيا.
وناقش كيشيدا الأمر ايضا مع وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند. وقال هاموند إنه اتفق مع كيشيدا على ضرورة ان يتخذ مجلس الامن اجراء قويا. وأضاف ان بريطانيا سوف تستدعي سفير كوريا الشمالية لديها ردا على عملية الاطلاق.
وأدان الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون بشدة إطلاق الصاروخ وحث كوريا الشمالية على “وقف أعمالها الاستفزازية”.
وقالت رئيسة كوريا الجنوبية باك جون هاي إن إطلاق الصاروخ عمل استفزازي لا يغتفر.
وأدانت استراليا ما وصفته بسلوك كوريا الشمالية الخطير بينما قال رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي إن إطلاق الصاروخ “غير مقبول على الإطلاق” لاسيما بعد الاختبار النووي الذي أجرته كوريا الشمالية الشهر الماضي.كانت كوريا الشمالية قالت إن تجربتها النووية الرابعة كانت لقنبلة هيدروجينية. وعبرت الولايات المتحدة وحكومات أخرى عن تشككها في هذا الزعم.ويعتقد أن كوريا الشمالية تعمل على تطوير رأس حربي نووي مصغر لتضعه على صاروخ لكن كثيرا من الخبراء يقولون إنها بعيدة عن اتقان هذه التكنولوجيا.